زعيم المقاومة في غزة يلقى ربه شهيدا في الخطوط الأمامية من القتال مع العدو"، عنوان عريض يتصدر محركات البحث، وهل يليق بقائد "حماس" يحيى السنوار غير تلك الشهادة؟
صبيحة السادس عشر من تشرين الأول/أكتوبر 2024، يروي جيش الاحتلال -دون أن نثق بذلك-، أنه رصد ثلاثة أشخاص في منزل بمنطقة تل السلطان في رفح جنوبي قطاع غزة، واشتبه بهم.
عند الثالثة من عصر اليوم ذاته، يبدأ اشتباك مسلح بين الشخصيات الثلاثة وجنود من جيش الاحتلال، قبل أن تطلق دبابة تابعة لجيش الاحتلال نيران مدفعها باتجاه المبنى الذي يتحصن فيه السنوار ورفاقه، ليتبع ذلك إرسال طائرة "درون" إلى الموقع، وترصد الشهيد السنوار ملثما دون التعرف إلى هويته.
بدأ السنوار المضرج بدمائه بعد إصابته من جراء قذيفة مدفعية الدبابة في يده، محاولة إسقاط "الدرون" عن طريق عصا، إلى جانب إلقاء قنابل يدوية على قوات الاحتلال، قبل أن تطلق الدبابة قذيفة أخرى على المبنى.
وفي صباح السابع عشر من تشرين الأول/أكتوبر، بدأ جيش الاحتلال مسح المنطقة ليجد جثامين الشهداء الثلاثة، قبل أن يشتبه بأن أحدهم يشبه السنوار الذي كان الوصول إليه حلما بعيد المنال بالنسبة لهم، لاعتقادهم أنه لا يفارق الأنفاق، وهو ما أثبت عكسه السنوار باستشهاده "مقبلا غير مدبر".
تكشف صور ملتقطة لمقتنيات السنوار عقب استشهاده، أنه كان يحمل ورفاقه الشهداء، كُتيبا للأدعية النافعة، إلى جانب كُتيب للأذكار النبوية اليومية، و"مسبحة" وعلبة صغيرة من العطر، إلى جانب هويات وأسلحة رشاشة وذخائر وقنابل يدوية".
ويرى المحلل السياسي الأردني، حازم عياد، أن الاحتلال حاول أن يقدم صورة نصر عبر خطاب رئيس حكومته بنيامين نتنياهو الذي ألقاه مساء أمس الخميس، في أعقاب إعلان جيش الاحتلال عن استشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، يحيى السنوار.
وقال عياد لـ"قدس برس" إن "نتنياهو لا يستطيع أن يتحدث عن نصر، دون أن ينهي المقاومة في أرجاء قطاع غزة كافة".
وأوضح أن "نتنياهو يحاول أن يسوّق نصرا كبيرا داخل الاحتلال يتعلق بشخصه، ويحاول أن يقدم تصورا للمرحلة المقبلة يتعلق بفرض السيطرة على قطاع غزة".
وأشار عياد إلى أن "نتنياهو يسعى في هذه المرحلة لتسويق قوته، إلا أن الأيام القادمة والطريقة التي ستتعامل معها المقاومة مع طموحات نتنياهو، هي تحدد إذا ما كان نتنياهو أنجز شيئا، أو أن جُلّ ما حققه إضافة السنوار إلى قائمة الشهداء".
وبحسب عياد، فإنه "يبدو أنه كان أمرا مفاجئا وصادما بالنسبة لقادة الاحتلال أن يجدوا السنوار يقاتل في الخطوط الأمامية".
وأكد أن "نتنياهو يشعر بالانتشاء والارتباك في آن واحد، بشأن كيفية تعامله مع المرحلة المقبلة، خاصة أنه يعد السنوار هدفا كبيرا وعنواناً من عناوين الانتصار على المقاومة في غزة".
وشدد عياد، على أن "كل ما يُعلن من خطط للاحتلال مجرد أحداث لحظية، والمقاومة من ستقرر حقيقة المسار التي ستدير فيه المشهد خلال الفترة القادمة".
ورغم الخطاب المنتشي لنتنياهو، إلا أن هناك الكثير من التعقيدات التي ستواجهه في المرحلة المقبلة، لإيجاد مخرج من هذه الحرب، بحسب عياد الذي بيّن أن: الحديث عن عودة الأسرى ليس مخرجا من هذه الحرب".
ووفقا لعياد، فإنه "لا يمكن القول إن نتنياهو صاحب الكلمة الأخيرة، لأن المقاومة الفلسطينية فاعلة على الأرض، وتملك الأسرى وستقرر كيف سيكون المسار في المرحلة المقبلة".
ونوه بأن "المعركة مستمرة، وهناك مسار للتفاوض يجب أن يمر به نتنياهو، وأن يتعامل مع شروط المقاومة".
وتساءل عياد، عن أنه "إذا كان السنوار استشهد مشتبكا في الميدان بعيدا عن المستشفيات والمدارس وخيام النازحين، فما مبررات استهداف المدارس وخيم النازحين؟"
كما أكد عياد أيضا، أن "استشهاد السنوار أكبر دليل على أن استهداف المستشفيات والمدارس وخيام النازحين جريمة حرب مكتملة الأركان".
وفي 30 تموز/يوليو الماضي، أعلنت حركة "حماس" اغتيال رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، إثر "غارة صهيونية غادرة على مقر إقامته في العاصمة الإيرانية طهران، بعد مشاركته في تنصيب الرئيس الإيراني الجديد.
وبعد ذلك، أعلنت "حماس"، يحيى السنوار رئيسا للمكتب السياسي للحركة، خلفا لإسماعيل هنية.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، مدعوما من الولايات المتحدة وأوروبا، منذ 378 يوما، عدوانه على قطاع غزة، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة إلى استشهاد 42 ألفا، و438، وإصابة 99 ألفا و246 آخرين، ونزوح 90% من سكان القطاع، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة.