لم تمض سوى أيام قليلة على وقوع حادث سير أثار حزنا ورود فعل واسعة في الأردن، بحصده أرواح ستة أشخاص وإصابة 3 آخرين الاثنين الماضي، حتى تجدد الأمر نفسه بحادث سير آخر وقع الليلة قبل الماضية، وأودى بحياة 4 أشخاص وأسفر كذلك عن إصابة 5 آخرين.
فقد توفي 6 أشخاص وأصيب 3 آخرون بحادث مروري في منطقة العدسية باتجاه البحر الميت، عندما تدهورت شاحنة وانقلبت على 4 مركبات، بينما توفي 4 وأصيب 5 على ما يعرف بـ"شارع الستين" في مدينة السلط، وسط مطالبات باتخاذ إجراءات شاملة واستراتيجية للحد من نزيف الدماء على الطرقات.
ولأهداف عدة كان أبرزها الحدث من حوادث السير وتحقيق السلامة المرورية، صدرت إرادة ملكية في آب (أغطسطس) العام الماضي، بالموافقة على قانون سير جديد تم خلاله تشديد العقوبات على مخالفات تتسبب بشكل مباشر أو غير مباشر في إزهاق الأرواح.
ومن بين أبرز أسباب حوادث السير، هي السرعات العالية من قبل بعض السائقين، في ظل طرق يفتقر العديد منها لمواصفات ومعايير السلامة العامة، بالإضافة إلى عدم إجراء صيانة دورية للمركبات، والانشغال أيضا أثناء القيادة، لا سيما باستخدام الهواتف النقالة.
وبحسب أرقام رسمية، بلغ عدد المركبات المسجلة في الأردن، حتى نهاية العام الماضي 1930958 مركبة، بالإضافة إلى دخول 557120 مركبة أجنبية إلى أراضي المملكة في العام ذاته، بينما شهدت المملكة زيادة كبيرة في أعداد السكان والمركبات، حيث ارتفعت ملكية المركبات الخاصة مقارنة بعدد السكان، إذ إن مركبة واحدة لكل 6 أشخاص، وبلغ معدل الزيادة السنوية في أعداد المركبات 2.05% للثلاث أعوام الماضية.
وبالنظر إلى أحدث تقرير مروري سنوي صادر عن مديرية الأمن العام، فقد تم خلال العام الماضي تسجيل 170058 حادثا مروريا في الأردن، بينها 11071 حادثا نتج عنها خسائر بشرية.
ويظهر التقرير أنه نتج عن هذه الحوادث وفاة 560 إنسانا، وحدوث 826 إصابة بليغة، و6451 إصابة متوسطة، و9132 إصابة بسيطة، في حين يشير إلى أن الإنسان يعد المسبب الأكبر للحوادث المرورية في الأردن، حيث ساهم بوقوع مانسبته (96.2%) من مجموع حوادث الإصابات، في حين شكل الطريق (2.6%) والمركبة (1.2%) من مجموع حوادث الإصابات.
وبلغ معدل الوفيات الناتجة عن حوادث السير 1.5 وفاة لكل يوم، و45.1 إصابة يوميا، وكان الذكور هم الأكثر عرضة للإصابات البشرية (جرحى ووفيات) نتيجة للحوادث المرورية وبنسبة (%73.7)، إذ ساهم الذكور بوقوع (89.6%) من حوادث الإصابات البشرية.
وبلغ معدل الخطورة نتيجة الحوادث المرورية العام الماضي 0.1%، وهي نسبة مقاربة للعام الذي سبقه 2022، والبالغة 0.104%.
الكلف المالية...
وبشأن ما تتكبده المملكة من كلف مالية جراء الحوادث المرورية، يؤكد التقرير أن الأردن يخسر يوميا أكثر من 879 ألف دينار يوميا (ما يقارب مليون وربع المليون دولار)، إذ بلغ معدل الزيادة السنوية في كلفة الحوادث المرورية 0.16% للثلاث سنوت الماضية (2021 و2022 و2023).
وعلى الصعيد السنوي، بلغت كلفة الحوادث المرورية العام الماضي 321 مليون دينار (نحو 460 مليون دولار)، مقارنة بـ 322 مليون دينار في عام 2022، و320 مليون دينار في 2021 و296 مليون دينار في العام 2020.
أما فترة الذروة لحوادث السير، فيقع كل (45) دقيقة حادث مروري ينتج عنه خسائر بشرية، وكل ساعتين و(15) دقيقة يقع حادث دهس، وكل (30) دقيقة تقريبا يقع جريح بسبب حادث مروري، وكل (15) ساعة و(40) دقيقة يتوفى شخص بسبب حادث مروري.
وحسب التقرير، سجلت الفترة الزمنية (6 مساء - 11:59 منتصف الليل) أكبر عدد من حوادث الإصابات البشرية، وبنسبة 38.2% من حوادث السير العام الماضي.
وسجل في الفترة الزمنية ذاتها، أكبر عدد من حوادث الصدم والدهس وبنسبة 35% من مجموع حوادث الصدم، و45% من مجموع حوادث الدهس، في حين سجلت الفترة الزمنية (12 ظهرا - 6 مساء) أكبر عدد من حوادث التدهور وبنسبة 34.7% من مجموع حوادث التدهور.
وسجلت حوادث الإصابات البشرية التي تقع داخل المدن الرئيسية مانسبته 93.5% من مجموع حوادث الإصابات.
وشهدت العاصمة عمّان أعلى نسبة حوادث نتج عنها إصابات بشرية ، وبواقع 43.8% من مجموع حوادث الإصابات، بينما كانت أعلى نسبة في عدد حوادث الإصابات البشرية وهي 96.3%، خلال الأجواء الصافية، يليها الأجواء الماطرة.
ووقع ما نسبته 33.4% من حوادث الإصابات البشرية على الطرق ضمن حدود السرعة المقررة (40 كليو متر / ساعة).
تغليظ العقوبات...
قانون السير الجديد أثار جدلاً واسعاً عند إقراره العام الماضي، بسبب مضاعفة العقوبات المالية على مخالفات السير، حيث اعتبره البعض أقرب إلى "الجباية"، في مقابل من اعتبره ضرورة للحد من ارتكاب المخالفات الخطرة، لا سيما التي تؤدي إلى إزهاق الأرواح وحدوث إصابات خطيرة.
ورأي مختصون أن القانون الجديد هو خطوة في الاتجاه الصحيح، لرفع مستوى السلامة المرورية التي تعني المنظومة المتكاملة الهندسية والتوعية والتشريعات والتقييم والطوارئ، وأن تغليظ العقوبة سيؤدي إلى ردع كل من يخالف قانون السير.
وشددوا على أن التوعية تعد العنصر الثاني في السلامة المرورية، مطالبين بوضع منهاج تربوي مروري لطلاب المدارس لغرس قيم الثقافة المرورية في وجدان المواطن، وتكون أساسا لسلوكياته في التعامل مع عناصر المرور والطرق.