علاء محمود __ ظاهرة لا تخطئها العين باتت ظاهرة التسول في الأردن مشهدًا يوميًا مألوفًا؛ أيدٍ ممدودة وأعين تفيض برجاء صامت، تقف على إشارات المرور أو تجوب الشوارع. لكن خلف هذا المشهد المألوف تكمن أسئلة معقدة: هل هؤلاء ضحايا للفقر؟ أم أنهم أدوات تستغل عواطفنا لتحقيق أرباح سهلة؟
أرقام تسلط الضوء على المشكلة
تُظهر أرقام وزارة التنمية الاجتماعية أن عدد المتسولين المضبوطين في عام 2023 تجاوز 15 ألفًا، 70% منهم بالغون والبقية أطفال. هذه الأرقام تكشف حقيقة صادمة: التسول لم يعد مجرد انعكاس للفقر، بل أصبح مهنة تُمارس بطرق احترافية، خاصة مع وجود تقارير تشير إلى شبكات منظمة تدير عمليات التسول، مستغلة الأطفال والنساء لجني الأموال.
ما وراء الظاهرة: أسباب التسول في الأردن
1. الفقر والبطالة: مع استمرار التحديات الاقتصادية وارتفاع نسبة البطالة التي بلغت 23%، يجد البعض أنفسهم في مواجهة مباشرة مع العوز، مما يدفعهم للتسول لتأمين قوت يومهم.
2. التفكك الأسري: الأطفال الذين فقدوا الاستقرار الأسري هم الأكثر عرضة للتسول، إذ تفتقر حياتهم إلى الحماية والرعاية، ما يدفعهم للشوارع بحثًا عن ملاذ.
3. الاستغلال المنظم: كشف عدد من التحقيقات الصحفية عن عصابات تُجبر الأطفال والنساء على التسول بوسائل تهديد أو إغراء، مستغلة عواطف الناس وسذاجتهم لتحقيق مكاسب مالية كبيرة.
محاولات المواجهة: جهود حكومية مستمرة تعمل الحكومة الأردنية على التصدي لهذه الظاهرة عبر تكثيف الحملات الأمنية لضبط المتسولين، خاصة في المدن الكبرى، وإنشاء مراكز تأهيلية لإعادة دمجهم في المجتمع، إلى جانب حملات توعوية تُشجع المواطنين على دعم الجمعيات الخيرية بدلًا من إعطاء المال مباشرة للمتسولين.
رسالة أخيرة…
التسول في الأردن ليس مجرد قضية اجتماعية عابرة، بل تحدٍّ كبير يمس كرامة الإنسان وأمن المجتمع. وبينما يستحق المحتاجون كل الدعم، يجب أن نقف بحزم أمام استغلال العواطف. فالتسول ليس فقط صرخة معاناة، بل في كثير من الأحيان قناع يخفي وراءه استغلالًا منظمًا يجب أن نتكاتف جميعًا للقضاء عليه.