مقالات __ كتاب __ صوت جرش
تسعى الدول النامية، ومنها الأردن، إلى تحقيق قفزات نوعية في مختلف المجالات لبناء مستقبل اقتصادي واجتماعي مزدهر. وتأتي القمة العالمية للحكومات، المنعقدة في دبي، كمنصة رائدة تجمع الخبراء وصُناع القرار لمناقشة قضايا التحول الرقمي، تقليل البيروقراطية، تعزيز الاقتصاد، التنمية المستدامة، ومكافحة الفقر والبطالة. كما تتيح القمة فرصة الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة لتعزيز الشفافية والمساءلة.
مع تراجع دور المدن التقليدية وبروز المدن الذكية، يصبح توظيف الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء أمرا حيويا لتحسين النقل العام وإدارة المرور، إضافة إلى نشر العدادات الذكية في قطاعي الكهرباء والمياه للحد من الهدر وتحسين الاستهلاك، إلى جانب التوسع في مشاريع تحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسية.
وفي قطاع التعليم، يعد تحديث المناهج لمواكبة احتياجات سوق العمل أمرا ضروريا، عبر إدراج مناهج الذكاء الاصطناعي، البرمجة، وريادة الأعمال في المدارس والجامعات، إلى جانب إطلاق مبادرات تدريبية للشباب في مجالات التحول الرقمي، مثل تحليل البيانات، الأمن السيبراني، والبيانات الضخمة. والأهم الانتقال بالشباب بسرعة نحو مهن المستقبل.
يعد التحول الرقمي ركيزة أساسية في تحسين عمليات صنع القرار وزيادة الشفافية، لا سيما من خلال تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة. ومن الضروري التوسع في تطوير منصات رقمية تتيح الوصول إلى جميع الخدمات الحكومية بسرعة وكفاءة، بالإضافة إلى استخدام تقنيات البلوك تشين في إدارة العقود الحكومية، ما يسهم في الحدّ من الفساد وتعزيز الكفاءة، فضلا عن تقليل الإجراءات الورقية التقليدية المعقدة، مما يرفع من رضا المواطنين.
ولتسهيل بيئة الأعمال والاستثمارات، يمكن للأردن، استنادا إلى مناقشات القمة، التوسع في إنشاء مراكز خدمة شاملة تجمع الخدمات الحكومية الأساسية في موقع واحد لكافة الاحياء، ما يضمن سرعة الإنجاز وتيسير الإجراءات على المواطنين والمستثمرين. كما تبنت العديد من الدول المتقدمة أنظمة إلكترونية لمراقبة أداء الخدمات الحكومية والموظفين بشكل مستمر لضمان تحقيق أعلى مستويات الكفاءة والجودة.
لذلك يعد تبني نهج "تصفير البيروقراطية" إحدى الركائز الأساسية لتعزيز كفاءة الأداء الحكومي، وذلك من خلال مبادرات التحول الرقمي الشامل والحكومة الذكية، مما يسهم في تقليل أوقات الانتظار وزيادة رضا المواطنين عن الخدمات الحكومية.
أما على صعيد الاستثمار في التكنولوجيا وبنيتها التحتية، فإن تطوير مناطق تقنية متخصصة من شأنه جذب الشركات العالمية، مما يعزز مكانة الأردن كمركز إقليمي للتكنولوجيا والابتكار.
وفي الجانب المالي، ركزت القمة على استخدام التكنولوجيا في الرقابة الضريبية للحد من التهرب الضريبي، إلى جانب تسهيل التمويل للمشروعات الصغيرة عبر إنشاء منصات إلكترونية للتمويل الجماعي تدعم المشاريع الريادية.
وفي إطار تعزيز الاقتصادات المستدامة، برزت أهمية السندات الخضراء ومشاريع الطاقة المتجددة في جذب الاستثمارات، فضلا عن دعم الشركات الناشئة التي تعتمد على حلول الاستدامة. ومن الحلول البيئية الواعدة، الاعتماد على الأحواض البيولوجية (Bioswales)، وهي أنظمة طبيعية مصممة لجمع مياه الأمطار وتوجيهها عبر قنوات تحتوي على نباتات محلية وأحواض ترشيح طبيعية، ما يسهم في تنقية المياه قبل وصولها إلى المجاري المائية، وتقليل الجريان السطحي، ومنع الفيضانات، فضلا عن دعم التنوع البيولوجي عبر زراعة نباتات مقاومة للجفاف ذات قدرة عالية على امتصاص المياه.
ورغم أن القمة تناولت العديد من المحاور الأخرى، إلا أن ما ذُكر هنا يمثل أبرز المستجدات العالمية التي تتماشى مع التوجهات التي يسير فيها الأردن بخطى ثابتة.