ينظر الأردن بعين الترقب والقلق إلى الأحداث التي تشهدها سوريا، مع استمرار الهجوم الواسع والمباغت الذي شنته فصائل المعارضة المسلحة، وسيطرت خلال على عدد من المناطق الاستراتيجية.
ورغم أن علاقات الأردن مع الحكومة السورية تسير على حبل مشدود، في ظل التحديات التي تواجهها المملكة جراء تواصل محاولات تهريب المخدرات والأسلحة عبر الحدود من سوريا إلى أراضيها، وكذلك القلق من خطر الميليشيات المسلحة التابعة لإيران وحزب الله، إلا أن عمّان يقلقها أيضاً صعود الجماعات المتطرفة وسيطرتها على المشهد السوري، وسط خشية ما تزال قائمة أيضاً من عودة قوية لتنظيم داعش.
ويوم أمس، نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤول أميركي قوله إن "إسرائيل ومصر والأردن أعربت لواشنطن عن قلقها بشأن التطورات في سوريا".
3 نقاط...
ووفق ما نقلت صحيفة "الغد" اليومية الأردنية في عددها الصادر اليوم الجمعة عن المحلل السياسي د. بدر الماضي، فإن "الأردن يرى أن ما يجري في سوريا يتعلّق بثلاث نقاط، الأولى، ملف النزوح واللجوء، والمملكة واضحة في ذلك كما كانت في العام 2018، إذ لم تستقبل أي نازح أو لاجئ جديد فهي وفق تصريحات سابقة "لم تُفتح حدودي من أجل أي موجة نزوح جديدة".
أما الثانية، فتتمحور وفق الماضي "حول البعد الأمني، وخصوصا في محاولة لاستفزاز الاستقرار الأردني من بعض الجماعات المسلحة والمنفلتة في الحدود الشمالية لسوريا"، لافتاً إلى أن الثالثة، تكمن في إيجاد مشروع سوري سياسي حقيقي، ذلك أن الأردن تحدث دائما حول ذلك، وإشراك كل السوريين في العملية السياسية.
استراتيجية أمنية متكاملة...
وفي مقال له بصحيفة "الرأي" الأردنية اليومية، قال الخبير الاستراتيجي الدكتور عامر السبايلة أن "الأردن يجد نفسه اليوم أمام استحقاقات أمنية معقدة، خاصة مع احتمالات انتقال المواجهات المباشرة إلى المناطق الحدودية المحاذية للحدود الشمالية والشرقية. فاستمرار الصراع وظهور أطراف جديدة في المناطق المحاذية للحدود الأردنية يعزز من احتمالات تصاعد رغبة استهداف هذه الحدود في الأيام القادمة في حال استمرار الصراع وتوسعه".
وأضاف السبايلة: "التعامل مع هذه التحديات يتطلب استراتيجية أمنية متكاملة تعتمد على منع أي خروقات حدودية بشكل استباقي، مع تعزيز مستوى التأهب الأمني. والحفاظ على الاستقرار الداخلي ومنع محاولات تفريغ الأزمة في الداخل الأردني يتطلب كذلك خطاباً حكومياً شفافاً يوضح حجم المخاطر المحيطة ويعزز الشعر الوطني ويرفع حس المسؤولية لدى الجميع في مرحلة قد تكون الأكثر حساسيةً ودقةً منذ سنوات، حيث تقف المنطقة برمتها على (رمال متحركة) قادرة على نقل الازمة وتفجيرها بشكل مفاجئ وفي أي مكان".
الموقف السياسي الأردني...
كما نقلت "الغد" عن الخبير الأمني والاستراتيجي د. عمر الرداد، أن "الأردن يتابع التطورات، ولديه موقف سياسي، يتضمن تحقيق تسوية شاملة في سوريا لانهاء النزاع، إذ لا يخفي أن الحدود السورية الجنوبية، جزء من فضائه وأمنه الاستراتيجيين، في ظل هكذا نزاع على غرار ما تذهب اليه تركيا حول أمنها القومي في الشمال السوري، فلتركيا أهداف من دخول الهيئة وجماعاتها الى الشمال، تتركز على إعادة نحو 4 ملايين لاجئ سوري لديها لبلدهم، وقد أعلنت ذلك صراحة، الى جانب رفضها لوجود كيانات كردية مستقلة هناك".
وقال: "تعرضت مناطق الأكراد في الشمال لهجمات الهيئة، وكان واضحا أن تركيا تنفذ مخططا قديما جديدا بخصوصهم"، لافتا إلى أن هذه الحرب أعادت للأذهان، البدايات الأولى بشأن التغيير الديموغرافي لشمال سوريا، وموضحاً في الوقت ذاته أن "الأردن ليس لديه هذه الحسابات الديموغرافية، وقد بادر لإعادة النظام السوري للجامعة والنظام العربيين، ضمن مبادرة (خطوة مقابل خطوة)، في إطار موقف تبنته الجامعة، لفك عرى ارتباط سوريا الوثيق بإيران".
جماعات موالية لإيران
وأكد الرداد أن "للأردن حساباته، فهو معنيّ بعدم وجود جماعات موالية لإيران في جنوب سوريا، إلى جانب رفضه القاطع لوجود (القاعدة) أو (داعش) أو أي تنظيمات ارهابية على غرارهما، قرب حدوده الشمالية"، مشدداً على أن "عمان مع وجود دولة سورية قوية، تستطيع حماية حدودها، بحيث يكون للأردن مقابل تستطيع التعامل معه هو الدولة السورية، القادرة على تنفيذ قراراتها بحزم في انهاء الوجود الميلشوي، مشددا على أن هذا كلّه، عبّر الأردن عنه عدة مرات، داعيا لتسوية سياسية شاملة بالنسبة لدمشق".
وبين الرداد، أن "المرجعية الأخرى لمواقف الأردن، هي اللاجئون السوريون، خصوصا وأنه يعاني من أوضاع اقتصادية واجتماعية ضاغطة، ولديه 1.4 مليون لاجئ، يشكلون جزءا من هذا الضغط، بحيث لم يعد بإمكانه تلبية احتياجاتهم، لذا سيكون حازما بخصوص هذا الأمر، إذا ما انفتحت المعركة في مناطق الجنوب السوري، وهذا متوقع، فهناك وجود لميليشيات حزب الله وإيران، وبعض جيوب لـ(القاعدة) و(داعش)".
وأشار إلى أن "الأردن عانى بشدة من التسلل وتهريب المخدرات والسلاح لاراضيه، وهو يعرف عبر معلومات موثقة استخبارية، أن هذه المهربات تقف خلفها ميليشيات تتبع إيران والحرس الثوري، وتمكنت من بناء قواعد عسكرية ومراكز دعم وتخزين لها في الجنوب السوري، قريبا من حدوده".