مقالات __ كتاب __ صوت جرش
فى فترة ولاية ترامب الأولى، كان موقف الأردن ومصر الجيو- استراتيجى، وما زال، أكثر صلابة واستقرارًا، سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا؛ نتيجة الحرص من قيادة البلدين، الملك عبدالله الثانى، والرئيس عبدالفتاح السيسى، الذكى، ليصبح رفض الشعوب الحية، هو أساس لضمان علاقات مكشوفة مع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب.
وما يحق حاليًا ردًا على أفكار وتصريحات ترامب عن التهجير المشروط إلى مصر والأردن، المناخ العام فى مصر والأردن يعلى الصوت مع القيادة السياسية:
لا للتهجير من قطاع غزة ولا لسياسة ترانسفير فلسطينى قسرى.
الوضع فى مصر والأردن اليوم أكثر صلابة وملاءمة، مقارنة بالوضع الذى احتال عليه ترامب، معللًا بأنه رئيس أمريكا، والأمر لا تعليل له، أى سلطة خارجية تستغل مساعدات الشعب الأمريكى لإذابة حرية وخيارات الشعوب التى لها حق فى فهم ما يحدث.
قريبًا، وفق معلومات دبلوماسية رفيعة المستوى، ستبدأ جولات التنسيق، القمم والاستشارات بين الملك عبدالله الثانى والرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، قيادات تعم منذ الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، مع المجتمع الدولى والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى، عدا الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الاستعمارية، بهدف أول ورئيس هو إيقاف الحرب، وتبادل الرهائن والأسرى، وأيضًا عدم منع دخول المساعدات إلى القطاع المحاصر.
الرئيس ترامب، لم يواكب أو يرى حجم ما قدمته مصر أو/و الأردن إلى غزة ورفح والضفة الغربية والقدس والداخل المحتل، استنادًا لحقوق الجوار والأخوة الشعبية، ومنعًا لتوسيع دائرة الحروب، لم يكن ترامب يرى مجازر ومحارق وعمليات الإبادة الجماعية ضد أهالى غزة ورفح والضفة الغربية، وهو اليوم، ترامب، يعلم أن الحرب كانت أساسًا مدعومة تمامًا من الرئيس الأسبق بايدن وإدارته فى البيت الأبيض والبنتاجون، وهم قطعًا كانوا ضد ترشيح الريس ترامب.
نموذجية الحوار والتحرك السياسى الدبلوماسى، بات ضرورة، المعلوت فى «الدستور» من مستويات دبلوماسية أن قمة أردنية- مصرية قريبة جدًا، من طلقها حماية الحقوق القانونية الدولية والأممية والتوافق العربى والأمنى تجاة إيقاف الحرب على غزة ومنع احتلالها ومنع التهجير القسرى لأى فلسطينى، سواء من غزة أو أى مدينة فلسطينية، والتزام الولايات المتحدة بذلك.
عمليًا، جيوسياسية الجوار الفلسطينى، والمنطقة، تحديدًا الخليج العربى، سيحدد مواقفها قوى شعبية وطنية، تدعم دعمًا كاملًا مواقف القيادات الحاكمة من مبدأ حسم الضروريات ومنع أى مصادمة مع الكيان الصهيونى وجنونه الحربى بقيادة سفاح العصر نتنياهو، وأما الدعم الأمريكى مع دولة التطرف الإسرائيلية، الدولة التوراتية، فهذا أمر له سبل معالجته، فالأردن، كما مصر أولًا، يمتلك خبرات كبرى فى مجال التفاوض ومعالجة الأزمات، عدا أن قوة واستقرار الأردن ومصر معززة بجيوش وأجهزة أمنية حريصة على حماية أهالى غزة من التهجير، كما تحمل مقدرات البلاد، وارتيادها المستقبل فى العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، رئيسًا وشعبًا وإدارة.
ترامب يدرك كل ذلك، وأى حاجة للتحدث مع الولايات المتحدة أو تهدئة التوترات فى المنطقة، الواقع الحالى غير كاشف، لكنه سيئول إلى عكس ما صرح به ترامب، فلا تهجير حاليًا، لأن المؤشرات السياسية والأمنية، تدرك أن فى إسرائيل من الأكاذيب والنوايا ما يمنع الريس ترامب من صقل دعوته أمريكيًا أولًا.
