يواجه العديد من المزارعين في محافظة جرش، صعوبة كبيرة في الوصول إلى أراضيهم، لوقوعها في مناطق بعيدة خارج التنظيم وغياب الطرق الزراعية إليها أو وعورتها الشديدة، وهو ما أثقل كاهل بعضهم خلال موسم الزيتون الحالي، لا سيما فيما يتعلق بنقل المحصول.
وأكد مزارعون، أن شبكة الطرق الزراعية في الأراضي البعيدة عن المناطق الزراعية والقريبة من الأحراش غير مجهزة وغير مناسبة ولا يمكن الوصول إليها بالمركبات كونها غير معبدة وغير مهيأة، مشيرين إلى أنهم يواجهون صعوبة في إيجاد عمالة للقطاف أو تقديم الخدمات الأساسية للشجر لوعورة بعض القطع الزراعية وعدم وجود شبكة طرق مناسبة، فضلا عن تعرض محاصيلهم للسرقة والتحطيب والتخريب بين الحين والآخر لعجزهم عن حراستها.
لذلك، يضطر المزارعون إلى استخدام وسائل بدائية في نقل الثمار وبقية المستلزمات من الأراضي إلى المعاصر والأسواق، ومنها العربات اليدوية والحيوانات التي تعمل مقابل أجر لأصحابها. المزارع أبو زهير بني علي، يؤكد صعوبة إيجاد عمالة للعمل في موسم قطاف الزيتون كون أرضه بعيدة عن الطرقات ولا يوجد أي طرق زراعية قريبة منها تنقل العمال إلى الثمار، مما يضطره إلى دفع أجور كبيرة مقارنة بباقي المزارعين، حيث وصلت أجرة العامل إلى أكثر من 25 دينارا في اليوم الواحد من القطاف، فيما أجرة العامل في المزارع المخدومة لا تزيد على 13 دينارا في اليوم. وأضاف بني علي "أن قلة الطرق الزراعية تقلل من فرص بيع الأراضي أو استثمارها من الأساس، كونها تعد غير مخدومة، وأهم هذه الخدمات الطرق التي تسهل الوصول إليها وتقديم الخدمات الزراعية، لاسيما أن أغلبية هذه الأراضي الزراعية، هي أراض خصبة وفيها أشجار معمرة مثمرة بمختلف الأنواع وذات مردود مادي مناسب للمزارعين ولا يمكن بيعها أو استثمارها في مثل هذه المواصفات". وتبلغ المساحة الكلية لأشجار الزيتون في محافظة جرش 130 ألف دونم، نسبة المثمر منها 110 آلاف دونم، تتوزع بين مختلف المناطق في المحافظة، ويعول المزارعون والعديد من الأسر المعوزة والمتعطلون عن العمل على موسم الزيتون لتحقيق دخل، لا سيما أن جرش من المحافظات المعروفة بإنتاج كمية كبيرة من الزيت والزيتون بجودة عالية. أما المزارع فايز الزبون، فيؤكد من جهته "أن قلة الطرق الزراعية تسهم كذلك في سهولة نشوب الحرائق فيها كونها من دون شبكة طرق ويصل المزارعون إليها مشيا على الأقدام، ويستخدمون الحيوانات في نقل الثمار إلى أقرب طريق، فضلا عن قلة الاهتمام والعناية فيها مقارنة بالأراضي الزراعية المخدومة بشبكة طرق". وتطرق الزبون إلى أن مسؤولية فتح وتجهيز الطرق الزراعية كانت مسؤولية الأشغال العامة وكانت تقوم بفتح الطرق بشكل تدريجي في المواقع الزراعية، إلا أن تحويل مسؤولية فتح الطرق إلى البلديات أوقف فتح الطرق الزراعية بشكل نهائي، لا سيما أن البلديات تعاني من مديونية مرتفعة وموازنة متواضعة، وهي بالكاد تقوم بتعبيد وفتح الطرق في الأراضي والمناطق المخدومة وغير قادرة على فتح أي طرق زراعية، خصوصا أن الأراضي الزراعية جميعها خارج التنظيم ويحتاج فتحها وتعبيدها إلى تكاليف مالية باهظة. بدورها، ووفق مصادر في عدد من بلديات جرش، فإن الأولوية هي لفتح الطرق وتعبيدها للمناطق التي تقع داخل التنظيم وداخل حدود البلدية وبين الأحياء