حرقهم بالماء الساخن، والاغتصاب، والتبول عليهم، ورشهم بالمياه العادمة، إضافة إلى حرمانهم من الملابس والأغطية في البرد القارس، والنوم جوعًا، وحرمانهم من العلاج، وصولًا إلى تعرضهم للشبح والضرب المميت؛ كانت هذه آخر الشهادات التي خرجت من سجون الاحتلال حول ما يلاقيه أسرى قطاع غزة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية في السابع من أكتوبر 2023.
الفظائع التي يتعرض لها الأسرى، خاصة أسرى قطاع غزة، نشرتها هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير في تقرير يتضمن شهادات 23 معتقلًا تمت زيارتهم خلال الفترة بين 6 و8 كانون الثاني/يناير الجاري في سجني النقب ومعسكر نفتالي.
وأفادت الهيئة والنادي بأن معسكر "سديه تيمان"، الذي شكل العنوان الأبرز لعمليات التعذيب، لم يعد المعسكر الوحيد الذي شهد عمليات تعذيب وفظائع، بما فيها اعتداءات جنسية. بل إن شهادات المعتقلين في غالبية السجون المركزية والمعسكرات عكست ذات المستوى من التوحش الممنهج.
"استكمال لحرب الإبادة"
الباحث في شؤون الأسرى رياض الأشقر، أكد أن ما يقوم به الاحتلال ضد أسرى غزة هو استكمال لجريمة حرب الإبادة التي يمارسها بحق شعبنا في القطاع.
وأضاف الأشقر، في تصريح خاص لوكالة "شهاب"، أن كل يوم تظهر فيه شهادات جديدة من داخل السجون تكشف الوجه الحقيقي الهمجي لهذا المحتل المجرم، الذي يمارس التعذيب وينتهج سياسة الانتقام بحق الأسرى، مما يعرض حياتهم للخطر الشديد.
وشدد على أن غالبية هؤلاء الأسرى ليس لهم أي علاقة بالعمل المقاوم في قطاع غزة، لافتًا إلى أن ضباط الاحتلال أكدوا هذا الأمر، إلا أن ما يجري هو اتباع سياسة انتقامية من كل شخص يسكن في القطاع.
وأشار إلى أن الاحتلال مارس كل أنواع الجرائم بحق هؤلاء الأسرى، سواء بالتعذيب المميت أو بالتعذيب الذي أفضى إلى استشهاد العشرات منهم، حيث جرى الإعلان عن هوية بعضهم، بينما لا يزال الاحتلال يخفي هويات آخرين حتى اللحظة.
كما بيّن الأشقر أن هناك العشرات من الأسرى الذين استشهدوا داخل سجون الاحتلال، ويرفض الاحتلال الإفصاح عن أسمائهم أو هوياتهم أو تفاصيل استشهادهم.
وأوضح أن الاحتلال ارتكب جرائم مركبة بحق الأسرى، وصلت إلى حد انتهاك إنسانيتهم، بما في ذلك ممارسة جرائم الاغتصاب ووسائل تعذيب محرمة دوليًا، لم يسبق أن مورست في أي مكان في العالم.
وأضاف: "الاحتلال يتفرد بهذه الجرائم، كما تفرد بجرائمه في قطاع غزة، حيث محا كل معالم الحياة هناك، والآن يكمل هذه الجريمة بحق أبناء القطاع المعتقلين، بعضهم فقد ذاكرته، وآخرون فقدوا أهليتهم، ولم يعودوا يتعرفون على ذويهم أو أصدقائهم أو ما يجري حولهم".
"شهداء الحركة الأسيرة"
وأكد الأشقر أن عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ بداية العدوان على قطاع غزة بلغ 55 شهيدًا، غالبيتهم من القطاع، استشهدوا نتيجة الظروف القاسية التي وُضعوا فيها، سواء خلال فترة التحقيق أو في مراكز الاعتقال، أو نتيجة الإهمال الطبي بعد انتهاء التحقيق.
وأضاف أن قوات الاحتلال تمنع الأسرى، خلال فصل الشتاء، من الحصول على الأغطية والملابس التي تقيهم البرد، مما أدى إلى استشهاد العديد منهم، خاصة الجرحى الذين تم اعتقالهم وهم بحاجة إلى إكمال علاجهم.
"الإخفاء القسري"
وأوضح الأشقر أن الاحتلال يمارس بحق الأسرى الغزيين سياسة الإخفاء القسري، وهي جريمة إضافية تُضاف إلى سلسلة الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق أسرى غزة. كما يرفض السماح للمؤسسات الدولية، مثل الصليب الأحمر، بزيارة هؤلاء الأسرى للاطلاع على أوضاعهم داخل السجون.
وختم الأشقر حديثه قائلاً: "هذه الشهادات تستوجب على العالم الحر ومؤسسات حقوق الإنسان التدخل بشكل عاجل لتشكيل لجان تحقيق وزيارة السجون، خاصة معتقلي سديه تيمان وعوفر، للاطلاع على الظروف القاسية التي يعيشها الأسرى".
وشدد على ضرورة إجراء تحقيقات حول أساليب التعذيب التي تعرض لها الأسرى، ما أدى إلى استشهاد العشرات منهم، محذرًا من استمرار هذه الجرائم التي قد تسفر عن سقوط المزيد من الشهداء بين الأسرى.