بين ركام المنازل المدمرة وصرخات المرضى في المستشفيات المنكوبة، يعيش أهالي قطاع غزة أيامًا صعبة، حيث تتفاقم الأزمة الإنسانية يومًا بعد يوم، في ظل تعنت الاحتلال الإسرائيلي واستمراره في عرقلة إدخال المساعدات الإغاثية والطبية العاجلة، وعلى الرغم من الاتفاقيات الدولية التي تضمن تدفق الإغاثة الإنسانية وفقًا للبروتوكول الموقع ضمن اتفاق وقف إطلاق النار، يصر الاحتلال على خنق القطاع وتجويع سكانه، ضاربًا بعرض الحائط كل القوانين والأعراف الدولية.
تعهدات بلا تنفيذ
ووفقًا للبروتوكول الإنساني كان من المفترض إدخال 60,000 كرفان و200,000 خيمة لاستيعاب مئات الآلاف من النازحين، بالإضافة إلى 600 شاحنة يوميًا محملة بالمساعدات الغذائية والطبية والوقود، إلا أن الاحتلال لم يلتزم بهذه التعهدات، حيث يتعمد تأخير دخول الشاحنات، ويضع عراقيل أمام إدخال المعدات الطبية والإنسانية، مما يضاعف من معاناة سكان القطاع الذين يواجهون خطر المجاعة وتفشي الأمراض وعدم توفر المأوى. وفق ما ذكر المكتب الإعلامي الحكومي.
مصادر إعلامية كشفت أن مخازن الهيئة الخيرية الهاشمية الأردنية تضم 50,000 خيمة جاهزة، إلا أن الاحتلال يمنع إدخال الخيام ذات الهياكل الحديدية، والتي تشكل النسبة الأكبر من المساعدات، بينما يسمح فقط بدخول الخيام المصنوعة من الخشب والبلاستيك، رغم عدم ملاءمتها لاحتياجات النازحين في ظل الأوضاع الجوية القاسية.
كارثة صحية وشيكة
وفي القطاع الصحي، دقت وزارة الصحة ناقوس الخطر محذرة من انهيار تام في الخدمات الطبية، مع نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الأساسية. مدير المستشفيات الميدانية أكد أن ما يصل من مساعدات لا يلبي سوى جزء بسيط من الاحتياجات، بينما تعاني مستشفيات رئيسية مثل العودة وكمال عدوان والإندونيسي من توقف شبه كامل عن العمل.
وكيل وزارة الصحة، يوسف أبو الريش، أكد أن المساعدات الطبية التي تدخل لا تغطي سوى 20% من الاحتياجات العاجلة، متهمًا الاحتلال بالتلاعب في قوائم الأولويات، وتأخير إدخال المعدات الطبية الضرورية لإبقاء القطاع تحت حصار خانق يمنع إعادة بناء المنظومة الصحية.
أرقام صادمة
وبحسب المرصد الأورومتوسطي، فإن الأوضاع الإنسانية في غزة لا تزال كارثية رغم مرور أكثر من أسبوعين على اتفاق وقف إطلاق النار. فقد دخلت 8,500 شاحنة منذ الاتفاق، لكن 35% فقط من هذه المساعدات وصلت إلى شمال القطاع، وهو ما يمثل أقل من نصف الاحتياجات اليومية. كما وصلت 9,500 خيمة فقط من أصل 120,000 مطلوبة، ومعظمها من النوع الرديء الذي لا يفي بالغرض.
دعوات دولية عاجلة
وفي ظل هذه الأوضاع الكارثية، حذر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة من تداعيات خطيرة تهدد حياة آلاف المدنيين، محمّلًا الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة عن استمرار هذه المعاناة.
ودعا الأطراف الدولية والجهات الضامنة إلى اتخاذ إجراءات فورية لضمان تدفق المساعدات دون قيود أو شروط، مطالبًا بتحرك عاجل لإنقاذ أرواح الأبرياء ووقف الكارثة الإنسانية التي تتفاقم كل يوم.