الاردن - حبس - المدين - الديون - الاقتصاد - عقارات - صوت جرش
بحلول منتصف عام 2025، سيشهد الأردن تحوّلًا قانونيًا جذريًا مع إلغاء حبس المدين في الديون التعاقدية، باستثناء الديون العمالية وإيجار العقارات، ما يمثل نقطة تحول كبيرة في التوازن بين الدائن والمدين، ويثير تساؤلات حول تأثيره على النظام الاقتصادي، ويفتح الباب أمام تحديات جديدة في كيفية تحصيل الديون وحماية حقوق الأطراف.
تطبيق التعديلات على قانون حبس المدين تم على مراحل زمنية، حيث أثارت المرحلة الأولى من وقف الحبس في القضايا التي تقل عن 5000 دينار العديد من التحديات والمخاوف في الأوساط القانونية والاقتصادية وأوساط الدائنين.
ورغم أن الهدف الرئيسي للقانون كان حماية حقوق الدائنين، إلا أن التعديلات أدت إلى تقليص فعالية أدوات الضغط على المدينين، وهو ما انعكس سلبًا على مهنة المحاماة، وفقًا لما ذكرته المحامية رانيا أبو عنزة.
وتقدمت أبو عنزة في حديثها لـ عمون، بخطة مقترحة لتعزيز دور المحامي ولمواجهة تحديات التعديلات الجديدة، تتضمن إلزامية وجود محامٍ في جميع مراحل تسجيل القضايا بالمراكز الأمنية لضمان توفير الحماية القانونية لكلا الطرفين، الدائن والمدين.
كما تدعو الخطة المقترحة إلى منع تسجيل أي دعوى قضائية دون حضور محامٍ، مما يعزز من جودة الإجراءات القانونية ويقلل من الأخطاء المحتملة، بالإضافة إلى وضع آلية بديلة لتحصيل الديون لحماية دخل المحامين.
بدوره، أشاد الخبير الاقتصادي الأردني فهمي الكتوت بقرار وقف حبس المدين المتوقع تطبيقه العام القادم، مشيرًا إلى أثره الإيجابي على المجتمع والاقتصاد الأردني.
وأوضح الكتوت أن هذا القرار يأتي في إطار الجهود المبذولة من قبل المشرع الأردني لتخفيف الأعباء عن المدينين الذين وجدوا أنفسهم محاصرين بين الديون والأزمات الاقتصادية المتتالية.
وفيما لا يزال الاقتصاد الأردني يعاني منذ سنوات من حالة “الاستعصاء الاقتصادي”، ولم يتمكن من تجاوز معدل نمو 2.5% منذ عام 2011 وحتى اليوم، وفقًا للكتوت، فإن هذا الوضع نتج عن الضرائب غير المباشرة التي ارتفعت بشكل غير مسبوق، مما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين وزيادة الضغوط على التجار والمستوردين.
وأشار الكتوت إلى أن هذا القرار جاء بعد مراجعة عميقة للوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي أدى إلى تزايد عدد المدينين العاجزين عن سداد التزاماتهم، مما دفع البعض إلى مغادرة البلاد أو البقاء تحت ضغط مالي خانق.
ورغم أن هذا القرار يمثل خطوة إيجابية، أكد الكتوت أن المشرع بحاجة إلى النظر بعمق أكبر في معالجة الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة، مثل البطالة والفقر وارتفاع الأسعار.
وأضاف: “رغم جهود المشرع في تخفيف العبء عن المدينين، إلا أن الحلول الحقيقية تكمن في إصلاح هيكلي للاقتصاد ومعالجة السياسات التي أدت إلى هذه الأزمة، ولا سيما الضرائب الانكماشية التي حدّت من قدرة المواطنين على الاستهلاك وتفاقم مشكلات الديون”.
وختم الكتوت حديثه بالتأكيد على أن الدائنين أنفسهم قد يتحولون إلى مدينين بسبب هذا الوضع الاقتصادي الصعب، مما يعكس تداخل الأزمة وتفاقمها في المجتمع الأردني.