مقالات __ كتاب __ صوت جرش
تعد آليات الإدارة واتخاذ القرار من الأمور الجوهرية في نجاح المنظمات والحكومات ومن بين هذه الآليات، تبرز المركزية واللامركزية كنمطين أساسيين يحددان طريقة توزيع السلطات والمسؤوليات بينما تعتمد المركزية على تركيز السلطة في يد جهة واحدة، سواء كانت حكومة وطنية، إدارة عليا في مؤسسة، أو قائد فردي تُطبق هذه الآلية عادة في الحكومات المركزية، والمنظمات الكبيرة التي تحتاج إلى توجيه موحد وسياسات ثابتة ، فإن اللامركزية هي نظام إداري يتم فيه توزيع السلطات والمسؤوليات على مستويات إدارية مختلفة، مما يمنح الوحدات الفرعية أو الإقليمية حرية اتخاذ القرارات الخاصة بها. يمكن أن تتجلى اللامركزية في الحكومات المحلية، أو في الشركات التي تمنح صلاحيات للأفرع المختلفة وفق احتياجاتها المحلية في حين ان فوائد المركزية تكمن في توفر رؤية موحدة وسياسات متناسقة وتسهل الرقابة على الأداء والموارد كما انها تحد من الفساد الإداري عبر تقليل الجهات المسؤولة عن اتخاذ القرار وتحقق كفاءة في تخصيص الموارد وفق أولويات محددة بينما تبرز مضار المركزية في بطء اتخاذ القرار بسبب الحاجة إلى الموافقات من المستويات العليا، وقد تؤدي إلى نقص في الابتكار والمبادرات المحلية بسبب التقييد الإداري ، كما يمكن أن تخلق فجوة بين متخذي القرار والمستويات التنفيذية أو الجمهور، اما فوائد اللامركزية فهي تتيح اتخاذ قرارات أسرع وأفضل وفق الاحتياجات المحلية ، تعزز الابتكار من خلال منح الفرصة للوحدات الفرعية لتطوير حلول جديدة ، تقلل من العبء الإداري على السلطة المركزية وتعزز مشاركة المواطنين أو الموظفين في صنع القرار، مما يؤدي إلى تعزيز الشعور بالمسؤولية وبالنسبة لمضار اللامركزية فقد تؤدي إلى تضارب السياسات بين الوحدات المختلفة وتزيد من احتمالية الفساد الإداري إذا لم تكن هناك رقابة فعالة ، كما يمكن أن تؤدي إلى تفاوت في جودة الخدمات بين المناطق المختلفة وتؤدي إلى صعوبة في تنسيق الجهود بين مختلف الوحدات والسؤال المهم هنا متى يكون تطبيق كل منهما هو الخيار الأفضل؟
بالنسبة الى المركزية هي الأفضل عندما يكون هناك حاجة إلى قرارات موحدة على المستوى الوطني أو المؤسسي ويكون هناك نقص في الكوادر المؤهلة لاتخاذ قرارات مستقلة في المستويات الدنيا وعندما تكون القرارات تتعلق بأمن قومي أو موارد استراتيجية حساسة ، وبالنسبة اللامركزية هي الأفضل عندما يكون هناك تنوع كبير في احتياجات المناطق أو الوحدات المختلفة وتتطلب الظروف الاقتصادية أو الاجتماعية حلولًا سريعة ومحلية وعندما يكون هناك رغبة في تعزيز المشاركة الشعبية أو المؤسسية في صنع القرار بينما لا يمكن الجزم بأن أحد النظامين هو الأفضل في جميع الحالات ، بل يعتمد الاختيار بينهما على طبيعة المنظمة أو الدولة واحتياجاتها في بعض الأحيان ، يكون المزج بين المركزية واللامركزية هو الحل الأمثل لتحقيق التوازن بين التحكم والمرونة، والاستفادة من مزايا كل نظام وتجنب عيوبه لذا، من الضروري دراسة الظروف والمتطلبات قبل تبني أي منهما لضمان تحقيق الأهداف المرجوة بكفاءة وفعالية.
المركزية واللامركزية في الأردن تعتمد على تركيز السلطة واتخاذ القرارات في يد الحكومة المركزية (العاصمة عمان) والإدارات المحلية تتبع مباشرة للوزارات والمؤسسات الحكومية. كما تسهم في توحيد السياسات والخطط الوطنية لكنها قد تؤدي إلى بطء في اتخاذ القرارات محليًا.
اما اللامركزية فقد تم تفعيلها في الأردن بقانون اللامركزية لعام 2015 لتعزيز مشاركة المحافظات في صنع القرار تهدف إلى توزيع الصلاحيات على مجالس المحافظات والبلديات، مما يزيد من كفاءة الخدمات ويعزز التنمية المحلية. وتمنح المجالس المنتخبة صلاحيات في التخطيط والتنفيذ لكن تبقى بعض الصلاحيات الأساسية بيد الحكومة المركزية.
ويبقى السؤال هنا هل تطبق المركزية واللامركزية في الأردن بالطريقة الصحيحة .