مقالات __ كتاب __ صوت جرش
غزة إنه أطول زمان في التاريخ العربي والاسلامي. وانه رمضان غزة الطويل بلا اعياد وتحري رؤية هلال الصوم والعيد. وكما لو أنه قدر غزة واهلها.. دمار وابادة وجوع. وقد عرفت غزة في 16 شهرا من العدوان ما لم تعرفه البشرية في تاريخها.
نشاهد اطفالا يموتون من البرد والجوع، ومستشفيات مدمرة، ونساء يطهون الحجار لاطعام اطفالهن واولادهن.
واطفال يقرضون بطونهم جوعا، وقد تكون آخر وجبة التهموها من فرط الجوع قبل عام وأكثر.
وتكتمل دائرة المعاناة الغزية، بقيام جيش الاحتلال بمنع المساعدات والمعونات من الدخول الى غزة. والتربص بالمساعدات ومطاردتها بالقذائف والصواريخ. وماذا تشكل المساعدات عدا عن جزء يسير لشعب يكابد الجوع والدمار والابادة على نحو غير مسبوق. وفي غزة إنهم صائمون منذ اعوام.
وهم في صومهم لا ينتظرون مدفع رمضان، ولا ينتظرون فترة الغروب ولا طبول السحور.
وتذكروا أن هؤلاء لا يفطرون الا على ما تيسر من الدموع والدم، والقلوب المتعصرة على الفقد والشهادة والموت والنسيان.
ولو اعتذرنا من غزة.. هل يكفي هذا؟ وهل أن اهل غزة ينتظرون منا اعتذرا؟
أنه عالم بلا اخلاق وضمائر، عالم متوحش وبدائي. ماذا نقول لمن تفيض موائدهم في رمضان بالطعام، ويتحول الى نفايات وزبالة ترمى في الحاويات؟ غزة عورة عربية واسلامية وانسانية.. وقد دخلت الحرب والماسأة الغزية شهرها الـ 16، ولم يجد حتى اللحظة سترا لفضيحة العصر.
الاعلام يتنافس على نقل اخبار الدمار والقتل والابادة، وصور الاطفال الهياكل العظمية يموتون من الجوع والبرد والتشرد.
وشاشات التلفزيون تحولت الى كوميديا سوداء، وشعوب مصابة بالتخمة وتنفق ملايين على موائد رمضان واكسسوارات الصوم والشهر الفضيل تنزف دموع التماسيح على غزة واهلها.
سؤال غريب ومدهش، وكيف يشعر صائم موعود بافطار متخم باللحوم والفواكه والحلويات والعصائر، ومصاب بعسر الهضم والتخمة والانتفاخ أن يشعر بصائم للدهر، ومن شهور لم يذق طعم الخبز، ولم يشرب ماء نقيا.
غزة منكوبة بكل المقاييس، وهي ليست بقعة سوداء في الجغرافيا العربية، بل إنها الأمل والحب.
هؤلاء في غزة من لا ينتظرون عطفا من أحد..
ما من غفران بعد اليوم.. وقبل أن نشاهد اطفال غزة هياكل عظمية ويموتون امام الكاميرات.. والعالم يحدق بانتظار زيارة ترامب الى الشرق الاوسط أو انعقاد قمة عربية.