السكنية والطرق التي تخدم المواطنين، لا سيما أن الموازنات محدودة ولا يتوفر أي موازنات لفتح الطرق الزراعية التي تحتاج إلى تكاليف باهظة، وفق مصدر مطلع في بلدية المعراض. وأكدت المصادر "أن موازنات البلديات فيها مخصصات فتح وتعبيد وصيانة للطرق التي تقع داخل التنظيم، أما الطرق الزراعية فلها مخصصات متواضعة من موازنة مجلس محافظة جرش، لكن غير كافية نظرا للظروف المالية للموازنة وطبيعة الأولويات في المحافظة". من جهته، ناشد رئيس مجلس محافظة جرش رائد العتوم، مجلس الوزراء، بإعطاء محافظة جرش استثناء كونها من أكبر المناطق الزراعية في المملكة وبحاجة إلى شبكة طرق زراعية مجهزة وكاملة، ووضع الطرق الزراعية فيها غير مرضٍ وغير كافٍ وهناك مساحات زراعية واسعة من دون شبكة طرق، وتحويل مسؤولية فتح وتعبيد وتجهيز الطرق الزراعية للبلديات غير منطقي. وأضاف، أن البلديات تعاني من عجز في موازنتها، وبالكاد تفتح وتعبد الطرق في المناطق السكنية التي تقع داخل حدودها، وهي عاجزة تماما عن فتح الطرق الزراعية ولو بمسافات صغيرة، ومن الأولى أن تعود مسؤولية الطرق الزراعية إلى وزارة الأشغال التي كانت تخصص موازنات خاصة للطرق الزراعية وتهتم فيها. ويرى العتوم، أن فتح الطرق الزراعية بمساحات ومسافات أوسع يسهم في تطوير قطاع الزراعة وتشغيل أيدٍ عاملة أكثر ويطور الأنظمة الزراعية ويزيد من كمية الإنتاج والتنوع الزراعي فيها. وفي تصريحات سابقة لـ"الغد"، أوضح الناطق الإعلامي في وزارة الأشغال العامة والإسكان عمر المحارمة "أن نطاق اختصاص الوزارة في تنفيذ وصيانة الطرق حددته مواد قانون الطرق رقم 24 لسنة 1986 ونظام الطرق النافذة رقم 82 لعام 2001 والتي حصرت مسؤوليتها بالطرق النافذة والطرق الزراعية التي تقع خارج حدود البلديات". وبين "أن حدود البلديات لا تقتصر على الحدود التنظيمية، حيث تقع بعض المناطق داخل حدود البلديات لكنها خارج الحدود التنظيمية، في حين تقع الطرق القروية والزراعية الواقعة داخل حدود البلدية في نطاق اختصاصها سواء كانت داخل التنظيم أو خارجه". ولفت المحارمة إلى قرار مجلس الوزراء رقم 2593 تاريخ 20 حزيران (يونيو) 2021 الذي سمح للبلديات بتعبيد الطرق الواقعة خارج التنظيم والتي تقل سعتها عن 20 مترا، حيث حدد ديوان تفسير القوانين صلاحية وزارة الأشغال بالطرق التي تقع خارج حدود البلديات والمجالس القروية، إضافة إلى الطرق النافذة داخل حدود البلديات وتشمل الطرق التي لا تقل سعتها عن 20 مترا. وقال المحارمة "إن الطريق يعد نافذا إذا كان يربط بين بلديتين أو كان طريقا دوليا، ويحدد باعتماد من وزير الأشغال العامة والإسكان بناء على تنسيب لجنة الطرق النافذة، فيما تكون البلدية مسؤولة عن تصميم وفتح وتعبيد وصيانة الطرق ضمن حدودها". وشدد على أن "عدم معرفة بعض البلديات بمواد قانون الطرق ونظام الطرق النافذة وبالقرارات الصادرة عن مجلس الوزراء والمستندة إلى الاستشارات القانونية اللازمة لا يعفي تلك البلديات من تنفيذ الأعمال في مجال اختصاصها". وفيما يتعلق بالطرق الزراعية التي تقع داخل حدود البلديات لكنها خارج الحدود التنظيمية، قال المحارمة "إن تلك الطرق أصبحت من اختصاص البلديات وموازنتها من مجالس المحافظات، والبلديات لا تتكبد أي مبالغ إضافية إزاء فتح تلك الطرق".