عشيّة الجولة الثانية من المحادثات الإيرانية - الأميركية، كثفت الديبلوماسية الإيرانية تحرّكاتها، ووصل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى موسكو أمس الأربعاء لتسليم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسالة خطية من آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية. وقال عراقجي إن إيران تنسّق دائماً سياساتها الإقليمية والدولية مع روسيا
كذلك، زار الأمين العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي طهران، وأكّد أنّ أيّ اتفاق نووي بين إيران والولايات المتحدة يجب أن يكون في إطار لوائح الوكالة.
وشكّلت زيارة وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، الطيار البالغ من العمر 37 عاماً، لطهران محطّة لافتة، لكونها الأولى لوزير دفاع سعودي لإيران بعد الثورة الإسلامية.
ويُذكر أنّ الأمير خالد كان سفيراً للمملكة لدى الولايات المتحدة، ثمّ رُقّي إلى نائب وزير الدفاع، وعُيّن وزيراً للدفاع عام 2022
ويكتسب منصب وزير الدفاع في المملكة أهمية ومكانة عالية في هيكل صنع القرار في الحكومة السعودية. وتشير الزيارة الأولى لوزير الدفاع السعودي لإيران إلى تحسن في مستوى التعاون العسكري والأمني بين البلدين، وهو ما لا يمكن أن يتم من دون موافقة وضوء أخضر من الولايات المتحدة.
وهذه هي الزيارة الأولى لوزير دفاع سعودي لطهران منذ الثورة الإسلامية في إيران عام 1979
وكان وزير الدفاع الإيراني الأسبق علي شمخاني قد زار الرياض عندما تحسنت العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية خلال رئاسة الرئيس محمد خاتمي.
وشهدت العلاقات بين البلدين العديد من التقلبات في السنوات التي أعقبت الثورة، ولكن منذ ثلاث سنوات بدأت تتحسن مرة أخرى.
وتُعدّ زيارة خالد بن سلمان اليوم بدعوة من اللواء محمد باقري، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، نقطة تحوّل في هذه العلاقات، إذ كانت الخلافات الأمنية والسياسية في الماضي تطغى على جوانب أخرى.
ورغم أنّ إيران أعلنت أن زيارة وزير الدفاع السعودي تمّ التنسيق لها قبل أربعة أشهر، فإنّ توقيتها مع الجولة الثانية من المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن، المقرّر عقدها السبت، يضيف إلى أهميتها ويحمل رسائل مهمّة للمراقبين الدوليين، وخاصة الجانب الأميركي.
وقبل أيام، عقب الجولة الأولى من المحادثات الإيرانية - الأميركية في مسقط، اتصل عراقجي بمسؤولين من دول الجوار، من ضمنهم أيضاً نظيره السعودي فيصل بن فرحان، وأبلغه بتفاصيل المفاوضات مع المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف.
وكان المستشار الديبلوماسي لرئيس دولة الإمارات أنور قرقاش قد نقل رسالة من الرئيس الأميركي إلى خامنئي، ما يدل على أن ثلاث دول على الأقل – المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان – تؤدي دوراً نشطاً في المحادثات الإيرانية - الأميركية، كما أن طهران مستعدة أيضاً لإبقاء هذه الحكومات على اطلاع على تفاصيل المفاوضات مع الولايات المتحدة، وخاصة مواقف واشنطن ووعودها. ويبدو أنّ الدول العربية في الخليج العربي ترغب أيضاً في تحسين العلاقات بين إيران والولايات المتحدة من أجل زيادة الاستقرار والأمن الإقليميين ومزيد من الرخاء الاقتصادي والتنمية لهذه الدول، وتعمل على تحسين هذه العلاقة.
ولكن بموازاة النظرة الإيجابية إلى الزيارة السعودية، فإن بعض المراقبين يتكهنون أيضاً بأن زيارة خالد بن سلمان مرتبطة بالتهديدات العسكرية الأميركية لإيران في الأشهر الأخيرة. ويعتقدون أن وزير الدفاع السعودي، باعتباره الحليف الأهم لأميركا في المنطقة، هو على الأرجح يحمل إنذارات أخيرة وجّهتها واشنطن إلى طهران.
وفي الأيام الأخيرة، نقلت تقارير عن ويتكوف أنه دعا إلى تفكيك المنشآت النووية الإيرانية، بعدما صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنه يعارض فقط امتلاك إيران للقنبلة الذرية. ويرى بعض المحللين أن هذه الأخبار والمواقف المتناقضة تشير إلى وجود خلافات داخل إدارة ترامب بشأن إيران.
وفي هذا الإطار، ليس مستبعداً أن تكون الولايات المتحدة ترغب عشية الجولة الثانية من المفاوضات مع إيران، في رفع منسوب تهديداتها، وفي الوقت نفسه تعد بتقديم تنازلات لطهران من أجل التوصل إلى اتفاق.