مقالات __ كتاب __ صوت جرش
اللاءات الثلاث التي أعلنها جلالة الملك عبدالله الثاني ليست مجرد كلمات عابرة أو مواقف سياسية عابرة، بل هي نهج وطني واستراتيجي يعكس صلابة الأردن في الدفاع عن حقوق الأمة ومصالحها. هذه اللاءات: "لا للتوطين، لا للوطن البديل، لا للمساس بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس"، تمثل موقفاً حاسماً ومبدئياً في مواجهة المشاريع التي تسعى لتصفية القضية الفلسطينية، وتحويلها إلى أزمة ممتدة تثقل كاهل المنطقة وشعوبها.
ما يجري اليوم ليس مجرد تطورات سياسية عابرة، بل امتداد لمخططات صهيونية قديمة تتجدد مع تغير الأوضاع الإقليمية والدولية، بهدف إعادة صياغة خريطة المنطقة بما يخدم الأطماع الإسرائيلية. هذه المخططات تتجاوز الجغرافيا الفلسطينية، لتطال دول الجوار مثل الأردن ومصر، في محاولة لتحويل القضية الفلسطينية إلى عبء سياسي واقتصادي وأمني على هذه الدول. إسرائيل، مدعومة ببعض القوى العالمية، تسعى لتبرير مشاريعها التوسعية تحت ذرائع أمنية زائفة، لكنها في الحقيقة تعمل على فرض واقع جديد يهدف إلى تهجير الفلسطينيين، وسلب حقوقهم التاريخية، وإعادة توزيعهم بطرق تخدم أهدافها التوسعية.
في هذا السياق، يأتي موقف الأردن كصوت عربي ثابت في وجه هذه المشاريع. جلالة الملك عبدالله الثاني أكد في أكثر من مناسبة أن الأردن لن يكون جزءاً من أي خطة تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، أو تمس بمصالحه الوطنية. هذه المواقف ليست مجرد ردود أفعال سياسية، بل تعكس رؤية استراتيجية راسخة تؤمن بأن استقرار المنطقة لا يمكن تحقيقه دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يقوم على أساس إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة جغرافية مترابطة، عاصمتها القدس الشرقية.
ورغم هذه المواقف الواضحة والحاسمة، يتعرض الأردن لضغوطات هائلة، بعضها ظاهر للعلن، والبعض الآخر خفي يدور في الكواليس. الضغوط الاقتصادية التي يواجهها الأردن اليوم ليست بعيدة عن محاولات تركيعه، وإجباره على تقديم تنازلات تتعارض مع ثوابته الوطنية. الإعلام الموجه والتشويش الممنهج على مواقف الأردن، ومحاولات زعزعة الثقة بالنسيج الوطني، هي أدوات تستخدمها بعض الأطراف في محاولة للنيل من الموقف الأردني الراسخ. لكن الأردن، بقيادته وشعبه، أثبت عبر تاريخه أنه أقوى من كل هذه التحديات.
اللاءات الثلاث التي أعلنها جلالة الملك ليست مجرد شعارات، بل هي خريطة طريق تجمع الشعب الأردني حول قيادته الحكيمة. هذه المواقف تستدعي من كل أردني أن يكون على قدر المسؤولية، وأن يدرك أن الوطن يمر بمرحلة تتطلب الوحدة والتكاتف. الأردن ليس دولة ضعيفة أو هامشية كما يروج البعض، بل هو ركيزة أساسية للاستقرار الإقليمي، وصوت مسموع في المحافل الدولية.
القضية الفلسطينية، ورغم كل المحاولات لتصفيتها، لن تسقط بالتقادم. حقوق الشعب الفلسطيني ثابتة، ولن يتمكن أحد من طمسها أو تجاوزها. والأردن، بقيادته وشعبه، سيبقى الحارس الأمين لهذه الحقوق، والمدافع الأول عن قضايا الأمة. الأيام القادمة قد تكون صعبة، لكنها لن تكون أقسى من التحديات التي واجهها الأردن عبر تاريخه. هذا الوطن، الذي يقف على أرض صلبة من المبادئ والقيم، لن ينحني أمام الضغوط، وسيظل قوياً بشعبه وقيادته، مدافعاً عن الحق والعدالة بثبات وشجاعة.