يرى العراقيون في كرة القدم متنفساً أساسياً لهم من كافة الضغوطات التي يعيشونها، ويتمسكون بمنتخبهم "أسود الرافدين" وتشجيعه حتى النخاع؛ ولهذا كانت شوارع العاصمة بغداد، لا سيما الكرادة، ممتلئة عن بكرة أبيها لمتابعة اللقاء الكلاسيكي ضد السعودية في كأس الخليج "خليجي 26"، إلا أنهم أصيبوا بخيبة كبيرة نتيجة الإقصاء وفقدان اللقب، إثر الخسارة 1-3، مع العودة بخفي حنين وهم يضربون كفاً بكف.
صدمة الجماهير كانت أكبر بكثير من صدمة من كانوا في استاد جابر الأحمد الدولي في العاصمة الكويتية، وباتوا يخشون أكثر من توالي الصدمات، إذ يرى المشجّع حيدر العبادي (44 سنة) أن الفريق لا يُبشّر. العبادي جمع عائلته ليتابع وقائع اللقاء عبر شاشة أحد مقاهي الكرادة، وسط حضور كبير تمركز في كل زاوية من العاصمة بغداد. ويُضيف العبادي "الفريق مع كاساس (المدرب الإسباني) لا يُمكن أن يستمرّ على هذا النحو، لا سيما في تصفيات كأس العالم".
بعد الإقصاء، شدّد كاساس على أن خروج فريقه من "خليجي 26" لن يؤثر على فرصته في تصفيات المونديال، وأضاف "منحتنا هذه البطولة فرصة إضافية للتعرف على لاعبين جدد انضموا إلى المنتخب".
النتيجة والإقصاء والمستوى العام للمنتخب عوامل ستضع اتحاد اللعبة والجهاز الفني للفريق الوطني العراقي تحت الضغط في الأشهر المقبلة، لا سيّما أن الانتقادات طالت إدارة المنتخب عموماً، وكاساس خصوصاً. فقد قال اللاعب الدولي السابق المتوج بلقب كأس آسيا 2007، صالح سدير، في سلسلسة تغريدات "كرة القدم تعتمد على التفاصيل، والمدرب الناجح هو الذي يعرف كيف يديرها. للأسف، كاساس لم يتمكن من إثبات نفسه في هذا الجانب"، وأضاف "العراق يمتلك مواهب كبيرة، لكنه مع مدرب بلا فكر ولا خبرة، لن نتقدّم خطوة واحدة... على الاتحاد أن يتحرّك فوراً، لأن بقاء هذا الوضع يعني مزيداً من الإهانة لتاريخ الكرة العراقية".
وقدّم "أسود الرافدين" عروضاً سيئة في مبارياته الثلاث حيث عانى بشدّة قبل الفوز على اليمن بهدف نظيف، ثمّ انهار أمام البحرين، ولم يظهر الفريق بهويّة محدّدة.
ورأى الكثيرون أنه كان من الأجدى أن يشارك الفريق بتشكيلة شابة تمنح اللاعبين الجدد الفرصة، محمّلين الاتحاد، برئاسة عدنان درجال وكاساس مسؤولية التدهور. وطالب كثيرون بإقالة كاساس والتخطيط في الشهرين المقبلين لتعزيز الفريق قبل مواجهة كلّ من منتخبي الكويت وفلسطين في الجولتين السابعة والثامنة من تصفيات كأس العالم 2026، يومي 20 و25 آذار (مارس) المقبل.
ورغم امتلاكه مهاجمين مميزين، لا سيّما أيمن حسين، فإن المنتخب العراقي عانى أيضاً من عقم هجومي، إذ لم يسجّل الفريق سوى مرتين في 270 دقيقة عبر أيمن ومهند علي "ميمي"، مهدراً الفرص الكثيرة التي حصل عليها (13 تسديدة ضد السعودية). دفاعياً، كان المستوى هزيلاً، مع أن كاساس اختار التحفظ المبالغ فيه، والاعتماد على التكتل في الخلف.
وطالت الانتقادات الاتحاد المسؤول الأول والأخير بحسب العراقيين عن المنتخب، حيث أشار العجيج إلى تخمة المرافقين للفريق وتدخّلهم. وأكثر من تعرض للهجوم كان نائب الرئيس والقائد التاريخي للمنتخب يونس محمود، الذي خرج بسلسلة تصريحات أثارت الجدل، أولاً عن مشاكل المنتخب، أو عندما تهكّم على المنتخب السعودي، وقال ساخراً: "السعودية جاية للقب؟!"، فأثارت هذه العبارة استياءً واسعاً لدى الإعلام والجماهير السعودية، وكان الفوز مناسباً لرد الصاع صاعين، مؤكّدين مقولة "من يضحك أخيراً يضحك كثيراً".
وكان الرد الأبلغ على لسان اللاعب السعودي علي البليهي بقوله لمحمود "إذا أردت الحديث عن الكرة السعودية فمن الضروري أن تقف أولاً على رجليك احتراماً"، وتابع: "أتمنى لك رحلة سعيدة وبالتوفيق، لا أحد يعرفك إلا حين لعبت في السعودية، أقول في الختام السعودية لا تُمسّ".