قال حماده أبو نجمة، مدير المركز الأردني لحقوق العمل "بيت العمال"، إن الحديث الأخير عن زيادة الحد الأدنى للأجور إلى 280 ديناراً استناداً إلى معدلات التضخم، يثير تساؤلات حول مدى عدالة هذه الزيادة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها المواطن الأردني. وأوضح أبو نجمة أن هناك فرقاً جوهرياً بين حساب الزيادة بناءً على معدلات التضخم، وبين حسابها بناءً على كلف المعيشة الفعلية، كما يقتضي قانون العمل.
وأشار أبو نجمة إلى أن اعتماد معدل التضخم فقط يعني الأخذ بالزيادة العامة في الأسعار، التي بلغت نحو 9% في السنوات الثلاث الأخيرة، وهو ما يعكس الزيادة في أسعار السلع والخدمات بشكل عام. ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن هذه الزيادة تواكب احتياجات العاملين الأساسية. فعندما نقارن التضخم بتكاليف المعيشة الفعلية، نجد أن الأرقام لا تتوافق. فتكلفة المعيشة للفرد، دون احتساب الإيجار، تصل حالياً إلى حوالي 350 ديناراً شهرياً، في حين أن إيجار الشقة الصغيرة يتراوح بين 200 و300 دينار. لذا، فإن الحد الأدنى للأجور الحالي، الذي يبلغ 260 ديناراً، أو الزيادة المقترحة إلى 281 ديناراً، لا تقترب من تلبية هذه الاحتياجات الأساسية.
وأكد أبو نجمة أن قانون العمل الأردني ينص بوضوح على أن حساب الحد الأدنى للأجور يجب أن يعتمد على كلف المعيشة، وليس معدلات التضخم فقط. ولفت إلى أن هذه الكلف تشمل الضروريات الأساسية مثل الغذاء، المسكن، المواصلات، التعليم، والرعاية الصحية، وهي شهدت زيادات تفوق معدل التضخم العام في السنوات الأخيرة.
وأضاف أبو نجمة أن الرقم المعتمد حالياً، 260 ديناراً، كان قد تم تحديده خلال فترة جائحة كورونا، وكان القرار حينها مؤقتاً. وكان من المفترض أن تتم مراجعته في السنة التالية، إلا أن ذلك لم يتم حتى الآن، مما يجعل البناء على هذا الرقم غير عادل، خصوصاً أنه لم يكن يتناسب مع تكاليف المعيشة حتى في تلك الفترة.
وأشار إلى أن التجارب الدولية تدعم فكرة أن الحد الأدنى للأجور يجب أن يتراوح بين 50% إلى 60% من متوسط الأجر السائد في البلد. وفي الأردن، حيث بلغ متوسط الأجر الشهري 627 ديناراً في عام 2023، فإن الحد الأدنى للأجور يجب أن يكون ما بين 313 ديناراً و376 ديناراً. وبالتالي، فإن الزيادة المطروحة من الاتحاد العام لنقابات العمال إلى 300 دينار تعتبر خطوة ضرورية لتلبية احتياجات العمال وتحقيق نوع من العدالة الاقتصادية.
وفي هذا السياق، أشار أبو نجمة إلى أن زيادة الحد الأدنى للأجور إلى 300 دينار لن تؤثر سلباً على الاقتصاد الوطني. فقد أظهرت الدراسات أن مثل هذه الزيادة لن تتجاوز 1.5% في كلف الإنتاج، وهي نسبة ضئيلة لا تؤثر على التنافسية أو الأرباح. بل على العكس، فإنها ستعزز القوة الشرائية للعمال، مما سيؤدي إلى زيادة في الطلب الداخلي وتحفيز النشاط الاقتصادي.
وفي ختام تصريحاته، دعا حماده أبو نجمة اللجنة الثلاثية والجهات المختصة إلى تبني سياسات تلتزم بروح القانون، وتحترم الحقوق الأساسية للعمال، بما يضمن لهم حياة كريمة ويساهم في تحقيق التوازن بين متطلبات الاقتصاد وحقوق العمال، ويعزز استقرار المجتمع ونموه.