موقف الأردن ومصر الجيو- استراتيجى
بكل تركيز، ودراية سياسية وأمنية، الوضع بات اليوم يُقرأ من جديد، وتتحرك أوساط أمريكية لحث الرئيس ترامب إلى نسخ الأفكار حول تهجير بلد إلى بلاد عديدة أو مجاورة، لأن ذلك عمل قسرى تحت بند الحرب والقوة والإبادة، وهذا سيجعل المجتمع الدولى يتحرك بقوة ضد الموقف الأمريكى إذا لم يتوقف عند حق الشعب الفلسطينى فى حق المصير. ذلك أن: «موقف الأردن ومصرالجيو- استراتيجى»، يستند إلى رؤية داعمة للحقوق ومساعدة الشعوب على الاستقرار، وتحقيق السلم والأمان، وحرب غزة يجب أن تتوقف، وأن تتوافر شروط إعادة إعمار غزة وإيصال كل المساعدات الغذائية والطبية والصحية والطاقة والتربية.
هذا، لعلم الرئيس ترامب، ما يجعل مصر والأردن قوة فى نطاق جوارها وإقليمها علاقاتهما مع العالم.
عودة دونالد المدمر
حذر منها المفكر الأمريكى ملفين جودمان.
يقلل اهتمامنا بسياسات دونالد ترامب ودعايته من شأن السؤال المركزى الذى يحدد رئاسته: هل دونالد ترامب شخص لائق نفسيًا لأن يكون رئيسًا للولايات المتحدة؟
فى فترة ولايته الأولى، حذر الأطباء النفسيون وعلماء النفس الأمريكيون من أن «رئيسنا المضطرب بشكل خطير يشكل تهديدًا للأمن المحلى والدولى». وقد أدى السلوك غير المنتظم لترامب كمرشح فى 2015/ 2016، وكرئيس فى 2017/ 2021، إلى تفعيل المبدأ الأخلاقى المعروف باسم «واجب التحذير» من الخطر الذى يمثله.
هذا ما قدم له المفكر السياسى الأمريكى «ملفين أ. جودمان Melvin A. Goodman»، زميل أقدم فى مركز السياسة الدولية وأستاذ الحكومة فى جامعة جونز هوبكنز. محلل سابق لوكالة المخابرات المركزية، والدراسة نُشرت مؤخرًا فى دورية «كاونتربنش»- وأعادت نشرها بالعربية البوابة الإلكترونية لـ«النشرة الدولية».
ملفين يرى:
أولًا: نرجسية ترامب
كانت نرجسية ترامب الخبيثة راسخة فى فترة ولايته الأولى، حيث ادعى أنه يعرف أكثر من أى شخص آخر، وأنه وحده يمكنه حل مشاكلنا. وأشارت شيطنة ترامب للصحافة ولخصومه، بالإضافة إلى معاملته للأقليات وتعامله مع قضايا الهجرة، إلى حالة من جنون العظمة. وأظهر فصله لأفراد عائلات المهاجرين عن بعضهم بعضًا افتقارًا إلى التعاطف من النوع الذى يصاحب النرجسية.
ثانيًا: جنون العظمة والتحكم فى الانفعالات
كان افتقاره إلى التحكم فى الانفعالات مثيرًا للقلق بشكل خاص فى عصر نووى لا يقدّم أى ضوابط وتوازنات حقيقية تضبط دور القائد الأعلى للقوات المسلحة فيما يتعلق باستخدام الأسلحة النووية. وكان الجمع بين جنون العظمة والتحكم فى الانفعالات هو العامل الأكثر إثارة للقلق، لأنه يمكن أن يؤدى إلى أعمال مدمرة.
ثالثًا: مواجهة الانتقادات العلنية
كنتيجة لأدائه كرئيس، واجه ترامب مستوى غير عادى من الانتقادات العلنية من أشخاص كان قد عيّنهم هو نفسه، بمن فيهم رئيس الموظفين جون كيلى، ووزير الخارجية ريكس تيلرسون، ومستشار الأمن القومى إتش. آر. ماكماستر - بل حتى مدير المخابرات الوطنية، دان كوتس. وقد كلفت هذه الانتقادات كلًا من تيلرسون وماكماستر وكوتس وظائفهم، وتم استبدالهم بموالين فى ذلك الوقت، مثل مايك بومبيو فى وزارة الخارجية، وجون بولتون فى مجلس الأمن القومى، وجون راتكليف كمدير للمخابرات الوطنية. وقد رفض معظم المعينين فى ولايته الأولى دعم جهوده للحصول على ولاية ثانية. ولن يواجه ترامب أسئلة حول الولاء فى فترة ولايته الثانية لأن المعينين الحاليين- دون استثناء- تعهدوا له بالولاء.
