"إقليم البترا" تستأنف العمل بمشاريع ممولة من الـUSAID بقيمة 15 مليون دولار نجما ريال مدريد السابقان يزوران البترا سوريا بين تحديات الحاضر وآفاق المستقبل الخطف المتصاعد في الجزيرة السورية: قلق وتساؤلات بلا إجابات تتفاقم مع شهادات مؤلمة إسرائيل ترسل وفدها المفاوض بشأن غزة إلى قطر الثلاثاء ابن سلمان يريد قنبلته النووية.. تحت عباءة الكهرباء! قنابل إسرائيلية تسقط على قواعدها ومستوطناتها.. خلل أم رسائل داخلية؟ منظمة: “المجاعة تقلل السمنة للفلسطينيين”! غضب عالمي من تبرير جديد للإبادة المومني: سنبحث خطة تطوير الإعلام مع نقابة الصحفيين تراجع التخليص على المركبات الكهربائية الجامعة الأردنية الأولى محليا والثالثة عربيا والـ276 عالميا الصفدي: إطلاق سراح عيدان ألكسندر خطوة مهمة لوقف الحرب الأمن العام: مخالفات المواكب تهديد للسلامة كارثة كادت ان تحدث بالمسجد الأقصى _تفاصيل قمة حكومية أردنية سورية في دمشق الصفدي: دعمنا لسوريا مطلق سوريا تسعى لإغراء الرئيس الأميركي لتخفيف العقوبات إسرائيل تطلب من المحكمة الجنائية الدولية سحب أمري اعتقال بحق نتنياهو وغالانت الجيش الإسرائيلي يعتقل "أبو الليث"في ريف ‏القنيطرة... من هو؟ البابا يحض وسائل الإعلام على وضع نهاية لـ"حرب الكلمات"
+
أأ
-

71 يومًا والعالم عاجز عن تمرير قطرة ماء واحدة إلى قطاع غزة!

{title}
صوت جرش الإخباري

في زمن تُقاس فيه الإنسانية بالأفعال، يقف العالم صامتًا أمام كارثة غير مسبوقة تتكشف في وضح النهار، حيث يُحاصر أكثر من مليوني إنسان فلسطيني في قطاع غزة تحت نيران الحرب والجوع، بينما تُمنع عنهم المساعدات الإنسانية الأساسية من غذاء ودواء وماء، لليوم الحادي والسبعين على التوالي.

الحصار الإسرائيلي المشدد، حوّل قطاع غزة إلى منطقة منكوبة، تشهد مجاعة متفاقمة وأزمات صحية وإنسانية غير مسبوقة، وسط عجز دولي عن فرض ممرات آمنة لإيصال الإغاثة الأولية، حيث يموت الأطفال من سوء التغذية، والمستشفيات فارغة من الأدوية، والعائلات تقتات على أوراق الشجر إن وُجدت، وعدم توفر أي من مستلزمات الحياة من غذاء ودواء.

وحين يكون الصمت مشاركة في الجريمة، فإن المجتمع الدولي الذي يتقاعس عن إنقاذ حياة تُزهق كل دقيقة في غزة، مشارك في قتل الأطفال، حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن وفاة عشرات الأطفال جوعًا في القطاع الذي يعاني كل سكانه من انعدام الأمن الغذائي.

على إثر ذلك، غزة تموت بصمت، والعالم يكتفي بالمراقبة والمشاهدة، والمجاعة تشتد يومًا بعد يوم، لا مفرّ من سؤالٍ أخلاقي كبير، متى يتحرّك الضمير الإنساني لإنقاذ شعب بأكمله من الجوع والموت؟.

"المجاعة تشتد"


في مراكز الإيواء المؤقتة شمال قطاع غزة، لا تنبعث رائحة الطعام كما هو مألوف في بيوت العالم، بل رائحة الخبز اليابس - إن وُجد - ممزوجة بأنين الأمهات وصمت الأطفال المنهكين. 

