أرجأت محكمة الاستئناف في باريس، اليوم الخميس، النظر في طلب إطلاق سراح الناشط اللبناني المؤيد للفلسطينيين جورج إبراهيم عبد الله، المعتقل منذ 40 عاماً لإدانته بالتواطؤ في اغتيال دبلوماسيَين أميركي وإسرائيلي في فرنسا، وفق ما أفاد مصدر قضائي.
وأوضح المصدر أنّ المحكمة أرجأت النظر في الملف إلى جلسة تعقد في 19 حزيران/يونيو. وجاء في بيان صادر عن النيابة العامة أنّ غرفة تطبيق العقوبات اعتبرت أنه "ليس من الممكن في الظروف الراهنة الاستجابة لطلب الإفراج المشروط الذي قدمه جورج ابراهيم عبدالله" معتبرة من "الضروري" أن يٌسدّد "الأضرار" المستحقة للأطراف المدنية.
بموجب القانون الفرنسي، أصبح إطلاق سراح عبدالله (73 عاماً حالياً) ممكناً منذ 1999، لكن طلبات الإفراج المشروط التسعة التي تقدم بها رُفضت. ويعود آخرها الى عام 2015.
ووافق القضاء في 2013 على طلب إفراج شرط أن يخضع لقرار طرد من وزارة الداخلية الفرنسية لم يصدر يوماً.
بالتواطؤ باغتيال الإسرائيلي ياكوف برسيمانتوف والدبلوماسي الأميركي تشارلز روبرت داي في باريس عام 1982، بالإضافة إلى محاولة اغتيال القنصل العام الأميركي روبرت أوم في ستراسبورغ عام 1984.
وكان لبنان في خضم الحرب الأهلية (1975-1990) عندما شارك عبد الله في تأسيس هذه الفصائل، وهي مجموعة ماركسية مؤيدة للقضية الفلسطينية.
وبقي عبد الله في السجن، وذلك خلافا لأغلب "السجناء السياسيين" في حركة "أكسيون ديركت" (حركة "العمل المباشر" اليسارية المتطرفة)، أو سجناء سياسيين آخرين من جزيرة كورسيكا وإقليم الباسك، أو حتى أنيس نقاش الذين عفا عنه الرئيس الفرنسي آنذاك فرنسوا ميتران كبادرة للتقرب من إيران، وفاروجان غاربيديان الذي أبعد من الأراضي الفرنسية في عام 2001.
وأضاف المحامي "إذا لم تحكم المحكمة لمصلحته، سيكون ذلك بمثابة الحكم عليه بالسجن مدى الحياة".
أثناء محاكمته في 23 شباط/فبراير 1987 في قضية اغتيال الدبلوماسيَّين، بدت قاعة المحكمة أشبه بمعسكر محصّن خوفا من أي هجمات محتملة، إذ كان يشتبه وقتها بوقوفه وراء موجة من الهجمات القاتلة في باريس، إلا أنها في الواقع كانت من تنفيذ أفراد مؤيدين لإيران.
لكن اليوم، أصبح منسيّاً إلى حدّ كبير، فيما يقتصر الدعم الذي يحصل عليه من لجنة دعم صغيرة وعدد قليل من البرلمانيين اليساريين أو شخصيات مثل اني إرنو الحائزة جائزة نوبل الأدب.
وحظرت مديرية الشرطة تظاهرات مساندة له كانت مقرّرة مساء الأربعاء في منطقة باريس، مشيرة إلى أنها قد تؤدي إلى الإخلال بالنظام العام، "في السياق الاجتماعي والدولي المتوتر".
وفي تولوز على بُعد حوالي مئة كيلومتر من سجن لانميزان (جنوب) حيث يُحتجز جورج عبد الله، تظاهر حوالي 300 شخص للمطالبة بالإفراج عن الرجل الذي يعدّ أحد أقدم السجناء في البلاد.
وفي 15 تشرين الثاني/نوفمبر، منحته محكمة مكافحة الإرهاب بصيص أمل، إذ أمرت بالإفراج عنه مع ترحيله فورا إلى لبنان، وهو أمر كان يطالب به.
"رمز"
وكتبت المحكمة في قرارها أنّ جورج عبد الله هو "آخر من تبقى من المجموعة الصغيرة العلمانية والماركسية والشيوعية التابعة لـ FARL" (الفصائل المسلحة الثورية التي شارك في تأسيسها)، وينتمي إلى "التاريخ الماضي للنشاط العنيف لليسار المتطرف" اللبناني والفلسطيني والذي "لم يكن السبب وراء أي هجوم في فرنسا أو في أي مكان آخر منذ العام 1984".
لكن النيابة العامة المتخصصة في قضايا مكافحة الإرهاب استأنفت القرار، مبررة رفضها بالقول إن عبد الله "لم يتطوّر" وأن قناعاته "بقيت كما كانت".
ويعتبر محاموه أن للولايات المتحدة يدا في سجنه المستمر. بصفتها طرفا مدنيا في المحاكمة عام 1987، تحارب الحكومة الأميركية مذاك بشكل منهجي إطلاق سراحه.
ولم يوافق عبد الله أبداً على تعويض الأطراف المدنية. وعلى رغم نفيه ضلوعه باغتيال الدبلوماسيَين في باريس عام 1982، لكنه لم يدن "أعمال المقاومة" ضد "القمع الإسرائيلي والأميركي" في خضم الحرب الأهلية اللبنانية.
وأعربت نيابة مكافحة الإرهاب عن قلقها من أن عبد الله "يمثل رمزا (...) للقضية الفلسطينية".
لكن بالنسبة إلى المحكمة الناظرة بقضايا الإرهاب "هو يرمز اليوم خصوصا لرجل بقي محتجزا لأكثر من 40 عاماً، وهي فترة أصبحت غير متناسبة في ضوء الأفعال المرتكبة والخطورة التي يشكلها حاليا".