رابعًا: حروب ترامب
فى فترة ولايته الأولى، أعلن ترامب الحرب على الحكومة، والاستخبارات، والفقه، والدبلوماسية، وإنفاذ القانون، والخدمة العامة وتقصى الحقائق، لا سيما فى المجتمع العلمى. ولكن، فى ذلك الوقت كان هناك «راشدون فى الغرفة». وكانوا قادرين على تحدى أسوأ دوافعه- حتى تخفيفها. ولكن، لن يكون هناك «راشدون فى الغرفة» هذه المرة، حيث عيَّن ترامب أفرادًا متهورين واستبداديين أيضًا. وكانت رؤية «أمريكا أولًا» هى التيمة الأساسية لخطابى تنصيب ترامب، الأول والثانى. وهذه المرة، ادعى ترامب أيضًا أن التدخل الإلهى أنقذه من رصاصة قاتلة مست أذنه حتى يتمكن من «جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى».
خامسًا: ديكتاتور اليوم الأول
صرح ترامب بأنه سيكون ديكتاتورًا فى اليوم الأول من ولايته، وكان وفيًا لكلمته، بالإضافة إلى العفو عن 1.600 مجرم من الذين قاموا بأعمال الشغب فى 6 يناير، أصدر ترامب أمرًا غير دستورى بشأن الهجرة يلغى حق الجنسية المكتسبة، وهو انتهاك للتعديل الرابع عشر للدستور الذى يضمن الجنسية لأى شخص يولد فى الولايات المتحدة. كما أعاد ترامب الأمر الذى كان قد أصدره فى ولايته الأولى، الذى أنشأ تصنيفًا جديدًا لموظفى الخدمة المدنية الفيدرالية- «الجدول ف»- الذى من شأنه أن يلغى الحمايات على الخدمة المدنية ويسمح له بإزالة عشرات الآلاف من المدرجين على كشوف الرواتب الفيدرالية.
سادسًا: مشاكل قانونية
يبقى المسئولون رفيعو المستوى فى وزارة العدل ووكالة الاستخبارات المركزية معرضين للخطر بشكل خاص. فى اليوم الأول، استبدل ترامب رؤساء ثلاثة من أهم مكاتب المدعين العامين الأمريكيين، بالإضافة إلى إقالة المسئولين المهنيين الرئيسيين فى أهم أقسام وزارة العدل. وكان هذا العمل بداية تسليح وزارة العدل. وتشير هذه الخطوات إلى الأزمة الديمقراطية التى تواجهها الأمة من مدير جديد لمكتب التحقيقات الفيدرالى، «كاش باتيل»، القادم مع قائمة من الأعداء؛ ومن مديرة جديدة للمخابرات الوطنية «تولسى جابارد» حريصة على إثبات ولائها لدونالد ترامب. ولا يزال باتيل وجابارد ينتظران المصادقة على تعيينهما.
فى الوقت نفسه، اتخذ المسئولون الذين عينهم ترامب بالفعل خطوات تتراوح من غير المثمرة إلى الصبيانية المحضة. فقد أمر مستشار الأمن القومى الجديد، مايكل والتز، الذى لا يحتاج تعيينه إلى مصادقة من الكونجرس، بإخراج جميع المساعدين من غرفة العمليات فى البيت الأبيض بحلول ظهر يوم 20 يناير قبل أن يكمل ترامب أداء اليمين الدستورية.
سابعًا: غرفة العمليات
يشغل غرفة العمليات أكثر من مائة موظف ليسوا معيَّنين سياسيًا، الكثير منهم معارون من مجتمع الاستخبارات للتعامل مع نقاط الأزمة الدولية الحساسة. ونتيجة لأمر والتز، لن يكون هؤلاء فى وضع يسمح لهم بتقديم إيجازات للموظفين القادمين. ومن المفترض أن هذه كانت طريقة والتز لإظهار الولاء للرئيس الجديد.
