في يوم المرأة العالمي، غالباً ما تكون الأصوات النسائية هي الأعلى، وهذا حقها الطبيعي. لكن ماذا عن الرجال الذين يؤمنون فعلياً بالمساواة، وليس بمجرد شعار؟ في هذا الحوار الخاص، اخترنا أن نناقش هذا اليوم من زاوية مختلفة، مع رجل يرى أن الإنصاف ليس مجاملة، بل ضرورة إنسانية.
ضيف "النهار" اليوم هو بديع أبو شقرا، ممثل لا يخشى كسر القوالب النمطية، سواء في أدواره الفنية أو في مواقفه الفكرية. من الحديث عن الذكورية والرجولة التقليدية، إلى تسليط الضوء على قضايا المرأة في الدراما والمجتمع، يقدم بديع رؤية جريئة بعيداً من الخطابات المكررة. كيف يرى هذا اليوم؟ وما الذي يعنيه فعلياً دعم المرأة؟
لماذا أنت نسوي؟
أنا لا أعتبر نفسي نسوياً، بل إنساني مثلما على الإنسان أن يكون. وأي شخص يمارس التفرقة أو يعامل الآخرين بعدم مساواة، يعاني مشكلة في إنسانيته. كما أنني أكره التصنيفات مثل "نسوي" أو "ذكوري"؛ فهناك شخص إنساني وآخر غير إنساني.
كيف تتعامل مع نصفك الإنساني - النسوي في حياتك اليومية؟
لا أرى الجزء النسوي في نفسي، لكن شخصياً لا أفرق بين أي شخص إن كان رجلاً أو امرأة أو أن الأمر يخص عرقاً، دين مسلم أو غير مسلم، لا أرى هذه الأشياء ولا آخذها في الاعتبار. أتعامل بالطريقة الإنسانية في كل شيء، لذلك لا أرى هذا الأمر في نفسي و أراه ميزة.
أخذت دور المُعنِّف في مسلسل "بردانة أنا"، هل شعرت بالانزعاج؟
كان الدور متعباً جسدياً ونفسياً، لأنه تطلّب جهداً كبيراً على كلا المستويين. أحياناً، كنت أشعر بالخوف أثناء التمثيل، خصوصاً في المشاهد التي تتضمن الصفعات، بحيث يخشى الممثل أن يؤذي زميله من دون قصد. أنا شخص لم أتعرض لمواقف عنف في حياتي، لكن أكثر ما خفّف عني هو أنني كنت أرى أهمية إظهار شخصية المعنِّف، لأنه موجود بكثرة في مجتمعنا لكنه يظل مختبئاً. فغالباً ما تبقى القصص الخطيرة مخفية، وهذا ما جعلني أشعر بأنني أساهم في إيقاظ الوعي. أود أن أؤكد أن العنف هو جريمة، لكننا نُحاسب دائماً على الجُرم نفسه، من دون البحث في الأسباب التي دفعت الإنسان الى أن يصبح مجرماً، مثل التربية والظروف الاجتماعية.
ماذا يعني لك يوم المرأة العالمي؟ وهل تحتفل به؟
لا أحتفل به، لأنه مجرد رمز، تماماً كما تحتفل ديزني بأعيادها. الاحتفال الحقيقي، بالنسبة إليّ، يكون عندما يصبح هناك قانون أحوال شخصية منصف وعقد اجتماعي عادل. هذا هو الإنجاز الحقيقي، وليس مجرد تخصيص يوم للمرأة أو للمعلم أو غيره. فما الفائدة من هذا اليوم إذا كانت القوانين لا تزال غير عادلة؟ لذلك، لا أعيره اهتماماً كبيراً.
ما أبرز القضايا الملحّة التي تواجهها النساء في لبنان والعالم العربي؟
المرأة إنسان منتج وفعّال في المجتمع، لكنها تواجه عائقين رئيسيين في تحقيق المساواة:
التاريخ: لم ينصف المرأة، بل جعلها تابعة للرجل، واعتبره "تاج رأسها". حتى الأديان والمحاكم الشرعية عزّزت هذا القمع التاريخي، وهذا ما جعلها مضطهدة عبر الزمن.
