قبل شهر، وتحديدا في السابع عشر من سبتمبر/ أيلول الماضي، دشنت إسرائيل اعتداءاتها على لبنان المستمرة حتى اللحظة، وذلك بتفجير الآلاف من أجهزة «البيجر» التي كان يحملها عناصر تابعة لحزب الله اللبناني، ما أسفر عن مقتل العشرات وإصابة عدة آلاف آخرين في العمليتين اللتين تمتا على يومين متتاليين بعد أن استهدفت في اليوم التالي أجهزة لاسلكي يحملها أعضاء من الحزب.
تقول رويترز في تقرير، إن بطاريات أجهزة الاتصال (بيجر) المفخخة التي وصلت إلى لبنان في بداية هذا العام حملت جزءًا من مخطط إسرائيلي لتدمير حزب الله اللبناني، عبر ملامحها الخادعة ونقطة ضعف واحدة.
ووفقا لمصدر لبناني لديه معرفة مباشرة بأجهزة البيجر وصور لتحليل مفصل للبطاريات اطلعت عليه رويترز، صمم العملاء الذين صنعوا الأجهزة بطارية تخفي كمية صغيرة لكنها قوية من المتفجرات البلاستيكية وأداة تفجير جديدة لا تكشفها الأشعة السينية.
وللتغلب على نقطة الضعف التي تتمثل في عدم وجود خلفية معقولة عن المنتج الجديد، فقد أنشؤوا متاجر وصفحات وهمية وكتبوا منشورات مضللة على الإنترنت لخداع حزب الله عندما يحاول التحقق من الأجهزة، وفقا لمراجعة أجرتها رويترز لصفحات أرشيفية على الإنترنت.
ويلقي التلاعب بتصميم أجهزة البيجر المفخخة والقصة التي تم نسجها بعناية للتموية على خصائص البطارية -واللذان تتناولهما هذه القصة لأول مرة- الضوء على تنفيذ عملية استغرق إعدادها سنوات ووجهت ضربات غير مسبوقة للجماعة اللبنانية المدعومة من إيران ودفعت الشرق الأوسط نحو شفا حرب إقليمية.
ووفقا للمصدر اللبناني والصور، تم زرع ورقة مربعة رقيقة تحتوي على ستة جرامات من مادة بلاستيكية متفجرة بيضاء بين خليتين متعامدتين في البطارية.
وأضاف المصدر أن المساحة المتبقية بين خلايا البطارية لم تظهر في الصور بل كانت مملوءة بشريط من مادة شديدة الاشتعال تؤدي دور المفجر.
وأظهرت الصور أن هذه الشطيرة ذات الثلاث طبقات تم إدخالها في غلاف بلاستيكي أسود، وزرعها داخل غلاف معدني بحجم علبة الثقاب تقريبا.
وفي 17 سبتمبر أيلول انفجرت الآلاف من أجهزة البيجر في وقت واحد في الضاحية الجنوبية لبيروت ومعاقل أخرى لحزب الله، وسبق الانفجار في معظم الحالات صوت رسالة واردة.
وعقب هذه العملية توالت العمليات الإسرائيلية التي طالت قيادات الحزب وعلى رأسهم أمينه العام حسن نصر الله، وصرح بعدها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قائلًا: «في الأيام القليلة الماضية، وجهنا لحزب الله سلسلة من الضربات لم يكن يتخيلها».
هل وصلت الأجهزة عن طريق إيران؟
يذكر أنه قبل 3 أيام أثارت تصريحات النائب السابق لقائد فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، مسعود أسد اللهي، حالة من الجدل، بعدما أعلن أن شركة إيرانية هي التي تولت شراء أجهزة البيجر لحزب الله، والتي تم تفجيرها في آن واحد بلبنان، خلال الشهر الماضي.
وقال مسعود أسد اللهي، في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الإيراني، إن حزب الله أجرى تدقيقا في أجهزته القديمة، وأبدى حاجته إلى شراء 3000 إلى 4000 جهاز بيجر جديد، فقدم طلبا إلى شركة إيرانية، وتجنب شراءها بشكل مباشر، حتى لا يعزز الشكوك فيه.
وأضاف أن «الشركة تعاملت مع علامة تجارية معروفة، مثل الشركة التايوانية التي كانت تنتج أجهزة البيجر سابقًا، وطلبت 5000 جهاز بيجر، فتم توفير هذه الأجهزة وتسليمها للشركة الإيرانية، التي بدورها سلمتها إلى حزب الله».
وأوضح أنه لم يتم فحص الأجهزة، قبل تسليمها إلى حزب الله، وقال: «لم يكن أحد يتخيل أن يتحول جهاز بيجر إلى قنبلة، لكن على الأقل كان يجب فحصها للتأكد من عدم وجود ميكروفون فيها، ومع ذلك تم تسليم الشحنة لحزب الله من دون فحص».
وتابع النائب السابق لفيلق القدس: «لحسن الحظ، من بين الـ5 آلاف جهاز، لم يتم توزيع سوى 3 آلاف فقط».
ولم يكد يمر سوى ساعات قلائل على إذاعة هذه التصريحات، حتى نفاها التلفزيون الرسمي بشكل سريع.