في إطار تنفيذ بنود وقف إطلاق النار الموقَّع بين المقاومة الفلسطينية و"إسرائيل"، تسلَّم الصليب الأحمر اليوم الخميس جثث أربعة أسرى "إسرائيليين" في قطاع غزة، حيث دخلت خمس سيارات تابعة للصليب الأحمر إلى موقع التسليم في مقبرة الشهداء بمنطقة بني سهيلا في خان يونس جنوبي القطاع. وبعد التوقيع على وثيقة مع ممثل للمقاومة، تسلَّم الصليب أربعة توابيت حمل كلٌّ منها صورة واسم الأسير "الإسرائيلي" القتيل، وتاريخ مقتله، وعبارة "قُتِل على يد جيش الاحتلال".
مشاهد تسليم التوابيت حملت العديد من الرسائل، لا سيما للحكومة "الإسرائيلية"، وعلى رأسها بنيامين نتنياهو، مفادها أن الأسرى الإسرائيليين المتبقين في قطاع غزة لن يخرجوا إلا بصفقة تبادل، وإلا فسيخرجون في توابيت سوداء كما خرج الأسرى الأربعة.
دلالات التسليم
الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا، قال إن "الصناديق السوداء" تعود لأول مرة رسميًا ضمن صفقة تبادل، مصوَّرة وبالبث المباشر، مبينًا أن هذه التوابيت تحتوي على جثامين أسرى قتلهم الاحتلال خلال غاراته على غزة عمدًا.
وأوضح القرا، في حديث لوكالة "شهاب"، أن الموقع الذي تم فيه تسليم الجثامين يحمل دلالات عميقة، حيث تم التسليم في خان يونس، بالقرب من منطقة أعلن الاحتلال سابقًا أنه عثر فيها على جثث أسرى، مشيرًا إلى أن هذا المشهد يعيد تسليط الضوء على أكاذيب نتنياهو وجيشه حول مصير بعض الأسرى، ويفضح تناقض رواياتهم.
وأضاف أن تسليم جثامين الأسرى حمل معلومات حساسة حول السابع من أكتوبر، موضحًا أن هذا التسليم تضمن رسائل بشأن مصير بعض الجنود والضباط الذين لا يزال الاحتلال يفاوض بشأنهم في المرحلة الثانية، مما يعمّق الغموض حول خسائره ويزيد من الضغوط الداخلية عليه.
نتنياهو في مأزق
وأشار القرا إلى أن نتنياهو حاول استباق الضربة الإعلامية بالضغط على المقاومة لمنع بث مراسم التسليم أو الكشف عن تفاصيل إضافية، لكنه فشل في ذلك.
وبيَّن أن رئيس وزراء الاحتلال سارع إلى التقليل من أثر الحدث، مهيئًا الرأي العام الإسرائيلي بقوله: "الحزن سيسود غدًا عند عودة الجثامين".
وأوضح الكاتب القرا أن الرسالة الأهم في هذا التسليم هي أن الاحتلال، الذي يدّعي "الحرص على استعادة أسراه"، هو ذاته الذي قتلهم بقصف مباشر في غزة، مضيفًا أنه يجد نفسه الآن مضطرًا لاستلامهم من المقاومة، وسط تساؤلات محرجة أمام مجتمعه.
المقاومة جاهزة للمرحلة الثانية
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي أحمد غنيم إن حركة حماس كانت واضحة منذ اليوم الأول للحرب بأنه لا إفراج عن الأسرى "الإسرائيليين" إلا بصفقة تبادل، مضيفًا أن نتنياهو رفض هذا الطلب واستمر في الحرب على غزة.
وأوضح غنيم، لوكالة "شهاب"، أنه في نهاية المطاف، استجاب نتنياهو لما تريده حماس، فخرج أسراه بصفقة، والجثامين بتوابيت. وشدد على أن تسليم جثامين الأسرى اليوم له وقع شديد على الشارع الإسرائيلي، لا سيما أن هؤلاء الأسرى قُتلوا على يد جيش الاحتلال.
وأضاف أن تسليم المقاومة للجثامين في خان يونس حمل رسائل لكل الأطراف بأنه لا مجال للأسرى إلا استمرار تنفيذ الصفقة، مبينًا أن المقاومة أثبتت جديتها والتزامها بكل بنود الاتفاق.
وأوضح أن المقاومة الفلسطينية مستعدة لاستكمال الصفقة وجاهزة لإتمام مراحلها، مشيرًا إلى أن نتنياهو يحاول التهرب من استحقاقات المرحلة القادمة بكل الوسائل والطرق.
تفاصيل تسليم الجثامين
وقال أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام - الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) - أمس، إن الكتائب ستسلّم، برفقة سرايا القدس - الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي - جثامين عائلة بيباس وجثمان الأسير عوديد ليفشتس.
وأوضح أن الأسرى كانوا جميعًا على قيد الحياة، وذلك "قبل قصف أماكن احتجازهم من قبل طائرات الاحتلال الصهيوني بشكل متعمد".
وأُسر ياردن بيباس خلال عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ونُقل مع زوجته شيري وطفليهما كفير وأرئيل إلى غزة.
وأفرجت كتائب القسام عن ياردن بيباس مطلع الشهر الحالي في إطار عملية تبادل الدفعة الرابعة من الأسرى ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة مع "إسرائيل".