يلاحق الموت الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة على مدار خمسة عشر شهرًا من الابادة أكثر من غيرهم جراء معاناتهم المضاعفة في ظل تكدس قساوة المشهد الناتج عن تدمير البنية التحتية وتدمير المؤسسات المختصة بالأشخاص ذوي الإعاقة.
علاوة على غياب الموائمة الكاملة لأماكن النزوح المختلفة ولشوارع المدن التى يقول عنها الإحتلال أنها مناطق إنسانية الى جانب معاناتهم المتوازية مع معاناة النازحين بصفة عامة.
معاناة مضاعفة
وبحسب الإحصاءات قبل السابع من أكتوبر عام 2023 كان الأشخاص من ذوي الإعاقة نحو 2.6% من إجمالي سكان القطاع البالغ عددهم 2.2 مليون مواطن، وقد زادت هذه النسبة بشكل كبير في ظل تضارب الأرقام القادمة من غزة بعد انهيار النظام الصحي وتسجيل الآلاف من الإصابات التى أحدثت إعاقات كاملة لدى الكثيرين.
وبحسب الجهات المختصة فى قضايا ذوي الإعلاقة، فإن الأوضاع الميدانية لمتابعات إعاقتهم تقول إن مجموعة ذوي الإعاقة بكل فئاتهم يعانون من عدم القدرة على الهروب من منطقة إلى أخرى بسبب شدة القصف، وذلك بسبب تدمير البنية التحتية وعدم توفر الكراسي المتحركة.
فيما نوه الكثير من الأهالى ممن يمتلكون أطفالًا أو أشخاصا من ذوي الاعاقة أن ذوي الاعاقة العقلية تتركز معاناتهم في عدم إداركهم للحالة السياسية التى نعيشها، وعادة يعرضون أنفسهم للخطر حيث سجلت الكثير من حالات الاختفاء لأشخاص من ذوي الاعاقات العقلية يعتقد ذويهم أنهم توجهوا إلى المناطق الحدودية أو إلى المحاور التى يتواجد فيها جيش الاحتلال وبالتالى كانوا أهدافًا واضحة للقنص والقتل والإعدام بدم بارد .
أما أهالى ذوى الإعاقات السمعية فيعتبرون أن معاناتهم الحقيقة أن ذويهم لا يسمعون أصوات الاستهدافات المختلفة، وبالتالى لا يتوجهون لحماية انفسهم للابتعاد عن أماكن القصف أوالاستهداف وقت حدوثه وبالتالى يكونون أكثر عرضة للاستهداف من غيرهم من الأشخاص العاديين .
نزوح غير مؤهل
فيما ركز أهالي ذوى الإعاقات الحركية معاناة ذويهم في عدم موائمة كل مراكز النزوح والخيام والمدارس لذوي الإعاقة خاصة الأماكن المتعلقة باحتياجتهم الجسدية كأماكن النوم والمراحيض والشوارع، حيث لا تسير الكراسى المتحركة على الرمال والشوارع المقصوفة والتى تم تجريفها خلال الإجتياحات البرية التى طالت كل المناطق بقطاع غزة.
وبحسب استطلاع للرأي الميداني، جاء ضمن مشروع مواطنات في شراكة ما بين شبكة وطن الإعلامية وجمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية شدد المستطلعة آرائهم، أن جميع مدارس الإيواء في غزة تفتقد إلى المواءمة مع احتياجات ذوي الإعاقة وخصوصًا في المراحيض، مؤكدين أن المراكز التي كانت تهتم بهم تاريخيا قصفت وما عادت تعمل على أرض الواقع.
وطالب المواطنون بفتح معبر رفح البري وإدخال احتياجات ذوي الإعاقة الأساسية من كراسي متحركة وسماعات وأسرة وغيرها، إضافة لضرورة مواءمة مدارس الإيواء لاحتياجاتهم الأساسية خصوصا في ظل البرد القارص، ووقف الحرب بشكل فوري.
من جانبها، قالت الخبيرة الأممية الدكتورة هبة هجرس المقرر الخاص المعنى بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بالأمم المتحدة،، إن العمليات العسكرية المتوحشة فى قطاع غزة حولت حياة كل الاشخاص ذوي الإعاقة فى كل قطاع غزة إلى جحيم بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
وأضافت: "من لم يفقد حياته منهم بفعل القصف المتواصل يجد من المستحيل عليه تلبية طلبات الإخلاء لغياب آليات الإنذار والإخلاء التى تأخذ فى الحسبان احتياجاتهم وسط الدمار الهائل الذي لحق بالإسكان والبنية التحتية المدنية والركام الناتج عنه وفى النهاية قد يجد نفسه وأسرته ضحايا القصف أيضا".
ولفتت إلى، أنه رغم فقدان حياة عدد كبير من تلك الفئة إلى أن الأشخاص ذوي الإعاقة فى كل قطاع غزة فقدوا فرصتهم في الحصول على خدمات صحية وإعادة التأهيل في مخيمات اللاجئين المكتظة بسبب تدمير المستشفيات، أو انقطاع الخدمات الأساسية، أو القيود المفروضة، أو عدم إمكانية الحصول على المساعدة الإنسانية، مطالبة بضرورة تيسير وصول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وملح لأهالي قطاع غزة دون قيد أو شرط، بما فيها تلك المساعدات التى تعمل على تلبية احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، من مواد غذائية ومياه شرب نقية وأدوية وأجهزة تعويضية وأدوات مساعدة .
وأعربت هبة هجرس، عن تقديرها البالغ لجهود الإغاثة التى بذلتها وتبذلها الهيئات والجهات المعنية منذ انطلاق الحرب وحتى اليوم، موضحة أنها تآمل أن تتبع الجهات المعنية بالإغاثة داخل قطاع غزة آليات أكثر حساسية لاحتياجات الأشخاص ذوي الاعاقة كونهم الأكثر تضررا مما يحدث والأكثر عرضة لفقد الحياة وتدهور الصحة وصعوبات الحياة اليومية، فضلا عن أن معدلات نسب الأشخاص ذوي الإعاقة تزداد بشكل مضطرد فى هذه المنطقة بسبب طول مدة العمليات العسكرية وغياب أليات الإغاثة المناسبة وغياب منظومة خدمات صحية مناسبة وطبيعة الظروف المعيشية القاسية التي يعيشها الجميع وتسبب في إصابة الكثيرين بإعاقات مختلفة.
انتهاك مضاعف
وأشارت إلى، أن الأشخاص ذوي الإعاقة هم من يدفعون أغلي ثمن للحرب، واستمرار العمليات العسكرية بما له من تداعيات كارثية بالغة الخطورة على الأشخاص ذو الإعاقة، يعد استمرارا لانتهاك مضاعف لحقوق الإنسان لكونهم مدنيين ولكونهم أشخاص ذوي إعاقة، وفقا لكل المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وما جاء في الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في المادة 11، وقرار مجلس الأمن رقم 2475 بشأن طرق حماية الأشخاص ذوي الإعاقة أثناء النزاعات المسلحة.