هل يتحوَّل بيان دول مجلس التعاون الخليجي إلى مبادرة؟
استحوذ البيان الصادر عن دول مجلس التعاون الخليجي، الداعي إلى وقف الحرب في لبنان، على اهتمام لافت، لا سيما أن النقاط التي تناولها تشكّل خريطة طريق للحلّ، الأمر الذي أثار تقدير الكثيرين من المرجعيّات السياسية باعتباره بياناً عادلاً وشاملاً يُبنى عليه.
وبحسب مصادر ديبلوماسية خليجية في بيروت أن قادة مجلس التعاون يقومون باتصالات بعيدة عن الأضواء مع واشنطن وباريس ولندن والقاهرة ومعظم عواصم الدول العربية والغربية، من أجل الوصول إلى حلّ لوقف الحرب كبداية أساسية، ثم الشروع بانتخاب رئيس وتشكيل حكومة. كذلك علمت أن المجلس ودوله لن يتوانوا دعم لبنان، وهذا ما تؤكّده المصادر؛ لذلك ستشهد الأيام القليلة المقبلة حراكاً لافتاً من قادة دول مجلس التعاون، عبر اتصالات مع زعماء العالم قاطبة، وقد يصار إلى تشكيل لجنة تتولّى التحرك في الأمم المتحدة وباريس ولقاء كبار المسؤولين في هذه الدول والمنظمات الأممية بغية الوصول إلى وقفٍ لإطلاق النار.
والسؤال: هل بيان المجلس هو بدل من ضائع للجامعة العربية، التي حتى الساعة، وعلى الرغم من فداحة الحرب وصعوبتها، لم تتحرك، قياساً على ما كانت تقوم به؟ هنا تشير المصادر إلى أن الاتصالات التي يقوم بها مجلس التعاون الخليجي تشمل الجامعة العربية، ولا يمكن العمل بمعزل عنها، وليس هناك أيّ خلافات أو تباينات وسواها، وبيان مجلس التعاون الخليجي إنما جاء نظراً إلى ما يحيط بلبنان من خراب ودمار قد يجرّ إلى حرب إقليمية؛ فهو كان واضحاً، وترجمته ستكون في إطار لقاءات واتصالات يقوم بها كبار المسؤولين في دول المجلس، وهو ما يفعله وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد، ودول المجلس، وكذلك تشكيل لجنة إغاثة من أجل دعم ومساعدة لبنان وإغاثة النازحين والمنكوبين.
بالعودة إلى الجامعة العربية، لا يستبعد أن يكون هناك تحرّك في الأيام القليلة المقبلة، وربّما قبل ذلك، على اعتبار أن ثمّة اتصالات قام بها الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط، خلال وجوده في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، والآن يجري اتصالاته مع المعنيين، وقد يصل إلى بيروت، في أيّ وقت، الأمين العام المساعد للجامعة السفير حسام زكي، أو الأمين العام للجامعة، نظراً إلى الأوضاع الخطيرة على الساحة اللبنانية، التي تنذر بما لا تُحمد عقباه إن لم يصل المعنيون لوقف إطلاق النار في وقت قريب جداً.
في السياق، تخلص المصادر الخليجية في العاصمة اللبنانية إلى أن سفراء دول الخليج في بيروت يتحركون على أكثر من خط، ليس فقط من أجل الاستحقاق الرئاسي، بل مواكبة ومتابعة للعدوان الإسرائيلي ودعم لبنان، وثمّة خليّة نحل في هذا الإطار، من المسؤولين عن الإغاثة في هذه السفارات، بسبب الظروف القاهرة والصعبة التي تحيط باللبنانيين اقتصادياً واجتماعياً، مع السعي لبلسمة جراح النازحين والمصابين والمنكوبين. أما على المستوى السياسي والرئاسي فإن بيان المجلس كان واضحاً، ولا يخفى أن هناك مبادرة على مستوى بالغ الأهمية، ستظهر معالمها قريباً عبر دور وحراك واتصالات قادة دول مجلس التعاون الخليجي.
توازياً، كان لافتاً البيان الصادر عن جامعة الدول العربية، الذي أكّد المؤكد، بأن حراكها والبنود التي تناولها البيان يبنى عليها، خصوصاً وقف الحرب وتحميل المجتمع الدولي مسؤولية أيّ انتهاك لسيادة لبنان؛ وثمة معلومات من مصادر الجامعة العربية في بيروت تشير إلى وجود توجه نحو تفعيل دورها، ولبنان سيكون أولوية على الرغم من استمرار حرب غزة، بمعنى أن ما بلغته الحرب في لبنان استوجب بياناً على هذا المستوى الذي يتناغم مع بيان دول مجلس التعاون الخليجي، وصولاً إلى الموقف المشترك لوزيري خارجية المملكة العربية السعودية ومصر، والصرخة التي أطلقاها بضرورة وقف الحرب في لبنان محمّلين المجتمع الدولي كلّ المسؤولية. لذلك، فإن زخم التحرك من مجلس دول التعاون الخليجي والجامعة العربية تحديداً يبنى عليه في ظلّ ما يعانيه ويتعرض له البلد من حرب غير مسبوقة؛ وينقل هنا أن الساعات المقبلة تصبّ في إطار وصول موفدين من الجامعة العربية. ويبقى ـ وفق المصادر المعنية ـ أن بيان الجامعة العربية كان مهمّاً جدّاً، خصوصاً تحذير المجتمع الدولي من مغبّة انتهاك سيادة لبنان، ربطاً بالحديث عن إمكانية قيام إسرائيل بهجوم بريّ، مما يعني أن التاريخ يعيد نفسه بين اجتياح عام 1982 والمرحلة الراهنة؛ والساعات والأيام المقبلة ستؤكد أن الجامعة العربية في صدد إحياء دورها وتفعيل عملها لإنقاذ البلد، وإن كان ذلك متعلّقاً بدور أساسي لواشنطن للجم إسرائيل. فهل تنجح هذه المساعي؟