اعترف الجيش الإسرائيلي، مساء الأربعاء، بأن بيانا كان قد أصدره ونشره قبل نحو 8 أشهر وزعم فيه تصفية قائد كتيبة بيت حانون، في كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، "غير صحيح".
ونقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن جيش الاحتلال قوله إن "معلوماتنا الاستخباراتية عن مقتل قائد كتيبة بيت حانون غير دقيقة".
يأتي الاعتراف الإسرائيلي بعد أن نشرت منصات فلسطينية الأربعاء مقطع فيديو ظهر فيه حسين فياض (أبو حمزة) قائد كتيبة بيت حانون في كتائب القسام، وسط مشاهد الدمار الذي خلّفته الإبادة الإسرائيلية بالقطاع.
وتعليقا على مقطع الفيديو، اعتبر أور بيالكوف، الذي يُقدم في بعض الصحف الإسرائيلية كباحث، أن ظهور القيادي الفلسطيني فياض في بيت حانون "عار" على الجيش الإسرائيلي الذي أعلن عن اغتياله سابقا.
وأضاف بيالكوف، ساخرا، بعد ظهور فياض "من الواضح أن الجيش الإسرائيلي قتل شخصا آخر".
دلالات ورسائل للعدو
ويكشف ظهور حسين -قائد كتيبة بيت حانون في كتائب القسام– حجم الفشل الاستخباري الذي عانته إسرائيل خلال حربها على قطاع غزة، كما يقول الخبير العسكري إلياس حنا.
وهذه ليست المرة الأولى التي تنشر فيها إسرائيل خبرا بشأن مقتل أحد قادة المقاومة خلال الحرب، كما يقول حنا، مشيرا إلى أن محمود حمدان قائد كتيبة تل السلطان الذي استشهد مع زعيم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار، كانت إسرائيل أعلنت قتله في وقت سابق لهذه العملية.
وعندما دخلت قوات الاحتلال مستشفى الشفاء، أعلنت قائمة تضم قادة من حماس بعضهم كان ميتا وبعضهم الآخر خارج القطاع، وقالت إنها اعتقلتهم خلال العملية. وآنذاك، خرج الناطق باسم الجيش دانيال هاغاري معلنا عدم صحة البيان ووصف الأمر بأنه خطأ تقني.
عندما تعلن مقتل قائد بعينه لا بد وأن يكون لديك معلومات دقيقة عن حياته وتحركاته فضلا عن أمور أخرى مثل تحليل "دي إن إيه"، وبالتالي فإن ما حدث يؤكد غياب الكثير من المعلومات عن إسرائيل، برأي حنا.
وكان إعلان الاحتلال مقتل فياض -وفق حنا- مبنيا على تأكده من وجوده في المكان الذي تم استهدافه دون وجود أدلة أكيدة على مقتله، كما يقول حنا.
ذكاء المقاومة
ولم تؤكد المقاومة مقتل كثير من القادة الذين أعلن الاحتلال تصفيتهم خلال الحرب حتى لا تمنح جيش الاحتلال مزيدا من وضوح الرؤية ودقة قياس المعلومات، برأي الخبير العسكري.
وتعكس هذه الأخطاء غياب الاستعلام التكتيكي اليومي لجيش الاحتلال الذي سبق أن أعلن وجود 250 كيلومترا من الأنفاق في غزة، ثم خرجت تحقيقات تقدر حجم الأنفاق بـ750 كيلومترا، كما يقول حنا.
وأضاف أن تنقل المقاومة من الشمال إلى الجنوب والعكس رغم حجم الدمار والقصف، يؤكد وجود الكثير من الأنفاق التي لا تزال تعمل في غزة.
والشيء المهم الذي يمكن فهمه من هذه الأخطاء -كما يقول حنا- هو أن إسرائيل لا تمتلك فعليا عملاء على الأرض يجعلونها قادرة على التوصل للمعلومة الدقيقة.
ويتم استهداف القادة اعتمادا على برامج الذكاء الاصطناعي مثل الخزامى وهاسوراه، التي تعمل على قصف هؤلاء القادة وفق المعلومات التي تمت تغذيتها بها مسبقا، مما يعني أن كثيرا من المعلومات لم تكن دقيقة، وفق تعبير الخبير العسكري.
وحتى استشهاد السنوار، الذي حدث بالمصادفة، عكس غياب القوة الاستخبارية الإسرائيلية حيث كان جيش الاحتلال يحاول قصفه داخل الأنفاق بينما هو يتحرك على الأرض ويشارك في المعارك، مما يعكس جرأته وقدرته على التخطيط، حسب حنا.
وختم حنا بالقول إن ما يجري هو تبعات انحسار غبار المعركة والذي سيشكف كثيرا من الأمور التي ربما تكون هي السبب في موجة الاستقالات التي بدأها قادة جيش الاحتلال بعد وقف إطلاق النار.