أمام المستشفى الإماراتي في شارع ابن سينا بحي السلطان، غرب مدينة رفح، يقع منزل لأسرة فلسطينية قروية لم يخطر ببالهم أبداً أن يتحول منزلهم الذين اضطروا للنزوح عنه، إلى ساحة عملية عسكرية بين الجيش الإسرائيلي وقائد حركة حماس، يحيى السنوار، والتي انتهت باستشهاد الأخير خلال اشتباكه مع الجيش.
ويقول أشرف أبو طه، صاحب المنزل ورب الأسرة التي كانت تقيم فيه: "عشت في هذا المنزل على مدار 15 عاماً مع أسرتي، لم ننزح منه قط ولا حتى خلال الحروب السابقة، لم يجبرني عن النزوح عنه سوى اقتراب العمليات العسكرية الإسرائيلية منه وصدور أوامر إخلاء ونزوح كل جيراني في رفح".
ويضيف أبو طه إنه يعمل في نادي خدمات رفح الإداري و"ليس لي أي انتماءات سياسية"، وتابع: "كلفني بناء هذا المنزل 200 ألف شيكل (حوالي 53,800 دولار أميركي)، جمعتهم على مدار سنوات عملت فيها بالتجارة لجانب عملي كي أتمكن من شرائه، كذلك ساهم معي في دفع ثمنه ابني وأشقائي، وحينها قمت بتجهيزه على أكمل وجه، ولم أكن اتخيل أبدا أن هذا المنزل سيتحول لساحة قتال بين السنوار والجيش الإسرائيلي في يوم ما".
وعن كيفية تلقيه نبأ ما شهده منزله من حدث تحول لحديث العالم أجمع يقول: "ليست لي أي علاقة بوسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، لكن ابنتي شاهدت الصور ومقاطع الفيديو المنشورة فسارعت بعرضها عليّ وسؤالي: أليس هذا منزلنا؟"
ويضيف: "تعجبت حينما شاهدتها. لم أصدق. ولكن شقيقي بادرني بالاتصال وأخبرني أنه منزلي فتيقنت مما رأته عيناي. كذبته للوهلة الأولى وتلقيت الخبر كصدمة لا أستطيع تصديقها حتى الآن".
وأكد أبو طه أن منزله كان سليما حينما نزح عنه في السادس من أيار الماضي ولم يكن تعرض لأي قصف، وطوال هذه المدة لم يتمكن من معرفة أي معلومة عنه لأن المنطقة المتواجد بها مصنفة كـ"منطقة عمليات عسكرية خطيرة".
كانت الصور التي تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي على إثر الإعلان الإسرائيلي الرسمي عن مقتل السنوار هي أول ما عرفه النازح الفلسطيني عن منزله منذ أن غادره، ما فاقم من شعوره بالصدمة، على حد وصفه.
أما الأريكة الملونة التي ظهرت في مقطع الفيديو الذي نشره أفيخاي أدرعي، الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي باللغة العربية، وكان يجلس عليها السنوار في لحظاته الأخيرة بحسب الجيش الإسرائيلي، فيقول عنها أبو طه: "هي ذاتها الأريكة التي كنت أجلس عليها وأنا ألملم بعض الأدوات التي ستكون بصحبتي في رحلة نزوحي".
وأضاف: "هذه الأريكة قطعة من طقم جلوس أهدتني إياه والدتي لذلك له وقع خاص في نفسي، وهو ذاته طقم الجلوس الذي طالما اجتمعت عليه أفراد أسرتي على مدار 15 عاماً".