وتحوّل مشهد الطوابير الطويلة أمام نقاط توزيع الغذاء إلى روتين يومي يعكس حجم المعاناة التي يعيشها السكان، وسط بكاء الأطفال، وصراخ الأمهات، وتدافع الرجال في محاولة يائسة غالبا.

وباتت بعض العائلات تعتمد على خلط كميات قليلة من الدقيق -رغم فساده- مع ما تبقى من الأرز أو المعكرونة، لتوفير وجبة تسد رمق الأطفال وتمنعهم من النوم جوعى، في حين أصبحت أكياس الطحين، رغم سوء حالتها، تُعامل ككنز لا يُفرّط فيه.

وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن أكثر من 2.4 مليون فلسطيني في قطاع غزة باتوا يعتمدون اعتمادا كليا على المساعدات الإنسانية، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي منذ أكثر من 19 شهرا، الذي حوّل معظم السكان إلى فقراء.

وتزامنا مع توقف أغلب المطابخ الخيرية عن العمل لنفاد الإمدادات والوقود، أعلنت منظمة "المطبخ المركزي العالمي" أنها لم تعد قادرة على طهي وجبات جديدة أو خبز الخبز، في ظل إغلاق المعابر واستمرار الحصار الإسرائيلي.

كما تجاوزت أسعار السلع الأساسية حدود المعقول، في ظل ندرة حادة في المواد الغذائية، إذ ارتفع سعر كيلو الدقيق إلى 9.45 دولارات، في حين يُباع كيس الطحين زنة 50 كيلوغراما بنحو 400 دولار، وهو ما يعادل دخل شهر كامل لعائلة متوسطة.

وتزامنا مع هذا الانهيار الإنساني الشامل، باتت الحياة في غزة أقرب ما تكون إلى معركة يومية للبقاء، لا يسلم منها طفل أو شيخ، فيما يغيب التحرك الدولي بشكل كامل في مواجهة سياسة التجويع التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي كأداة حرب.

"كابوس الجوع"


أم محمد، وهي نازحة من بيت حانون، تقول: "أطفالي لم يأكلوا شيئًا منذ 36 ساعة، أعطيتهم ماءً مع بعض الطعام الذي لا يسد من جوعهم كي يتوقفوا عن البكاء ولكن دون جدوى، ولا أملك شيئًا لهم سوى الدعاء".

وأضافت أم محمد، أن "أطفالي يسألون عن الطعام وأنا لا أملك سوى الدموع.. أصعب شيء أن تكون أمًا في غزة، ولا تملك ما تطعمه لصغيرك".

وتعيش عائلة أم محمد، على وجبة واحدة فقط يوميًا، وجبة بالكاد تسد رمق الحياة، فقد اختفت من الأسواق معظم المواد الغذائية، من اللحوم والأسماك إلى الخضروات والفواكه والبيض، ليعتمدوا على بعض المعلبات والعدس والمعكرونة التي شحت أيضًا من الأسواق، في مشهد يعكس قسوة الحصار وقلة الحيلة.

وفي مشفى الشفاء، أحد آخر الملاجئ الطبية المتبقية، روى أحد الممرضين أن عددًا من الأطفال أُحضروا وهم في حالات إغماء بسبب الجوع الشديد، "بعضهم لا يزيد عمره عن ثلاث سنوات، وتظهر عليهم علامات هزال حاد ونقص حاد في السكر.. ونحن عاجزون، لا طعام ولا محاليل".

كما أكد أحد موظفي الهلال الأحمر الفلسطيني على أن فرق الإغاثة وثّقت خلال الأيام الماضية وفاة عدد من المسنين والأطفال في مراكز الإيواء بسبب مضاعفات سوء التغذية والجفاف.

وأضاف: "هناك مناطق لم تصلها أي مساعدات منذ أكثر من شهرين، والناس يقتاتون على ما تبقّى من أعلاف الحيوانات أو أوراق النباتات البرية".

هذه الشهادات لا تأتي من منطقة منكوبة بسبب زلزال أو كارثة طبيعية، بل من منطقة محاصرة عمدًا، تُستخدم فيها المجاعة كسلاح بطيء وفتّاك.

