هاجمت السفيرة الإسرائيلية السابقة لدى مصر، أميرة أورون، الأزهر الشريف، الذي يعد إحدى أعرق المؤسسات الإسلامية في العالم، وشيخه الإمام الأكبر أحمد الطيب.
وجاءت تصريحات أورون في لقاء تلفزيوني عبر قناة "i24News" الإسرائيلية، محملة باتهامات مثيرة للجدل، حيث وصفت الأزهر ومواقفه بأنها "معادية للسامية"، ما أثار ردود فعل واسعة في الأوساط السياسية والدينية.
وزعمت أورون، التي شغلت منصب سفيرة إسرائيل في مصر بين أيلول/ سبتمبر 2020 و2023، أن الأزهر الشريف يكن عداءً شديدًا لإسرائيل، ووصفت هذا العداء بأنه "في منتهى القسوة والصعوبة"، على حد تعبيرها.
وأضافت أن الدكتور شيخ الأزهر أحمد الطيب، دائمًا ما يصدر بيانات قاسية وشديدة اللهجة تجاه إسرائيل، معتبرة أن هذه البيانات تحمل "سمات معاداة السامية"، وهو الاتهام الذي طالما استخدمته إسرائيل تجاه منتقدي سياساتها في المنطقة.
في تصريحات صحفية سابقة لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، تحدثت السفيرة عن صعوبة تحسين صورة إسرائيل في مصر، وقالت: "رأيت ذلك في محادثاتي مع الناس، عندما أغلقت الأبواب في وجهي".
وانتقدت وسائل الإعلام المصرية بشدة، متهمة إياها بتجاهل الأحداث التي وقعت في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وذكرت أن الإعلام المصري يركز على تصوير إسرائيل كدولة محتلة لغزة، تُمارس القتل والتدمير والتهجير، متجاهلاً ما وصفته بـ"أسباب الحرب".
وأضافت أورون أن مصر، باعتبارها دولة عربية محورية، تمتلك تأثيرًا كبيرًا على الرأي العام، مشيرة إلى أن العلاقات الشعبية بين مصر وإسرائيل ما زالت متوترة للغاية، وهو ما يعوق أي محاولات للتقارب بين الطرفين.
مسيرة السفيرة أميرة أورون
وأميرة أورون ليست شخصية عابرة في الدبلوماسية الإسرائيلية، حيث إنها بدأت مسيرتها في وزارة الخارجية الإسرائيلية عام 1991، وشغلت مناصب عدة ضمن طاقم السفارة الإسرائيلية في القاهرة، مثل نائبة المتحدث باسم السفارة ومديرة قسم الإعلام بالعالم العربي.
كما أنها ترأست قسم الشؤون الاقتصادية في الشرق الأوسط، حيث قادت جهودًا لتعزيز التعاون الاقتصادي بين إسرائيل ودول المنطقة.
أورون، التي درست الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية، كانت دائمًا ضمن الشخصيات الدبلوماسية التي تعبر عن فهم نسبي لطبيعة المجتمعات العربية. إلا أن تصريحاتها الأخيرة أثارت تساؤلات حول أهدافها الحقيقية، خاصةً أنها تتزامن مع استمرار التصعيد في غزة، وارتفاع حدة التوتر بين إسرائيل والدول العربية.
امتداد لسياسة قديمة
والهجوم على الأزهر الشريف ليس الأول من نوعه في سياق العلاقات المصرية الإسرائيلية، حيث يعد الأزهر صوتًا قويًا للإسلام المعتدل، ولطالما عبّر عن مواقف مناصرة للقضية الفلسطينية، وأصدر بيانات تدين الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الأراضي المحتلة.
وعلى مدار العقود الماضية، شهدت العلاقة بين الاحتلال الإسرائيلي ومؤسسة الأزهر الشريف توترات واضحة، ولطالما وجهت أطراف إسرائيلية انتقادات لاذعة للأزهر وشيخه، خصوصًا في القضايا المتعلقة بفلسطين والقدس.. ومن أبرز المواقف التي أثارت الجدل تصريحات لمسؤولين إسرائيليين اعتبروا مواقف الأزهر تجاه الاحتلال الإسرائيلي وتصريحاته حول القدس تحريضية. ففي عام 2017، على سبيل المثال، وصف مسؤولون إسرائيليون دعوة الأزهر لعقد مؤتمر عالمي لنصرة القدس عقب قرار الولايات المتحدة نقل سفارتها إلى المدينة بأنها "تأجيج للمشاعر ضد إسرائيل".
وانتقدت أوساط إسرائيلية دعوة الأزهر للمسلمين والمسيحيين حول العالم إلى التكاتف لحماية القدس والأقصى، معتبرة أن هذه الدعوات تضع عقبات أمام التطبيع. ويعتبر الأزهر موقفه مناهضًا للاحتلال الإسرائيلي وداعمًا للقضية الفلسطينية ضمن ثوابته الراسخة التي تؤكد على حق الشعب الفلسطيني في أرضه ومقدساته.
تصريحات أخرى من مسؤولين في إسرائيل وصفت الأزهر بأنه "عقبة أمام تطبيع العلاقات الثقافية والدينية"، في محاولة لتشويه صورته عالميًا. هذا الصدام المستمر يعكس الدور المحوري للأزهر كحائط صد ضد محاولات تغيير هوية القدس ودعم حقوق الفلسطينيين، وهو ما يفسر استمرار هذه الاتهامات الإسرائيلية بحقه.