حماس ، فتح ، فلسطين ، اسرائيل
كلما اقترب الحديث عن اتفاق هدنة في غزة يُنهي الحرب الإسرائيلية هناك، يتطلع الفلسطينيون أكثر إلى تنفيذ حركتي "فتح" و"حماس"الاتفاق المتعلق بإدارة القطاع في المرحلة التالية للحرب، وسط هاجس مستمر حول إمكانية تطبيقه، لا سيما أنه ليس الأول، ويأتي بعد اتفاق في الصين عُقد في 23 تموز (يونيو) الماضي بحضور ممثلين عن 14 فصيلاً فلسطينياً، رفصه لاحقاً الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وفق مصدر فلسطيني مطلع.
عباس وافق على اللجنة، لكن الشكوك مستمرة حول نوايا إسرائيل بعرقلته، فما تفاصيل هذا الاتفاق، ومن يُدير القطاع بعد الحرب، وأي دور محتمل لـ"حماس" في غزة؟
تتضمن مسودة الاتفاق تشكيل "لجنة الإسناد المجتمعي"، وتقوم على إدارة شؤون القطاع ومرجعيتها الحكومة الفلسطينية، وهي مسؤولة عن كافة المجالات بما يشمل الإغاثة ومعالجة آثار الحرب والإعمار.
يشير الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني إبراهيم المدهون إلى عدم معارضة "حماس" تحمل السلطة الفلسطينية مسؤولية هذه اللجنة الإدارية في القطاع، على أن تتوقف الحرب، لكن الاتفاق لم يُجب عن جميع الأسئلة، ومنها مسؤولية هذه اللجنة التي سترعاها السلطة الفلسطينة وستحدد شخصيات بعيدة عن كل الاحزاب، تكون من التكنوقراط لا ارتباط لها بحركتي "فتح" و "حماس"، ويتم مراقبتها.
ما إيجابية هذا الاتفاق؟
يقدم الاتفاق، وفق المدهون، رؤية فلسطينية موحدة بين "حماس" و "فتح" إلى المجتمع الدولي والإقليمي، من أجل الإجابة عن سؤال عن الواقع ما بعد الحرب، ويوحد الحالة الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة، وينشئ خطوة أولى سليمة نحو برنامج موحد يصلح النظام الفلسطيني الداخلي، وتحديداً دور منظمة التحرير الفلسطينية ومهامها.
السلطة مدركة أن ثمة خطورة آتية عليها وعلى الضفة الغربية بسبب قرار الضم الذي يتبناه الرئيس الأميركي المتخب دونالد ترامب، ويلاقيه أيضاً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والوزيرين بن غفير وسموتريتش. لذلك، قد تنتقل المواجهة إلى الضفة، وهذا يحتاج إلى رؤية فلسطينية كاملة.
يقول المدهون لـ"النهار": "لا تسعى ’حماس‘ للسلطة، وهي موجودة في المكون الفسطيني وبرنامجها وأولويتها هي المقاومة، لكنها الآن معنية بوقف الحرب، والرئيس عباس يرتب لمرحلة ما بعده في السلطة، وقام بتعيين رئيس المجلس الوطني كمرحلة انتقالية لا خياراً لرئيس جديد للسلطة في المستقبل، ولا بد لأميركا من أن تكون موافقة على هذه الخطوات".
ما هو المفهوم القانوني؟
يقةل فراس ياغي، الكاتب المتخصص في الشان الإسرائيلي والفلسطيني، إن المسالة الأساس في لجنة الإسناد مرتبطة بمحاولة سحب الذرائع من نتنياهو الذي يطرح إلى تحقيق أهداف الحرب، وأحدها هو ألا يكون هناك حكم لـ"حماس" في مرحلة ما بعد الحرب على غزة، "لذلك بذل المصريون جهودهم ليكون هناك دور للسلطة الفلسطينية في القطاع، وهذا الدور سيكون فرعياً ليس مركزياً، لأن سيكون للجنة شخصية إدارية وميزانية، وتتعاون مع الدول المانحة والمجتمع الدولي".
