كشف عدد من الأسرى الفلسطينيين المحررين ضمن الدفعة الرابعة من صفقة تبادل الأسرى (طوفان الأحرار) عن حجم الجرائم والانتهاكات التي تعرضوا لها خلال فترة اعتقالهم في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وبحسب شهادات الأسرى، فقد تعرضوا للضرب المبرح لعدة أيام قبيل الإفراج عنهم، مما أدى إلى إصابة بعضهم بكسور في الأضلاع، فضلًا عن التعذيب الجسدي والنفسي الممنهج.
وأكد مكتب إعلام الأسرى لوكالة شهاب، أن الاحتلال الإسرائيلي صعّد من أساليب القمع والتنكيل بالأسرى منذ السابع من أكتوبر، حيث بات التعذيب أكثر وحشية، إلى جانب جرائم التجويع الممنهجة، والإهمال الطبي الذي أدى إلى انتشار أمراض خطيرة، من بينها مرض الجرب السكايبوس، كما تم نقل عدد من الأسرى المحررين فور الإفراج عنهم إلى المستشفيات، مما يؤكد حجم الممارسات الوحشية التي تعرضوا لها.
جرائم ترقى إلى مستوى "جرائم حرب"
ووصف نادي الأسير الفلسطيني ما يحدث في سجون الاحتلال بأنه "إرهاب منظم" يهدف إلى كسر إرادة الأسرى وتحطيم رمزية نضالهم في الوعي الجمعي الفلسطيني.
وأكد أن الاحتلال يمارس سياسة ممنهجة تستهدف المحررين وعائلاتهم، وصلت في بعض الحالات إلى التهديد بالقتل في حال تم تنظيم أي حفل استقبال لهم، مما يكشف عن سياسة العقاب الجماعي بحق الأسرى المحررين وأسرهم.
من جهتها، اعتبرت حركة "حماس" أن استمرار الاحتلال في التنكيل بالأسرى وتعذيبهم يُعدّ "جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية"، وطالبت المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بالتدخل الفوري لمحاسبة الاحتلال ووقف هذه الجرائم.
وأكدت الحركة على استمرار المقاومة في العمل لتحرير جميع الأسرى، معتبرةً أن هذه الصفقة تشكّل "خطوة أخرى في طريق تحرير الأرض والشعب من الاحتلال".
مشاعر مختلطة بين الفرح والمعاناة
وأبدى الأسرى المحررون مشاعر مختلطة بعد خروجهم من الأسر، حيث عبّر بعضهم عن سعادتهم بالحرية، لكنهم أكدوا في الوقت ذاته أن زملاءهم الذين ما زالوا في الأسر يعانون من ظروف قاسية لا تحتمل.
وقال أحد الأسرى المحررين من غزة إنه أمضى أكثر من 18 عامًا في الاعتقال، واصفًا ظروف السجن بـ"الجحيم المستمر"، فيما قال آخر: "كنا نتعرض للجوع والتعذيب والإهانة بشكل يومي، والخوف لم يكن يفارقنا".
وتحدث أسرى آخرون عن الإهانات التي تعرضوا لها قبل الإفراج عنهم، حيث أجبر بعضهم على حلق رؤوسهم، وتعرضوا لاعتداءات جسدية قاسية خلال عملية نقلهم من سجن عوفر إلى الضفة الغربية.
وذكر أحد الأسرى أن بعض رفاقهم فقدوا حياتهم داخل السجون نتيجة التعذيب والإهمال الطبي، في حين تم الإفراج عن آخرين في حالة صحية متدهورة.
الدفعة الرابعة من الصفقة.. بارقة أمل رغم الألم
جاءت هذه الإفراجات ضمن الدفعة الرابعة من صفقة "طوفان الأحرار"، التي أفرجت خلالها المقاومة الفلسطينية عن عدد من الأسرى الإسرائيليين مقابل الإفراج عن 183 أسيرًا فلسطينيًا، وشملت هذه الدفعة 18 أسيرًا محكومًا عليهم بالسجن المؤبد، و54 أسيرًا من ذوي الأحكام العالية، و111 أسيرًا من أبناء قطاع غزة الذين اعتقلوا بعد 7 أكتوبر.
ورغم المعاناة التي عاشها الأسرى المحررون، فإن لحظة الإفراج عنهم شكلت بارقة أمل لعائلاتهم التي استقبلتهم بالفرح والدموع، فيما تعهدت المقاومة الفلسطينية بمواصلة جهودها لتحرير جميع الأسرى من سجون الاحتلال.
مطالبات بمحاسبة الاحتلال
ووسط هذه الانتهاكات الموثقة، تتزايد الدعوات الدولية من قبل المؤسسات الحقوقية، لمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه بحق الأسرى الفلسطينيين. وطالبت تلك المؤسسات بفتح تحقيقات دولية في الانتهاكات الجسيمة داخل السجون، وتقديم المسؤولين الإسرائيليين إلى المحاكم الدولية بتهم جرائم الحرب.
ورغم كل ذلك، يظل الأسرى الفلسطينيون أيقونات للصمود في وجه الاحتلال، رغم القمع والانتهاكات، وتستمر معركتهم من أجل الحرية في ظل استمرار الاحتلال في سياساته القمعية، بينما تؤكد المقاومة التزامها بمواصلة الجهود حتى تحرير كافة الأسرى وكنس الاحتلال عن الأرض الفلسطينية.