قدمت النائب الدكتور بيان فخري المحسيري، ملاحظات شاملة على مشروع قانون اللجنة الوطنية لشؤون المرأة، الذي أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والاجتماعية بالأردن.
واعتبرت المحسيري أن هذا المشروع يثير العديد من التساؤلات حول الحاجة إليه، خاصة في ظل وجود اللجنة الوطنية لشؤون المرأة منذ عام 1992 دون الحاجة إلى قانون خاص بها.
وطرحت المحسيري عدة نقاط هامة، مبدياً استغرابه من توقيت طرح هذا المشروع، مؤكداً أن اللجنة كانت تعمل بنجاح في ظل المهام الموكلة إليها دون الحاجة لقانون جديد.
وقالت المحسيري: "إذا كان الهدف هو تحسين وضع المرأة، فما الذي منع اللجنة من القيام بذلك طوال العقود الماضية؟"، مشيرة إلى أن هذا القانون قد يمنح اللجنة صلاحيات غير مسبوقة قد تجعلها "فوق المساءلة".
وأشارت المحسيري إلى ما اعتبره ازدواجية في المهام والصلاحيات بين اللجنة والوزارات الأخرى في الدولة، موضحًا أن مشروع القانون يتعامل مع قضايا مثل تعزيز صحة المرأة وحمايتها من العنف، وهي مهام تعود إلى وزارتي الصحة والداخلية. كما أكدت على أن القانون يتطرق إلى قضايا الأسرة والطفل رغم وجود قانون الأحوال الشخصية، مما يثير تساؤلات حول ضرورة إنشاء لجنة جديدة لتولي هذه المهام.
وأوضحت المحسيري أن هذه المهام المتداخلة قد تؤدي إلى ضياع المسؤوليات وصعوبة محاسبة أي جهة في حال حدوث أخطاء أو تجاوزات. وقال: "حين تتعدد الجهات، تضيع المسؤوليات".
واستنكر النائب المحسيري كذلك ما اعتبره محاولة لتفكيك الأسرة الأردنية من خلال هذا القانون، إذ وصفت المشروع بتعامل مع المرأة ككيان مستقل عن أسرتها، مما قد يؤثر على وحدة الأسرة ويخلّ بالنسيج الاجتماعي الذي يعتبره الدستور الأردني أساسًا للمجتمع.
وأشارت المحسيري إلى أن المرأة لا تعتبر فئة أو أقلية تحتاج إلى تشريعات خاصة بها، بل هي جزء أساسي من المجتمع، تمامًا كالرجل. وأكدت: "لماذا يتم التعامل مع المرأة وكأنها كيان مستقل يحتاج إلى تشريعات خاصة؟"، وسألت عن السبب الذي يمنع وجود قانون مشابه للرجل إذا كان الهدف هو تمكين المرأة.
مخالفات دستورية
وقد لفتت المحسيري الأنظار إلى أن مشروع القانون يتعارض مع العديد من المواد الدستورية في المملكة، مشيرة إلى عدة مخالفات خطيرة قد يتضمنها هذا القانون، أبرزها:
المادة (2) التي تنص على أن "الإسلام دين الدولة"، بينما يستند المشروع إلى اتفاقيات دولية قد تتعارض مع الشريعة الإسلامية.
المادة (6/4) التي تؤكد أن الأسرة هي أساس المجتمع، بينما يعامل المشروع المرأة ككيان منفصل عن أسرتها.
المادة (105) و(106) اللتان تختصان بالأحوال الشخصية للمسلمين، بينما يمنح القانون اللجنة صلاحيات تتداخل مع القضاء الشرعي.
وفي تساؤل مثير، أشارت المحسيري إلى أن مشروع القانون يمنح اللجنة الوطنية لشؤون المرأة صلاحيات تنفيذية وتشريعية ورقابية، مما يجعلها كيانًا يتجاوز صلاحيات السلطات الثلاث في الدولة. وقالت: "هل يمكن تخيل جهة واحدة تمتلك صلاحيات تشريعية وتنفيذية ورقابية معًا؟".
وأعربت المحسيري عن قلقه من المرجعية الدولية التي يستند إليها مشروع القانون، مشيرًا إلى أن بعض الاتفاقيات الدولية تتبنى مفاهيم قد تتعارض مع القيم المجتمعية الأردنية، مثل "الجندر" والنوع الاجتماعي، الذي يشمل الشذوذ الجنسي، بالإضافة إلى إلغاء الفوارق بين الجنسين، مما قد يؤدي إلى الطعن في قوانين الميراث والولاية.
ولم تغفل المحسيري أيضًا عن التطرق إلى قضية تمويل اللجنة الوطنية لشؤون المرأة، حيث أشار إلى أن اللجنة تتلقى تمويلاً حكوميًا في حين تُعامل كمؤسسة أهلية، مما يسمح لها بالحصول على تمويل خارجي دون رقابة حكومية صارمة. وتساءلت: "كيف يمكن لجهة أن تحصل على أموال من الموازنة العامة وتتمتع في الوقت نفسه بامتيازات المؤسسات الأهلية؟".
وفي ختام بيانها، شددت المحسيري على ضرورة إعادة النظر في مشروع القانون المقترح، محذرًا من تبعاته على وحدة الأسرة وعلى القانون الدستوري في المملكة. وأكدت أن مشروع القانون يمكن أن يؤدي إلى "دولة داخل الدولة"، ويمنح اللجنة سلطات تتجاوز الحكومات والهيئات الرسمية، مما قد يخلق فوضى قانونية واضطرابًا في النظام السياسي والاجتماعي في الأردن.