الأمومة: تفقد المرأة حوالى عشر سنوات من حياتها في الحمل والولادة ورعاية الأطفال، مما يؤثر على تطورها المهني والاجتماعي. يجب تعويض هذا الفقدان بطريقة عادلة، فصحيح أنها تؤسس العائلة، لكنها عملياً تخسر سنوات من التقدم في المجتمع. على سبيل المثال، عندما يطلق الرجل زوجته، يدّعي أنه كان المسؤول عن كسب المال، متناسياً أنها كانت تقوم بدور أساسي في المنزل. عملياً، ما يجمعه الرجل من المال هو نصفه لها، لأن دورها في تربية الأطفال هو ما مكّنه من العمل أساساً. لهذا، يجب تحقيق المساواة في جميع الجوانب.
كيف يمكن للرجال أن يكونوا حلفاء حقيقيين في دعم حقوق المرأة؟
يكون الرجل حليفاً حقيقياً عندما يتخلى عن المفهوم التقليدي للرجولة، فهذه الفكرة من أكبر الأكاذيب في التاريخ. كما يجب إلغاء التصنيفات السخيفة التي تُلحق المرأة بأدوار محددة.
لكي يكون الرجل منصفاً، عليه أن يعترف بحقوق المرأة ويدعمها، لا أن يستغل السلطة التي منحها له التاريخ. كثيراً ما نجد رجالاً يتحكمون بالكلمة رغم أنهم لا يفقهون شيئاً، في حين أن المرأة قد تكون أذكى وأوعى لكنها لا تستطيع التعبير عن رأيها.
عدم المساواة يؤدي إلى خلل اجتماعي وتأخر في تطور المجتمع. فالمقياس الأساسي لتقدم المجتمعات هو تحرر المرأة وإنصافها. كلما حصلت المرأة على حقوقها واستقلاليتها، كان المجتمع أكثر تطوراً. أما عندما تكون المرأة مقيدة، فهذا يعني أن المجتمع متخلف حكماً.
هل تواجه انتقادات بسبب مواقفك الداعمة للمرأة؟
لا أتعرض لانتقادات كبيرة، لكنني أخشى أحياناً أن يُساء فهمي أو أن يُنظر إليّ على أنني أحاول أن أكون "غريباً" أو "مختلفاً" فقط لجذب الانتباه. لذلك، لا أتحدث كثيراً عن هذا الموضوع، لأنني لا أريد أن أبدو كأنني أبحث عن التقدير أو الإعجاب.
على سبيل المثال، في إحدى المسرحيات التي أشارك فيها، هناك مشهد تقول فيه الزوجة لزوجها: "أنت تتحدث عن التحرر والتطور، لكنني حين أتكلم عن الأمر نفسه أُتهم بسوء السمعة". هذا يعكس الواقع، إذ يُنظر إلى الرجل المتحرر بإيجابية، بينما تُنتقد المرأة التي تتحدث بالطريقة نفسها.
هل تعتقد أن الدراما اللبنانية والعربية تُنصف المرأة؟
ليس من دور الدراما أن تنصف المرأة، بل أن تعكس الواقع وتروي القصة كما هي. الدراما التي تثير الجدل حول مواضيع اجتماعية مهمة جداً.
أما في الدراما اللبنانية، فهناك إنصاف للمرأة، خصوصاً من خلال إعطائها أدوار البطولة وطرح قضاياها بجرأة. المهم هو أن تكون هذه القصص واقعية وصادقة.
ما هي رسالتك للمرأة؟
وسط كل هذه الفوضى، أريد أن أقول للمرأة شيئاً قد يكون خارجاً عن الموضوع، لكنه مهم:
إذا لم تكن لديهاِ تضاريس نافرة، أو بعض علامات التمدد، أو السيلوليت... فلا يُعوَّل عليها!