كشف برنامج التحقيق “BBC Verify” التابع لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” أن المنطقة التي دعا جيش الاحتلال الإسرائيلي المدنيين إلى الانتقال إليها “لضمان سلامتهم” تعرضت لـ 97 غارة جوية إسرائيلية منذ أيار/مايو الماضي.
وتُعدّ هذه المنطقة، التي تمتد على شريط ساحلي، واحدة من أكثر المناطق اكتظاظاً بالسكان، إذ يقطنها أكثر من مليون شخص في الخيام وفي ظل بنية تحتية متداعية وإمكانية محدودة للوصول إلى المساعدات، وفقاً لتقديرات المنظمات الإنسانية الدولية.
وتشير البيانات إلى أن الغارات الجوية قد تصاعدت بشكل ملحوظ منذ بداية أيار/مايو 2024، إذ سُجلت 22 ضربة على الأقل في وقتٍ مبكر من هذا الشهر فقط. وبحسب وسائل إعلام فلسطينية، أسفرت هذه الهجمات عن استشهاد أكثر من 550 شخصاً.
وقال جافين كيليهر، مدير الوصول في غزة بالمجلس النرويجي للاجئين، إن “هناك ضربات شبه يومية داخل المنطقة، سواء من السفن الإسرائيلية وطائرات رباعية المراوح أو طائرات من دون طيار صغيرة”، مضيفاً أن “إطلاق النار يتكرر في هذه المنطقة، رغم تصنيفها من قِبل إسرائيل بأنها “منطقة إنسانية من جانب واحد”.
وتابع كيليهر، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي “حريص على الحفاظ على وهم المنطقة الإنسانية التي تظل بحجم معين، ومع ذلك، فإن هذه المنطقة يمكن أن تكون عرضة لأوامر الإخلاء في أي وقت، وقد تكون مستهدفة”.
ولفتت هيئة الإذاعة البريطانية، إلى أنّه رغم تجنّب جيش الاحتلال استخدام مصطلح “المنطقة الآمنة”، فإن تصريحاته دفعت المدنيين إلى تفسير مصطلح “المنطقة الإنسانية” على هذا النحو.
وقالت جولييت توما، من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”: “قلنا ذلك مراراً وتكراراً، لا توجد منطقة آمنة في غزة، لا يوجد مكان آمن، لا أحد آمن، لا يوجد مكان بمنأى عن الخطر”.
ويشار إلى أن جيش الاحتلال دفع أهالي قطاع غزة إلى النزوح القسري نحو ما سمّاه “المناطق الآمنة أو الإنسانية” في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، متذرّعاً أن جنوبي قطاع غزة “مساحة آمنة”.
وقلّص جيش الاحتلال مساحة “المناطق الآمنة” من 230 كيلومتراً مربعاً إلى 36 كيلومتراً مربعاً، وبات نحو 1.7 مليون نازح يعيشون على 10% فقط من إجمالي مساحة القطاع من دون أي خدمات.
وتقع معظم “المساحة الآمنة” الجديدة التي يزعمها الاحتلال في محافظة دير البلح وسط القطاع، وجزء بسيط في منطقة المواصي الإنسانية، وبسبب النزوح تحوّلت محافظة الوسط إلى بؤرة سكانية لا مثيل لها في العالم ولا في التاريخ.