الاب ايلي قنبر
1. حَيثُ يَكونُ كَنـزُكُم، هُناكَ يَكونُ قَلبُكُم أَيضًا
إن أَضَعتُ وُجهتي وكان لديّ بوصلة، لعَرفتُ تصحيح اتّجاهي نحو الهدف، أليسَ كذلك؟ وفي الحياة، مَن يعرف نفسه يُدرك ماذا يُريد، وكيف يصِل إليه، وبأيّ وسيلة مُتاحَة، وبأقلّ كلفةٍ، وبوقتٍ مناسِب. "إِنَّ ٱلخَلاصَ أَقرَبُ إِلَينا ٱلآنَ مِما كانَ حينَ آمَنّا"(رومة 13: 11). هذا ما صرَّح به بولس الطرسُوسيّ تذكيرًا لمؤمنات ومؤمني روما بهدَفهم في الحياة: الخلاص، إذ خلال مسَار كلّ منّا يمكن أن يتعرّض المرء إلى اختلال في توازنه الفكريّ والأخلاقيّ والالتزاماتيّ، غير أنّه بإمكانه اللُّجوء إلى تصحيح دفّة القيادة لاستعادة توازنه. هذا ما يفعله العسكريّ أثناء "المارش" بتصحيح خطوته ليَعود إلى السَير على خُطى رفاقه. وهذا ما يحصل مع رُبّان الطائرة حين يستَعين بالرُبّان الآليّ لو تعب أو فقَد التركيز أو القُدرة على القيادة بعد الدخول في مطبّاتٍ هوائيّة قويّة ومتكرِّرة، وكان زميله قد تعرَّض لِسُوء.
نحن اليوم في مرحلةٍ متقدِّمة على أكثر من صعيد، لا سيَّما في مجال الإدارة بالأهداف، مما يُسهِّل علينا إدارة حياتنا الشخصيّة أو أعمالنا أو علائقنا. نعم، "قَد تَناهى ٱللَّيلُ وَٱقتَرَبَ ٱلنَّهار"، فهلَّا استَعدنا زمام أمورنا في كلّ ثنايا المُعاش، وبأحسَن ما لدَينا من صفاتٍ مُحبَّبة؟
أينَ قلبُنا لكي نعرف مكان كنزنا؟
2. "لِنَسلُكَنَّ سُلوكًا لائِقًا كَما في ٱلنَّهارِ"
قلٍ لي كيف ترى، أَقُل لكَ مَن أنت. فإذا كنتَ مِمَّن ينتمون إلى شلّة النظام النِيُو ليبِراليّ المتوحِّش الذي لا يرى في العَيش سِوى البورصة والتسلُّط والجشَع والحروب والاحتفالات "بِٱلقُصوفِ وَٱلسُّكرِ، وَبِٱلمَضاجِعِ وَٱلعَهَرِ، وَبِٱلخِصامِ وَٱلحَسَدِ"(رومة 13: 14)، فأنتَ في اللَّيل تسلُك، دون هداية، لا تعرف مصيرك لأنّك لم تفكِّر فيه في نهاراتك النادرة. أنتَ"عايش من قلّة المَوت"، هائم على وجهك، لا ترى أحدًا ولا شيئًا من حَولك.
وإذا كنتَ خارج دائرة "المَحظيِّين" أعلاه، فأنتَ محكوم عليك بالضَياع مِثلهم، وبالاستسلام لهُم (شلّة النِيُوليبِراليِّين المتوحِّشين)، إذ يجِدون فيك عبدًا يُيَسِّر لهم مُرادهم من دون أيِّ التفاتةٍ إليك لأنّهم لا يَرَونك، أي أنتَ غير موجودٍ بالنسبة إليهم إلَّا اللَّهُمَّ كشيءٍ يستعملونه ثمّ يرمونه. أنتَ "تتوكَّل" على وَهمٍ تُسمِّيه الإلَه تغطيةً لجهلك واستسلامك القدَريّ أو السِحريّ الطفوليّ.
أمّا إذا كنتَ من جماعة "اللهُ حُبٌّ"، فرؤيتُك تختلف بالكُلِّيَّة، لأنّه هو القائل:"سِراجُ الجسدِ العَين. فإذا كانت عينُك بسيطة، فجسَدك كلُّه يكون نَيِّرًا (لوقا 11: 34)، أي ترى وتُقدِّر، وترى ولا تَحكم أو تدين. أنتَ ترى الحسَن وتُشير إليه وتُشجِّع عليه. أنت ترى إلى البَعيد، وترى التفاصيل وتُتابع المسير لِتَصِل بالأمور إلى خواتيمها السعيدة: لأن "مَن يتبعني لا يمشي في الظلام، بل يكون له نور الحياة" (يوحنّا 8: 12).
3. "فَٱدهنْ رَأسَكَ وَٱغسِل وَجهَكَ"، لِمَ ؟
حين يخرج أحدنا لمُلاقاة شخص ما، يستعدّ لِلِّقاء، ومن بين أدوات التحضير أن يظهر بوَجهٍ بَشُوش، وأن يُقبل إليه برائحةٍ فوّاحة تكريمًا واحترامًا. وفي الصيام، هذه السنة، الذي يشترك فيه المُسلمون والمسيحيّون، علينا أن نُطِلّ بأحسن ما فينا ولنا تكريمًا للإلَه الذي "إيّاه وحدَه نعبُد ولهُ وحدَه نَسجُد"، واحترامًا لأنفُسنا ولمَن نلتقي في الحياة اليوميّة. وهذا يعني أيضًا وأيضًا أن نسهر بعضنا على البعض الاخَر، وأن نعمل معًا لصالح المجتمع الذي ننتمي إليه وللكوكب الذي نحن منه وله، وأن نحرَص على تقديم الأفضل لأجيالنا اليوم وغدًا وما بعد الغد وإلى المُنتَهى. موافقات وموافِقون؟