كل ذلك يذكره «جودمان» من واقع خبرة موسعة فهو مؤلف كتاب «فشل الاستخبارات: تراجع وسقوط وكالة المخابرات المركزية» Failure of Intelligence: The Decline and Fall of the CIA and National Insecurity: The Cost of American Militarism؛ و«انعدام الأمن القومى: تكلفة النزعة العسكرية الأمريكية» National Insecurity: The Cost of American Militarism؛ و«مبلغ عن المخالفات فى وكالة المخابرات المركزية» A Whistleblower at the CIA. أحدث كتبه هى «المذبحة الأمريكية: حروب دونالد ترامب» American Carnage: The Wars of Donald Trump «منشورات أوبس، 2019»؛ النشرة الدولية.
ثامنًا: هيجسيث حريص على إثبات ولائه لترامب
صرح بيت هيجسيث، فى مناسبات عديدة أن هناك عددًا كبيرًا جدًا من الجنرالات والأدميرالات من فئة الأربع نجوم، وأنه ليس هناك أحد فوق المراجعة. ومثل والتز وباتيل، سيكون هيغسيث حريصًا على إثبات ولائه لترامب.
تاسعًا: عطلة تكريم الدكتور مارتن لوثر كينج
تزيد حقيقة أن خطاب تنصيب ترامب المزعج ألقى فى يوم عطلة تكريم الدكتور مارتن لوثر كينج من منسوب القلق الذى يشعر به الكثير منا. إن سيادة القانون لا تعنى شيئًا لدونالد ترامب، الذى يبدو ملتزمًا بكسر التقاليد والمؤسسات العريقة. وفكرة ترامب عن القانون والنظام هى العفو عن المتمردين الذين هددوا بقتل نائب الرئيس، مايك ترامب.
تشير حقيقة أن لدى ترامب أتباعًا مخلصين لعقيدة «جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى»، وحزبًا جمهوريًا يدعم كل تحركاته، ومحكمة عليا مطيعة، إلى قدوم ولايات متحدة أمريكية أقل ديمقراطية بكثير. كان أحد الأسئلة الأساسية فى دراسة التاريخ هو ما إذا كان القادة الأفراد يشكلون التاريخ أو ما إذا كانت القوى التاريخية هى التى تشكل القادة الأفراد. وأعتقد أننا سنحصل قريبًا على إجابة لهذه المعضلة، ولن تكون مطمئنة.
دراسة المفكر ملفين، تدرك أن حتى الولايات المتحدة الأمريكية تناقش الأحوال التى قد تدخلهم فى التغيير أو إعادة البناء.. توقعًا لتغييرات ترامب.
عودة لاتفاق غزة.. رؤية غربية
عن «المستقبل غير المؤكد لوقف إطلاق النار فى غزة» كتب الباحث السياسى الأمريكى «ميل جورتوف»، فى مجلة «بيس فويس» عما بعد وقبل وأوان اتفاق غزة، وقال: جلب وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» قدرًا من الارتياح للإسرائيليين والفلسطينيين. لكن الجميع يدرك أن ما سيأتى بعد ذلك هو السؤال الحقيقى- بمعنى ما الذى سيأتى تاليًا على افتراض أن تبادل الأسرى والرهائن يسير كما هو متفق عليه. وهذا افتراض كبير. هل سيستمر وقف إطلاق النار؟ هل ستتحرر غزة من قوات الاحتلال الإسرائيلى؟ ثمة الكثير من الأسباب التى تدعو للقلق، بما فيها ما يلى:
١
قد تتعثر مبادلة الأسرى بالرهائن بسبب الأعداد، خاصة على الجانب الفلسطينى. ثمة ما يصل إلى 10.000 سجين فلسطينى محتجز فى مراكز الاحتجاز التابعة لجيش الدفاع الإسرائيلى، بالإضافة إلى سجون أخرى. ولم يتم توجيه اتهامات أو إصدار أحكام على العديد من السجناء، بمن فيهم الأطفال. وربما تكون الأسئلة عما هو العدد الفعلى للسجناء لدى إسرائيل، وأين هم، وما إذا كانت إسرائيل ستطلق سراحهم، عقبات محتملة.
