الأردن __ تقرير __ جنيف__ صوت جرش
قدمت المملكة الأردنية الهاشمية اليوم الأربعاء تقريرها الدوري الرابع أمام لجنة مناهضة التعذيب في جنيف، في إطار التزامها المستمر بتعزيز منظومة حقوق الإنسان وتطبيق بنود اتفاقية مناهضة التعذيب التي صادقت عليها، وعكْس توجهاتها الثابتة في احترام حقوق الأفراد وصون كرامتهم.
وأكد مدير وحدة حقوق الإنسان في رئاسة الوزراء الدكتور خليل العبداللات، بحضور المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة السفير أكرم الحراحشة، ومديرة مديرية حقوق الإنسان في وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، رئيسة الوفد السفيرة سجا المجالي، أن الأردن بقيادة جلالة الملك يسير بخطى مستمرة نحو تعزيز منظومة حقوق الإنسان، موضحًا أن هذه الجهود تأتي في سياق التزام الدولة بتعميق تعاونها مع الآليات الدولية ومتابعة تنفيذ التوصيات الصادرة عنها.
وأوضح العبداللات أن الحكومة أقرت حزمة من التشريعات والسياسات والممارسات التي تصب مباشرة في تنفيذ الالتزامات والتعهدات أمام الآليات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، خاصة في تنفيذ توصيات الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان، حيث تم تعديل نصوص الدستور الأردني، وقانون الأحزاب، وقانون الانتخاب، وإصدار قانون الطفل بشكل ساهم في تطوير المنظومة الإصلاحية في الأردن.
وأكد التزام الأردن برفض أشكال التعذيب كافة، وحرصه على محاربته تشريعياً وقضائياً وإدارياً، حيث اتخذ خطوات ملموسة لتعزيز الأطر القانونية والتشريعية ذات الصلة، بما في ذلك تعديل قانون العقوبات وتشديد العقوبات المتعلقة بجرائم التعذيب.
وأشار العبداللات إلى أن تعديل قانون العقوبات رفع الحد الأدنى لجريمة التعذيب لتصبح عقوبته من سنة إلى ثلاث سنوات اذا كانت جنحة بعد أن كانت العقوبة من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات، وإذا أفضى التعذيب إلى مرض أو جرح بليغ أصبحت العقوبة الأشغال المؤقتة، كما تم النص على عدم الأخذ بالأسباب المخففة أو وقف تنفيذ العقوبة.
كما تم تشديد العقوبة بالفقرة الثالثة كي يتناسب الفعل الذي من الممكن أن يصدر عن رجل إنفاذ القانون ويشكل جريمة التعذيب مع العقوبة، وقد نص المشرع الأردني صراحة على عدم الأخذ بالأسباب المخففة المنصوصة، ولا يجوز للمحكمة وقف تنفيذ العقوبة المنصوص عليها، حيث تكفل المادة 208 من قانون العقوبات حظر التعذيب حظرا مطلقا لا استثناء منه.
ولفت العبداللات إلى إصدار دليل عمل "مدونة الممارسات التي تحكم وتنظم عملية احتجاز وتوقيف الأشخاص" وتوزيعه على وحدات الأمن العام، وبموجبه يتم السماح للشخص المحتجز بمجرد أن يتم وضعه في مكان الاحتجاز بالاتصال مع أهله وإبلاغ ذويه عن مكان تواجده وتوثيق ذلك من خلال السجلات الموجودة داخل كل مكان احتجاز، بالإضافة إلى السماح للمحامي بالاتصال بموكله وتوقيع الوكالة القانونية منه وفقاً لأحكام القانون، تفعيلاً لمذكرة التفاهم الموقعة بين مديرية الأمن العام ونقابة المحامين.
وأضاف، إن مديرية الأمن العام تقوم عند ملاحظة أية علامات تدل على سوء وضع الشخص الصحي أو في حالة طلب الشخص ذلك، بإجراء فحص طبي من مصدر مستقل للمحتجزين، ولا يتم إدخال أي شخص محتجز إلى داخل مكان الاحتجاز في المراكز الأمنية إلا بعد التأكد من وضعه الصحي.
وأكد العبداللات أن مديرية الأمن العام نفذت برامج تدريبية في مجال حقوق الإنسان بالتعاون مع وحدة حقوق الانسان في رئاسة الوزراء، والمركز الوطني لحقوق الإنسان، ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية، وتدريب جميع مرتباتها على مفاهيم حقوق الإنسان والمعايير الدولية واجبة المراعاة.
