عُلِّقت اللوحة للمرة الأولى في كنيسة سان فيليكس في قرية شامبيني-أون-بوز، بمنطقة وادي لوار الفرنسية في القرن التاسع عشر، وبقيت هناك من دون أن يلتفت إليها أحد. ثم، في عام 2010، استرعت اللوحة انتباه ماتيو جيانيسيلي، أمين المتحف الوطني لعصر النهضة.
كان جيانيسيلي في طور الإعداد لجرد الأعمال الفنّية الإيطالية المعروضة داخل المباني العامة في فرنسا، وانشغل في البحث عمّا إذا كانت اللوحة تنتمي بالفعل إلى ورشة رسام إيطالي النهضويّ ساندرو بوتيتشيلي، وفق ما أورد موقع "يورو نيوز".
تُعدّ اللوحة نسخة من عمل بوتيتشيلي "العذراء والطفل المسيح، والقديس يوحنا المعمدان"، الذي رُسم بين عامي 1490 و1495، وتُصوِّر العذراء مريم وهي تحمل المسيح طفلاً، بينما يُقبِّله الطفل القديس يوحنا المعمدان.
مساهمة المعلِّم
ساد اعتقاد بأنّ اللوحة عبارة عن نسخة تعود للقرن التاسع عشر عن الأصل الذي رسمه بوتيتشيلي. لكن الفحوصات التي أجراها مركز الأبحاث والترميم لمتاحف فرنسا، والتي شملت أخذ عينات دقيقة وتحليل بالأشعة السينيّة، أكّدت أنّ اللوحة تعود إلى نحو عام 1510، أي بعد أكثر من عقد من إنجاز تحفة بوتيتشيلي الأصليّة.
يُرجّح اليوم أن تكون اللوحة قد أُنجزت في ورشة بوتيتشيلي نفسه على يد عدد من الفنّانين، مع مساهمة من المعلِّم في تفاصيل رئيسية مثل وجه العذراء مريم، الذي لاحظ الخبراء أنه رُسم بدقّة أكبر مقارنة ببقيّة الشخصيات. غير أنّ وفاة بوتيتشيلي في عام 1510 تُصعّب تحديد مدى مساهمته الكاملة في اللوحة.
(أ ف ب)
ما يُعزّز نتيجة البحث بأنّ اللوحة تعود لورشة فنّان عصر النهضة، هو استخدام خليط من ألوان "تمبيرا البيض" والأصباغ الزيتية، مع قاعدة من الجصّ المزدوج، وهي تقنيّات معتادة في اللوحات التي تعود إلى تلك الحقبة. كما أنّ ثمّة دلائل نهضويّة أخرى تشمل تشابه الألوان، وصولاً إلى وجود جزيئات من الزنك والزجاج التي أضيفت كمواد لونية.
5 ملايين يورو
لم تُحدّد قيمة النسخة بعد، إلا أن صحيفة "التايمز" ذكرت أن عملاً آخر من ورشة بوتيتشيلي قُدّر مؤخراً من قبل "دار سوذبيز" بما يصل إلى 5 ملايين يورو. وهو مبلغ كبير، لكنّه أقلّ بكثير ممّا قد تحقّقه لوحة أصلية لبوتيتشيلي؛ فقد بيعت إحدى لوحاته مقابل 92 مليون دولار (84 مليون يورو) في عام 2021.
(أ ف ب)
ستُعرض نسخة "العذراء مريم والطفل المسيح والقديس يوحنا المعمدان" إلى جانب النسخة الأصليّة لبوتيتشيلي في معرض يُقام في كنيسة شامبور بعنوان "بوتيتشيلي: عذراوان في شامبور"، والذي يستمرّ من 19 تشرين الأول (أكتوبر) إلى 19 كانون الثاني (يناير) 2025. وبعد انتهاء المعرض، ستعود النسخة من كنيسة شامبور، أكبر قلاع وادي لوار، إلى معرض أوفيزي في فلورنسا، حيث تُحفظ اللوحة الأصليّة، فيما لا يزال من غير المؤكّد ما إذا كانت النسخة ستُعاد إلى كنيسة سان فيليكس في شامبيني-أون-بوز.