٢
يقف السفاح نتنياهو بشكل كامل وراء المرحلة الأولى من الاتفاق فقط- وقف إطلاق النار وتبادل أولى للأسرى مقابل الرهائن. وتدعو المرحلة الثانية إلى وقف دائم للأعمال العدائية والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة. ولكن، وفقًا ليوسى فوكس، رئيس موظفى نتنياهو، فإن الصفقة: «تتضمن خيار استئناف القتال فى نهاية المرحلة الأولى إذا لم تتطور المفاوضات حول المرحلة الثانية بطريقة تعِد بتحقيق أهداف الحرب: القضاء على (حماس) عسكريًا ومدنيًا وإطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين».
دعونا نتذكر أن السفاح نتنياهو لم يلتزم أبدًا بأى شىء أقل من تحقيق الانتصار الكامل على «حماس».
٣
حتى لو تم التوصل إلى اتفاق على المرحلة 2، سوف يكمن الشيطان فى التفاصيل. كتب إيفو دالدر، المسئول السابق فى مؤسسة الشئون الخارجية الأمريكية: «مَن سيحكم المنطقة؟ مَن سيدفع لإعادة بناء مشهد تحول إلى أنقاض؟ مَن سيطعم الناس، ويسكنهم، ويضعهم فى المدارس، ويوفر لهم الوظائف، ويعالج أمراضهم وجروحهم وصدماتهم العاطفية؟ ويواجه المجرمين الذين يتربصون بالضعفاء والمستضعفين»؟
٤
يمكن أن يكون حكم غزة مصدرًا لصراع آخر، هذه المرة بين السلطة الفلسطينية فى الضفة الغربية و«حماس». على الرغم من أن «حماس» قد أضعِفت بشكل كبير، فإن خلاياها لا تزال تسيطر على السلطة، ومن المحتمل أن ترفض محاولة تبذلها السلطة الفلسطينية للحكم فى القطاع. كتبت إحدى مجموعات الخبراء فى شئون الشرق الأوسط: «صرح مكتب رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، فى 17يناير بأن السلطة الفلسطينية تتمتع بالولاية القضائية القانونية والسياسية على قطاع غزة؛ باعتبارها السلطة الحاكمة المعترف بها فى الأراضى الفلسطينية، وأنها مستعدة لنشر فرق إدارية وأمنية فى قطاع غزة. ولا يكلف اتفاق وقف إطلاق النار السلطة الفلسطينية بحكم القطاع، كما أن وقف إطلاق النار لا يناقش موضوع الحكم بعد الحرب بأى طريقة. وقد صرح رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، محمد مصطفى، بشكل منفصل فى 18 يناير بأن لدى السلطة الفلسطينية (خطة مائة يوم) لما بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ».
أما الحقيقة التى يستبعدها هذا التعليق فهى معارضة نتنياهو منذ وقت طويل حكم السلطة الفلسطينية فى غزة.
٥
فى الواقع، كانت «حماس» عاكفة على إعادة بناء صفوفها وزيادة أعدادها، حتى مع أن قوتها التنظيمية قد أُضعِفت بشكل خطير. وقد أفادت المخابرات الأمريكية الآن بأن«حماس» جندت حوالى 15.000 شخص- حتى فى الوقت الذى يقال فيه إنها فقدت 20.000 مقاتل. وقالت إسرائيل مرارًا أنها يجب عدم السماح لـ«حماس» بالنهوض مرة أخرى. ويبدو أن هذا الهدف غير قابل للتحقيق.
٦
لم يتم تناول جهود إسرائيل لإعادة رسم الخطوط فى الضفة الغربية، وجنوب لبنان وسوريا فى الاتفاق. سوف يصر اليمين المتطرف على عدم انسحاب الجيش الإسرائيلى من أى من تلك الأراضى المحتلة لأسباب أمنية. وإذا بقى الجيش الإسرائيلى هناك، فنحن محكومون بأن نرى المزيد من العنف - من «حزب الله»، والميليشيات السورية، والمستوطنين الإسرائيليين. ويطالب «حزب الله» الجيش الإسرائيلى باستكمال انسحابه من لبنان وفقًا لاتفاق وقف إطلاق النار الذى تم إبرامه فى نوفمبر الماضى لمدة 60 يومًا. وقد انتهت صلاحية هذا الاتفاق الآن. ويقول الجيش الإسرائيلى إنه لن يلتزم بالموعد النهائيى.
٧
يمكن أن يؤدى العنف المستمر فى الضفة الغربية، بشكل أساسى من طرف المستوطنين الهائجين وبدعم من وزير نتنياهو اليمينى المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، إلى إحباط التقدم فى مفاوضات غزة. ويعارض اليمين المتطرف فى إسرائيل بشدة وقف إطلاق النار ويبحث بالتأكيد عن طرق لتخريبه. وقد ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» فى 21 يناير أنه فى الضفة الغربية، «اجتاح المستوطنون عدة قرى وعاثوا فيها فسادًا، حيث أحرقوا المنازل والمحلات وخربوا المركبات». ووصفت إحدى جماعات حقوق الإنسان الإسرائيلية الهجمات بأنها «مذابح» تهدف إلى تقويض اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة. وفى الواقع، كان عنف المستوطنين جاريًا منذ أشهر.
باختصار، قد لا يصل اتفاق وقف إطلاق النار إلى أكثر من المرحلة الأولى، بحيث يترك الجيش الإسرائيلى منتشرًا فى غزة، وكذلك فى جنوب لبنان؛ و«حماس» مستمرة فى التجنيد بنشاط؛ والسكان الفلسطينيين غير قادرين على استئناف حياتهم بأى شىء يشبه الأمن والعيش المعقول.
أين إدارة ترامب فى كل هذا؟ سوف تدعم إدارته استمرار الاحتلال الإسرائيلى، وقمع السكان الفلسطينيين، وعرقلة الحكم الذاتى الفلسطينى، ودعم نتنياهو إذا قرر استئناف الحرب مع «حماس». بالنسبة لترامب، غزة هى «موقع دمار»، ولذلك «نحن فقط سننظف هذا الشىء برمته». وقد طلب من مصر برئاسة أحد الرجال الأقوياء المفضلين لديه، والأردن استقبال المزيد من الفلسطينيين- الذين يفترض أنهم أولئك الذين ينجون من عملية التنظيف.
٨
إن تعيين ترامب سفراء مؤيدين لإسرائيل بحماس «فى الواقع بإيمان دينى عميق» فى الأمم المتحدة وتل أبيب؛ وإبطال عقوبات بايدن على المستوطنين العنيفين فى الضفة الغربية؛ وأمره للبنتاجون بالإفراج عن قنابل تزن الواحدة منها 2.000 رطل وتسليمها لإسرائيل؛ وإعفائه إسرائيل من قرار وقف جميع المساعدات الخارجية، هى كلها أمور توضح أن تحقيق تسوية عادلة ومعزّزة للسلام للصراع الإسرائيلى- الفلسطينى ستكون مستحيلة فى ظل هذه الإدارة.
٩
على العكس من ذلك، يدعم ترامب التطهير العرقى فى غزة، وكذلك أى إجراء إسرائيلى يمكن أن يزيل الشرق الأوسط من أجندته. أمام الخسائر البشرية، فلا تعنى له شيئًا.
ميل غورتوف Mel Gurtov: أستاذ فخرى للعلوم السياسية فى جامعة ولاية بورتلاند، وهذه ملاحظة مهمة أشارت لها ميل التى هورئيس تحرير «منظور آسيوى» Asian Perspective، وهى مجلة فصلية للشئون الدولية، وينشر مدوناته فى موقع Human Interest.
هجوم فكرى من نيويورك تايمز: هل لـ»إسرائيل» الحق فى الوجود كدولة يهودية؟
ما آثار الأوساط السياسية والأمنية، عدا الإعلامية فى الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى، المقال الذى نشرتة صحيفة «نيويورك تايمز»، وتؤكد أنه بالرغم من أن الولايات المتحدة تغلى بـ«الحدة الحزبية»، فإن الحزبين الحاكمين فيها يتفقان على أنه «لإسرائيل الحق فى الوجود».
رأت صحيفة «نيويورك تايمز»، أن الولايات المتحدة ورغم غليانها بـ«الحدة الحزبية»، إلا أن الحزبين الحاكمين فيها «الديمقراطى والجمهورى يتفقان على أن «لإسرائيل الحق فى الوجود».
المقال للكاتب والصحفى الأمريكى «بيتر بينات»، وفيه قال: إنه لو أعطى القادة الأمريكيون الأولوية لحياة الناس «الذين يعيشون بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط»، أى الفلسطينيين، «سيتضح أن السؤال عما إذا كان لإسرائيل الحق فى الوجود هو السؤال الخاطئ».. و