تفاقم الاوضاع في لبنان الشقيق وتنزلق الازمة باتجاه التعقيد على ضوء العدوان الاسرائيلي والقصف الهمجي على لبنان الشقيق والتمدد اقليميا , منذ شهر او اكثر، وبات الشعب اللباني الشقيق اضافة الى مليون ونصف نازح سوري ونصف مليون لاجىء فلسطيني في المخيمات الفلسطينية يعانون من الحصار والقصف الهمجي وفقدان الامان ويصاحب ذلك تدوير اللجوء الداخلي بين المناطق داخل لبنان، ويبدو ان الحفاظ على سلامة المواطن اللبناني ومن يعيش على الارض اللبنانية باتت في خطر وتضيق مع الزمن مما ادى الى النزوح باتجاه الحدود السورية .
ومن خلال متابعة المشهد اللبناني فان اسرائيل تقوم بتكرار المشهد الدموي و ما حدث في غزة, بل واستنسخت آلة الدمار الاسرائيلية اساليبا جديدة لمحاولة تمزيق لبنان وفرض السيطرة على القرار السياسي وتحييد مناطق الجنوب باعتبارها عمقا استراتيجيا لدولة الاحتلال وامتدادا لجغرافيا الجليل واصبع الجليل, وتحاول اسرائيل انشاء منطقة عازلة والوصول الى نهر الليطاني بعرض 10-20 كم وتتكرر المحاولات الاسرائيلية منذ عام 1968 عندما اغارت على مطار بيروت وعام 1976 بعد عملية دلال المغربي, وعملية الليطاني عام 1978 , مرورا بشريط سعد حداد الذي كان يشكل 10% من مساحة لبنان, وباجتياح عام 1982 وحصار بيروت واخراج الوجود الفلسطيني من لبنان وتدمير مكتب الجامعة العربية !! وتلاه عناقيد الغضب 19996 وانسحاب اسرائيل عام 2000 , وحرب عام 2006 التي ذاقت بها اسرائيل طعم الذل والهزيمة, وقد قامت اسرائيل بكل ذلك تحت حجج واهية منها طرد المقاومة الفلسطينية واللبنانية وتامين حدودها الشمالية ضمن الفكر التلمودي وفي ظل رفض وتلاعب اسرائيل المزمن منذ عام 1923 في ترسيم الحدود وقضم الاراضي اللبنانية والعربية بسبب دوافع اقليمية واثارة الفتن الطائفية لتسيطر على القرار السياسي اللبناني وتحييد الساحة اللبنانية من خلال اتفاقية سلام عرجاء .
وعلى صعيد المنظومة الصحية اللبنانية المنهكة اصلا منذ الازمة الاقتصادية عام 2019 وجائحة كورونا فان المخزون الصحي والغذائي من خلال القطاع الخاص لا يكفي لاكثر من ثلاثة شهور, ومراجعة سريعة قبل العدوان الاسرائيلي حيث حيث يعاني 80% من السكان من الفقر و هاجر ما يقارب 40% من الاطباء , وهناك 50% من المواطنين لم يتمكنوا من الحصول على الادوية, وفي عام 20120 ارتفعت الاسر التي تواجه صعوبات في الحصول على الرعاية الصحية من 25% الى 36%, ولم يتمكن 28-34 من الاطفال من تلقي الرعاية الصحية, وانخفضت حالات الاستشفاء بنسبة 30%, وتتوزع الخدمات الصحية بين 227 مركز صحي و29 مستشفى حكومي و136 مستشفى خاص موزعة على كافة المدن والمناطق اللبنانية.
ومنذ شهور يبذل القطاع الصحي اللبناني جهودا لحشد الامكانات لمواجهة الاوضاع في حال تطور الوضع في الجنوب اللبناني , وقد كان الدور الاردني وبتوجيه ملكي سباقا في انشاء جسر جوي لنقل المساعدات الغذائية والطبية لمساعدة الاشقاء في لبنان والذي جاء استكمالا لما قام به الاردن عام 1976 , وما زال الباب مفتوح لتعزيز المبادرة الاردنية الريادية من خلال مشاركة عربية ودولية و تفعيل مؤتمر الاستجابة الذي دعا اليه جلالة الملك مبكرا , وتقديم العون بشكل دائم ومستمر تجنبا لانهيار المنظومة الصحية, بل وانهيار لبنان كاملا الذي باتت مستهدفا بطريقة ممنهجة من قبل دولة الاحتلال حيث تم اخراج اكثر من 115 مركزا صحيا من الخدمة من اصل 227 مركزا عاملا وتم اخراج 13 مستشفى من الخدمة من اصل 29 مستشفى حكومي واستشهاد واصابة 100 من مقدمي الخدمة الصحية, وبذلك يتكرر سيناريو ما حدث في غزة.
ويذكر ان الطاقة الاستيعابية للمستشفيات الحكومية تبلغ 2446 سرير علما ان عدد مستشفيات القطاع الخاص تبلغ 136 مستشفى وبطاقة استيعابية 12,749 سرير، وبمتابعة المشهد اللبناني فإن آلة الحرب الاسرائيلية تستهدف بشكل ممنهج البنى التحتية للقطاع الصحي والمباني السكنية والخدمية والحكومية ومحطات الوقود والطرق والجسور في لبنان باستخدام مئات والاف الاطنان وتحت ذرائع احتلالية مضللة بوجود اسلحة ومدافع ومصادر نيران او اشخاص او ممتلكات تعود للمقاومة اللبنانية وكل ذلك ياتي في الحسابات الاسرائيلية من اجل فرض حل سياسي على لبنان في ظل صمت وتراخي عربي ودولي , وعلى الرغم من اهمية وحيوية الدور الاردني السياسي والاغاثي فانه لا بد من انشاء شبكة عربية ودولية تعمل على تعزيز الدور الاردني في مساعدة الاشقاء في لبنان خاصة وان موشرات حصول الكارثة الانسانية بدات بالتطور من خلال انهيار المنظومة الصحية والغذائية والتهجير القسري وتدفع كافة القطاعات باتجاه الهاوية .
وداخليا علينا اليقظة والانتباه للساحة الداخلية والحفاظ على مؤسسات الدولة وتعزيز الوعي الوطني والتمسك بالثوابت الوطنية الاردنية والتي تتمثل بالوطن والعرش والجيش.. وحمى الله الاردن شعبا وقيادة و وطنا عربيا عزيزا .