بعد لحظات من الصدمة ومحاولة استيعاب ما يقوله الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لم تتوقف النقاشات داخل الدوائر السياسية والشعبية في مصر، وتواترت التعليقات على ما طرحه الرئيس الأميركي خلال لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الثلاثاء.
وكان ترامب تطرق خلال اللقاء إلى أن الولايات المتحدة ستسيطر على قطاع غزة، وتمتلكه، وتخرج سكانه، وتحوله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".
خلال الساعات الماضية، بقي اسم ترامب متصدراً منصات التواصل الاجتماعي، بمئات الآلاف من التغريدات والتدوينات، ونقلت وسائل الإعلام المحلية سيلاً من التعليقات والبيانات الرافضة للمقترح، سواء على المستوى الرسمي، أو النقابي، أو الشعبي.
خارج المنظومة
يرى وكيل لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين طارق الخولي أن مقترح الرئيس الأميركي يشير إلى نيته تهجير الفلسطينيين بشكل قسري، والسيطرة على أرض شعب آخر، ما يجعله طرحاً خارج سياق المنظومة الدولية.
ويقول الخولي، لـ"النهار"، إن "المقترح الذي أعلنه الرئيس ترامب، يتنافى مع القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وكافة الأعراف الدولية".
ويضيف: "هذا الطرح، يمثل إحياء للمشروع القديم والمتجدد لتفريغ غزة من سكانها، ومن المتوقع أن يتم الأمر ذاته مع الضفة الغربية، ومن ثم تصفية القضية الفلسطينية برمتها، وذلك بدلاً من تنفيذ حل الدولتين، الذي يمثل حلاً عادلاً ومستداماً لهذا الصراع الطويل".
ويشير النائب إلى أن "مصر، والأردن، ودولاً عربية عدة، موقفها واضح في هذا الشأن، وهو الرفض التام للتهجير القسري للفلسطينيين، لأن هذا يدفع المنطقة صوب مزيد من الصراعات والحروب وعدم الاستقرار. وما شهدناه خلال الأشهر الماضية، يتطلب مواقف حكيمة، وحلاً للقضية الفلسطينية على أساس عادل ودائم، كي ينتهي الصراع الذي استمر لعقود متتالية".
غضب حزبي
وعبرت الكثير من الأحزاب المصرية والنقابات في بيانات رسمية عن رفضها القاطع لمقترح الرئيس الأميركي، ويقول مساعد الأمين العام للتنظيم في "حزب المؤتمر" باسم حلقة لـ"النهار": "ما تحدث عنه ترامب أمر مرفوض تماماً، ولا نقبل به نهائياً".
ويشير حلقة إلى أن "حزب المؤتمر اتخذ قراراً واضحاً بقيادة الربان عمر المختار صميدة، رئيس الحزب، وهذا ما أعلنه الحزب بمسيرته الأخيرة في مدينة الإسكندرية، بمناسبة افتتاح أمانته في المحافظة".
البقاء... وإعمار غزة
ومن جانبها، تقول النائبة في البرلمان إيفلين متى لـ"النهار": أنا مثل كل المصريين والعرب العقلاء والدول التي تحترم الملكيات وحقوق المواطنة، أقف ضد التهجير القسري، وفي صف أهالي غزة لإبقائهم ببلدهم وإعادة إعماره وتطويره".
وتضيف: "أنا ضد تصريحات ترامب غير المتعقلة عن تهجير سكان غزة، وتحويلها لريفييرا. لقد أعطى الحق لنفسه بالحكم على ما لا يملكه. وأرى أنه على الفلسطينيين الموجودين بجميع دول العالم العودة لإعمار بلدهم، و مساندة الشعب الباسل والباذل عمره ودمه ووقته وفكره لإحياء وطنه مرة أخرى بأيادي الفلسطينيين الشرفاء".
"محاولة يائسة"
ويرى النائب البرلماني هشام سعيد الجاهل أن مقترح ترامب هو "محاولة يائسة لتصفية القضية الفلسطينية، لأنها لا تنم عن فهم حقيقي لطبيعة المواقف والواقع لدى المعنيين بالأمر مباشرة، سواء مصر، والأردن، وحتى سكان غزة".
ويقول لـ"النهار": "لا أحد من هؤلاء لديه أي استعداد لمناقشة تلك الفكرة، أو الاستعداد للنظر أو الاستماع لهذا المخطط إطلاقاً… فكرة التهجير من وجهة نظر القاهرة غير أخلاقية، ومنافية للقيم والقوانين الدولية، ورفضها قاطع وثابت لا يتزعزع".
ويعتقد أن "هذه الخطة غير قابلة للتطبيق كما تواجه عوائق شتى، بينها تمسك الفلسطينيين بأرضهم، ومعارضة الدول العربية: مصر، والأردن، والسعودية… كذلك بيان جامعة الدول العربية الرافض لتصريحات ترامب، الذي أكد أن ثوابت القضية الفلسطينية محل إجماع عربي، وعلى رأسها حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة".