العربي الحميدي - المغرب
وأنت بين الخوف والتردد
لم أخنكَ حتى في الذاكرة، وأنت بعيد،
حين غابت خطاك عن دروبي،
حين انفصلت ملامحك عن ملامحي،
واستحال حبُّنا ناراً خامدة.
لم أخنك في حلمي الصغير،
في أُمنياتي المكسورة،
أغمضت عينيّ على رؤيتك،
رغم غيابك، رغم الجرح،
رغم أنفاسي التي تختنق بذكراك.
لم أخنك حين خانني الأمل،
في صمتك، في خوفك،
في تجاهلك.
حين أجالس الليل وحيداً،
أتحسس وجعي الذي أنت بطلَته،
أحتفظ بصدى صوتك داخل جدران قلبي.
كيف أخونك؟ وأنت الحاضر في نبضاتي،
الذي كنتُ أراه في عيون الغياب،
الذي ظلَّ عطرك يلاحقني،
كأنك حاضرٌ غائب، كروحٍ لا تموت.
لم أخنك حتى في وحدتي،
حملتُك معي كحلمٍ قديم،
أحاورك بصمت،
أسمعُك في أصوات الرياح،
وأراك في ضوء القمر.
لم أخنك حتى وأنا أحاول نسيانك،
لم أجرؤ على طمس ملامحك في ذاكرتي،
فذاكرتي خائنةٌ للنسيان،
تُعيدك لي في كل لحظة،
أنت قدري الذي لا ينفك عني.
فلا تظني أنني غدرت،
أو بدلت هواك في خبايا القلب،
فالخيانة ليست لي،
ولم أتعلم لغة الغدر يوماً،
أحببتك بصمت، بحزن، بألم،
وها أنا أنتظر عودتك أقوى،
لن أتركك للخوف، للحزن.
لكنني لم أخنك… حتى في الذاكرة.
أنت القضية التي لا تنسى.