في وقت بدأ الجيش الإسرائيلي مهاجمة مراكز القرض الحسن ومؤسسات اقتصادية مهمة لحزب الله، يمثل العامل المالي جزءاً كبيراً من قدرة الحزب على الصمود، وقد يكون مساوياً في أهميته للعامل العسكري.
منذ اندلاع "جبهة الإسناد" راح الحزب يعزز أكثر قدراته المالية، كما أشار إلى ذلك تقرير لـ "مؤسسة جيمس تاون" في آذار (مارس) الماضي. تستند هذه القدرات بشكل أساسي (لا حصري) إلى الذهب والسيولة. إن الاعتماد على السيولة، ولو لم يكن يجسد كامل النشاط الاقتصادي لـ"حزب الله"، قد يمثل في إحدى النواحي نقطة ضعف كبيرة لديه. يحتاج الحزب إلى مراكز محددة لتخزين تلك السيولة. وإذا انكشفت هذه المراكز أو بعضها فستكون عرضة للاستهداف.
ويشير خبراء ماليون من بريطانيا، لـ"النهار"، إلى أن مؤسسة القرض الحسن خارجة عن النظام المصرفي الرسمي وغير حاصلة على ترخيص من البنك المركزي. تعمل هذه المؤسسة بشكل رئيسي من خلال إعطاء القروض المالية مقابل رهن كميات من الذهب تفوق قيمتها بنحو ثلاثة أمثال قيمة القرض. في عمليات الاستهداف لتلك المستودعات، من المحتمل أن يكون المتعاملون مع المؤسسة قد خسروا الذهب، مع الإشارة إلى وجود صعوبة في تقدير طبيعة الأضرار التي قد تحل بالذهب وقيمته المتبقية وما إذا كان بالإمكان الحفاظ على سجلات أصحابها وفق الخبراء أنفسهم.
ويقدّر الخبراء أنفسهم أن هناك نحو 10 مليارات دولار تدور في الاقتصاد الموازي داخل لبنان. يدور القسم الأكبر منها في "الفلك" الأوسع للحزب. لكن في ما يخص الدائرة الضيقة المباشرة له، فينخفض هذا التقدير ليتراوح بين مليار و3 مليارات دولار.
يتحدث الخبراء الماليون أنفسهم عن وجود صعوبة في تقييم الأضرار وانعكاساتها الميدانية. لكن نظرياً، يشيرون إلى أن المقاتلين يحتاجون إلى الرواتب الشهرية لإعالة عائلاتهم، بخاصة في ظل الحرب التي فرضت عليهم النزوح إلى مناطق أكثر أمناً. حتى في الأوضاع الطبيعية، ثمة عائلات كثيرة تنتظر المخصصات المالية في آخر أو مطلع كل شهر لتلبية احتياجاتها الأساسية. والأمر نفسه تقريباً يسري على المؤسسات الصحية والاجتماعية والتعليمية الأخرى التابعة لـ "حزب الله" مثل مدارس وكشافة المهدي.
يعتقد الخبراء الماليون أنفسهم، في حديث إلى "النهار "، أن "حزب الله أمام أزمة مالية ملحة قد تطرأ في المرحلة المقبلة إن لم يكن في الساعات المقبلة"، على مشارف تشرين الأول (أكتوبر)، وهو موعد تحويل المستحقات المالية المعتادة عند مطلع كل شهر. هل تصح هذه التوقعات؟ أم أن الحزب تمكن من حماية القسم الأكبر من سيولته في مواجهة التعقب والضربات الإسرائيلية؟
التقرير منشور سابقاً في النهار تحت عنوان : "هل تصمد قدرات "حزب الله" المالية خلال الحرب؟"