كما استُحدِث مركز تدريب متخصص لحقوق الإنسان يتبع لمكتب الشفافية وحقوق الإنسان، ليكون مركزا إقليمياً يقدم خدماته للدول الشقيقة والصديقة وكل من يطلب التعامل معه، وتم إدراج مادة حقوق الإنسان في المناهج التدريبية للدورات ومنهج الفحص الإجباري للترفيع للرتبة الأعلى، حتى يكون شرط اجتياز هذا الفحص الذي يحتوي مادة حقوق الإنسان شرطا إجباريا للترفيع للرتبة الأعلى.
وأشار العبداللات إلى إنشاء مديرية المساعدة القانونية في وزارة العدل بناءً على توصيات اللجنة الملكية لتطوير القضاء، حيث تقوم هذه المديرية بتقديم خدمات المساعدة القانونية للفئات غير القادرة مالياً على توكيل محام يمثلها أمام القضاء في القضايا الجزائية، لضمان مبدأ المحاكمة العادلة.
وعن دعم المركز الوطني لحقوق الإنسان، قال العبداللات، "إن الحكومة تدعم جهود المركز في حماية وتعزيز حقوق الإنسان في المملكة، وجهوده فيما يتعلق برصد التجاوزات وتقديم التوصيات والملاحظات وتلقي الشكاوى، ضمن إطار استقلالية عمل المركز استناداً لمبادئ باريس".
وعن آليات الحماية والدعم المعمول بها لضحايا العنف ضد المرأة، شدد العبداللات على أن الدولة الأردنية ملتزمة بتوفير الخدمات الشرطية والقضائية والاجتماعية والصحية والإيوائية لضحايا العنف الأسري من النساء والأطفال، مبينا أن القانون ألزم المحكمةَ بالنظر في قضايا العنف الأسري بصفة الاستعجال وبشكل سري، مع توفير تقنية الربط التلفزيوني لحماية الأحداث وقضايا العنف الأسري.
وأشاد العبداللات بتعديل قانون منع الاتجار بالبشر، الذي يعد محطة مهمة ورائدة في سبيل مكافحة الاتجار بالبشر ومواكبة التطورات والمستجدات بهذا الخصوص، حيث يوفر القانون المزيد من أوجه الحماية للمجني عليهم والمتضررين، وتضمنت نصوصه تشديداً للعقوبات بحق مرتكبي جرائم الاتجار بالبشر، وتوفير قضاء متخصص للنظر في هذه الجرائم، إضافة إلى العديد من الأحكام التي تقدم مزيداً من الحماية والرعاية للمجني عليهم والمتضررين من خلال إيجاد صندوق خاص بمساعدة الضحايا وتعويضهم عما يلحق بهم من أضرار والتركيز على المساعدة القانونية لهم.
وفيما يتعلق بقضايا اللاجئين، أوضح العبداللات أن الأردن يُعد من أكبر الدول المستضيفة للاجئين مقارنةً بعدد سكانه، حيث يقدم الحماية والرعاية لنحو 57 جنسية من اللاجئين يشكلون ما نسبته 31 بالمئة من سكان المملكة، مؤكدا أن سياسة الأردن تتمثل بضمان العودة الطوعية الآمنة والكريمة للاجئين، حيث يتم التنسيق بشكل وثيق مع وكالات الأمم المتحدة الإنسانية، ومنها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لضمان توفير الخدمات الأساسية والدعم الإنساني لهم.
وأشار إلى أن مذكرة التفاهم الموقعة بين الأردن والمفوضية، والتي تم تحديثها في عام 2014، تنص على احترام مبدأ عدم الطرد أو الردّ القسري للاجئين إلى مناطق قد تتعرض فيها حياتهم أو حريتهم للخطر، ما يعكس التزام المملكة الراسخ بالمعايير الإنسانية الدولية.
وأكد العبداللات انتهاج الأردن لسياسة تقوم على تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها في المجالات كافة، وتلبية المعايير الدولية، وتحقيق التوازن بين الالتزامات الوطنية والدولية بما يحقق الرفاه لجميع الأفراد المقيمين على أراضي المملكة.
يشار إلى أن الوفد الأردني لمناقشة التقرير في الفترة من (6-7) تشرين الثاني الجاري، يضم نخبة من الخبراء والمختصين من مختلف الجهات الرسمية، الذين اعتمدوا في إعداد التقرير منهجية الشفافية والمساءلة، حيث أُنجزت مراجعات وطنية شاملة حول الجهود المبذولة لمناهضة التعذيب، ومعالجة أي ادعاءات تتعلق بهذه القضايا.