"جحيم ثانٍ" 


ومن جانبه، حذّر رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد"، الدكتور صلاح عبد العاطي، من أن قطاع غزة يمرّ بكارثة إنسانية غير مسبوقة بفعل الحصار المشدد ومنع إدخال المساعدات منذ أكثر من ستين يومًا، مؤكدًا أن مظاهر المجاعة بدأت تنتشر بشكل واسع وتهدد حياة الآلاف من المدنيين.

وقال عبد العاطي، في تصريح خاص لوكالة "شهاب" للأنباء، إن قطاع غزة بات أشبه بـ"جحيم ثانٍ" نتيجة الإغلاق الكامل للمعابر، ومنع إدخال الغذاء والدواء والوقود وغاز الطهي، ما أدى إلى انهيار منظومة الخدمات الإنسانية بالكامل، وسط عجز المستشفيات والمراكز الطبية عن الاستجابة للاحتياجات المتفاقمة للسكان. 

وأضاف أن "الآلاف من السكان يتساقطون جوعًا، ويعيشون منذ أيام طويلة دون طعام"، محذرًا من كارثة وشيكة قد تودي بحياة الآلاف من الأطفال والنساء الحوامل وكبار السن والمرضى، في ظل تفاقم المجاعة وغياب أي تحرك فاعل من المجتمع الدولي. 

وأشار إلى أن استمرار هذا الوضع يرقى إلى جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان، ترتكب بشكل منهجي منذ ثمانية عشر شهرًا، في ظل صمت دولي مريب وعجز عن وقف الحرب وتجويع السكان المدنيين.

ودعا عبد العاطي إلى تدخل دولي عاجل لفتح المعابر، وتوفير ممرات إنسانية آمنة لإدخال المساعدات والاحتياجات الأساسية، إلى جانب اتخاذ خطوات حاسمة لوقف الحرب المستمرة، ورفع الحصار فورًا. 

وشدد بالقول: "إنه من المخجل والعار على الإنسانية أن تظل صامتة أمام جريمة نكراء بهذا الحجم، تمارس بوحشية وعلى مرأى ومسمع العالم".

"عار على الإنسانية" 


وقال النائب الأردني ونائب رئيس البرلمان العربي الأسبق، خليل عطية، إن العالم يقف صامتًا أمام جريمة واضحة المعالم ترتكب بحق أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، من حصار وتجويع وإبادة جماعية، معتبرًا أن هذا الصمت يمثل عارًا على العرب والمسلمين والإنسانية جمعاء. 
وأكد عطية في تصريح خاص لوكالة "شهاب" للأنباء، أن الحصار "الإسرائيلي" الشامل على غزة، وتدمير البنية التحتية، وتجريف الأراضي الزراعية، إلى جانب قلة المساعدات الإنسانية، كلها عوامل أدت إلى مجاعة حقيقية تهدد حياة الآلاف، وتسببت فعليًا بوفاة مدنيين وأطفال بسبب سوء التغذية والجفاف. 

وأضاف: "نحن أمام جريمة ترتكب على مرأى ومسمع من العالم، والسكوت عليها أمر لا يمكن تبريره، لا أخلاقيًا ولا إنسانيًا"، مشيرًا إلى أن ما يحدث في غزة هو إبادة ممنهجة ومخالفة صارخة لكل القوانين الدولية. 

وشدد على أن ما يجري "وصمة عار على الجبين الإنساني، وعلى كل من يلتزم الصمت أو يتخاذل عن نصرة غزة وأهلها المحاصرين"، مطالبًا بتحرك عربي وإسلامي ودولي فوري لوقف هذه الكارثة المتواصلة. 

وتستمر سلطات الاحتلال بمنع دخول المساعدات الإنسانية والسلع الأساسية، متجاهلة التحذيرات الأممية التي تصف هذه الإجراءات بانتهاك صارخ للقانون الدولي.