أهم دور تقوم به اللجنة، بحسب ما يقول ياغي لـ"النهار" هو لجهة "المفهوم القانوني"، بربطها بمرجعية الحكومة الفلسطينية، "وبإصدار عباس مرسوماً رئاسياً تعني أن هناك وحدة جغرافية وقانونية وإدارية بين قطاع غزة والضفة الغربية، وبالتالي لا فصل بين غزة والضفة كما يحاول لنتنياهو أن يقوم به".
ووفق ياغي أيضاً، يدرك المصريون محاولة تصفية القضية الفلسطينية بفصل الضفة عن غزة، "لذلك جاءت هذه اللجنة لتقول للأميركيين والإسرائيليين بأن لا حكم لـ’حماس‘ في غزة، بل لجنة مستقلة من المستقلين والمهنييين وشخصيات اجتماعية من غزة هي التي ستقود القطاع، وفي نفس الوقت ستكون مرجعيتها الحكومة والسلطة الفلسطينية، أي أنها ليست بعيدة من حيث المفهموم القانوني عن الارتباط بالضفة والقدس الشرقية، باعتبار أن الدولة الفلسطينة مرتبطة بهذا المفهوم".
من يقرر... "فتح" أم "حماس"؟
الموقف المصري الضاغط بهذا الاتجاه يؤكد للأميركيين وللمجتمع الدولي أن إسرائيل وعبر صفقة تبادل الأسرى تحقق هدف الإفراج عنهم أولاً، وثانياً، تحقق إسرائيل عبر تشكيل هذه اللجنة مسالة عدم حكم "حماس" للقطاع. أما الناحية الأمنية فتبقى بعيدة عن اللجنة، إذ للموضوع الأمني نظرة وترتيبات أخرى، واللجنة مسؤولة عن الإيواء وتقديم الخدمات وإغاثة أهالي غزة.
القضية الأساس تكمن في انه منذ الانقسام في عام 2007، لم يصل الفلسطينيون إلى وحدة حال في حواراتهم، والحكومة المشلكة في رام الله ليست حكومة "فتح" وحدها بل فيها رجال أعمال مستقلون، والهدف تكون منظمة التحرير الفلسطينية هي المرجعية لعمل لجنة الإسناد، كون المنظمة هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني المعترف به، إقليمياً ودولياً، كما يؤكد ياغي.
خروج "حماس" من غزة... دائم أم مؤقت؟
يرى ياغي أن "حماس" وافقت على التخلي عن إدارة القطاع من خلال التفاهم مع "فتح"، وعلى تشكيل اللجنة وطبيعتها التي ستقود القطاع، "فحين نتحدث عن مستقلين وتكنوقراط، فهؤلاء لم يكونوا بعيدين عن المرجعيات السياسية والاحزاب".
وستخرج "حماس" في الوقت الحالي من المشهد خروجاً مؤقتاً، باعتبار أن خروجها يساعد في إعادة إعمار قطاع غزة والتسريع في انسحاب إسرائيل من غزة، ويساعد أيضاً في تفعيل الحشد الإقليمي والدولي لإعادة بناء القطاع المدمر بالكامل. كما سيكون لـ"حماس" مكتسبات في الصفة الغربية أكثر من غزة، لأن الوضع مختلف بين الضفة وغزة. ففي القطاع يريدون نظاماً سياسياً جديداً يوافق عليه الإقليم والمجتمع الدولي، ولا يريدون أن يفرض حصار جديد عليهم، ووجود "حماس" سيكون حجر عثرة نظراً للموقف الإقليمي والدولي من الحركة.
ويختم ياغي: "في حال نجحت اللجنة في تنفيذ مهماها ونالت غطاءً إقليمياً ودولياً وأممياً، فلن تستطع إسرائيل الفصل بين غزة والضفة حتى لو احتلتهما، وقد أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي قراراً ينص على أن الضفة الغربية وغزة والقدس الشرفية واقعة تحت الاحتلال، وعلى الأمم المتحدة اتخاذ الإجراءات الملائمة لإنهاء هذا الاحتلال في غضون عام".