تواجه إسرائيل ضغوطًا متزايدة من الولايات المتحدة وفرنسا في ظل تصاعد التوترات في غزة ولبنان، وسط تهديدات بفرض قيود على المساعدات العسكرية.
ووجهت الولايات المتحدة أقوى تحذير مكتوب لإسرائيل حتى الآن، مهددة بفرض عقوبات تتعلق بالمساعدات العسكرية إذا لم تحسن تل أبيب الأوضاع الإنسانية في غزة خلال الشهر المقبل. إلا أن الشكوك تحيط بجدوى هذا التحذير، لأن الإدارة الأميركية الحالية التي أطلقته ستنتهي ولايتها قبل انقضاء فترة مهلة الشهر، حيث يتم انتخاب رئيس للولايات المتحدة يوم 5 من شهر نوفمبر المقبل.
ويأتي هذا التحذير في وقت تتواصل فيه الغارات الإسرائيلية على لبنان وغزة.
موقف فرنسا
كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد دعا في وقت سابق من هذا الشهر، إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، مشددا على ضرورة تقليص تصدير الأسلحة المستخدمة في النزاعات.
تواصل فرنسا جهودها الدبلوماسية للحد من تصاعد التوترات، حيث دعا الرئيس ماكرون إلى تنظيم مؤتمر دولي حول لبنان يهدف إلى حشد الدعم الإنساني والعسكري، وخاصة لتعزيز الأمن في الجنوب اللبناني.
كما شددت باريس على ضرورة تخفيف إسرائيل من هجماتها العسكرية على حزب الله في لبنان.
وقبل أيام، قال ماكرون، إن وقف صادرات الأسلحة المستخدمة في قطاع غزة ولبنان، الوسيلة الوحيدة الممكنة لإنهاء الحرب في غزة ولبنان.
وأضاف ماكرون في مؤتمر صحفي عقد في قبرص «هذه ليست بأي حال من الأحوال دعوة لنزع سلاح إسرائيل، بل دعوة لوقف أي زعزعة للاستقرار في هذا الجزء من العالم».
وفرنسا ليست من كبار موردي الأسلحة لإسرائيل، إذ صدرت إليها معدات عسكرية بقيمة 30 مليون يورو (33 مليون دولار) العام الماضي، وفقا لتقرير صادرات الأسلحة السنوي الصادر عن وزارة الدفاع.
وأبدت إسرائيل تحفظات واضحة على هذا الموقف، معتبرة أن أي وقف لإطلاق النار يجب أن يتضمن وقفا لإعادة تسليح حزب الله.
تحذير أميركي
على صعيد العلاقات بين تل أبيب وواشنطن، استندت التحذيرات الأميركية إلى نصوص قانونية، حيث أشارت رسالة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن إلى المادة 620-آي من قانون المساعدات الخارجية، التي تحظر تقديم مساعدات عسكرية للدول التي تعرقل وصول المساعدات الإنسانية الأميركية.
وتطالب الرسالة إسرائيل بالسماح بإدخال 350 شاحنة مساعدات يوميًا إلى غزة، ووقف أوامر إخلاء الفلسطينيين دون ضرورة ملحة.
وفي نفس السياق، أكدت القناة 12 الإسرائيلية أن إسرائيل تعتمد بشكل كبير على المساعدات العسكرية الأميركية، خاصة في مجالات الدفاع الجوي والطيران المتقدم، وأن أي حظر على توريد الأسلحة أو قطع الغيار قد يؤثر بشكل كبير على قدرات الجيش الإسرائيلي.
وأضافت القناة أن إسرائيل قد تواجه موقفا حرجا إذا استمرت في تجاهل التحذيرات الأميركية بشأن الأوضاع الإنسانية في غزة، مشيرة إلى أن ذلك قد يؤدي إلى إعادة تقييم العلاقات العسكرية بين البلدين.
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤولين إسرائيليين أن الأميركيين قالوا إن إسرائيل تبتعد عن متطلبات التشريع الأميركي، مما قد يدفعهم إلى وقف بيع الأسلحة لها.
مهلة أميركية
وبحسب تقرير لشبكة بي بي سي فإن الولايات المتحدة أمهلت إسرائيل 30 يومًا لتعزيز وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة أو المخاطرة بقطع بعض المساعدات العسكرية الأميركية.
ويتطرق التقرير إلى أن الولايات المتحدة هي أكبر مورد للأسلحة إلى إسرائيل على الإطلاق، واعتمد الجيش الإسرائيلي بشكل كبير على الطائرات والقنابل الموجهة والصواريخ والقذائف التي زودته بها الولايات المتحدة خوض حرب غزة على مدى العام الماضي.
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، أقرت الولايات المتحدة تشريعات تنص على تقديم ما لا يقل عن 12.5 مليار دولار كمساعدات عسكرية لإسرائيل، بما في ذلك 3.8 مليار دولار من مشروع قانون في مارس/آذار 2024، و8.7 مليار دولار من قانون المخصصات التكميلية في أبريل/نيسان 2024.
كما تخصص أميركا ما يقرب من 3.3 مليار دولار سنويًا كمنح بموجب برنامج التمويل العسكري الأجنبي، وهي أموال يجب على إسرائيل استخدامها لشراء المعدات والخدمات العسكرية الأميركية.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، قالت إدارة جو بايدن إن إسرائيل لديها ما يقرب من 600 حالة تمويل عسكري أجنبي، بإجمالي 24 مليار دولار.
ونقل المعدات العسكرية إلى إسرائيل، فإنه أيضا يخضع للقانون الأميركي، ويتعين على الرئيس إخطار الكونغرس قبل بيع أنظمة أو خدمات أسلحة رئيسية للقوى الأجنبية، ويُسمح للمشرعين مراجعة البيع.
وبالنسبة للمعاملات مع إسرائيل، فإن الحد الذي يؤدي إلى مراجعة الكونغرس لمدة 15 يوما يتراوح بين 25 مليون دولار إلى 300 مليون دولار.
ويمكن للكونغرس منع البيع من خلال قرار مشترك، في حالات خاصة، إذ يمكن للرئيس الأميركي تجاوز مراجعة الكونغرس إذا رأى أن هناك حالة طوارئ أمنية وطنية قائمة.
على الرغم من هذه التحذيرات، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفضه لأي ضغوط دولية لوقف العمليات العسكرية في غزة ولبنان.
وأكد نتنياهو أن هذه العمليات تهدف إلى حماية أمن إسرائيل ومنع حزب الله من إعادة التسلح.
وأوضح أن الجيش الإسرائيلي سيواصل عملياته العسكرية لتحقيق هذه الأهداف، رغم التهديدات بقطع المساعدات العسكرية أو تقييدها.