الدول التي هدّدتها إيران تشمل والإمارات العربية والسعودية وقطر
يبدو أن دولاً عربية بدأت ترصد تصاعد حدّة الصراع بين إسرائيل وإيران وتوسّع رقعته من منظار أمنها القومي، وتستشعر أن تمدّد الحرب قد يطالها، وذلك بعدما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية معلومات مفادها أن إيران وسترد على أي دولة عربية تسهّل هجوم إسرائيل عليها، بعدما توعّدت تل أبيب طهران برد على الهجمات الصاروخية التي طالتها مؤخراً.
وبحسب المسؤولين العرب، فإن الدول التي هدّدتها إيران تشمل الإمارات العربية والسعودية وقطر، وكلها تستضيف قوات أميركية. ومع اقتراب الخطر من الخطوط الحمراء، تحرّكت هذه الدول العربية وأبلغت الإدارة الأميركية أنها لا تريد استخدام الولايات المتحدة أو إسرائيل بنيتها التحتية العسكرية أو مجالها الجوي في أي عمليات هجومية ضد إيران.
وتكشف "وول ستريت جورنال" أن مسؤولين دفاعيين أميركيين اعترفوا بأن بعض الشركاء الإقليميين أبلغوا البنتاغون بأنهم لا يريدون تحليق طائرات حربية إسرائيلية فوق أراضيهم أو قيام القوات الأميركية بشن عمليات هجومية من داخل أو فوق مجالهم الجوي. ولفت المسؤولون إلى أن الدول العربية قالت إن "القوات الأميركية مسموح لها بإجراء عمليات دفاع عن النفس".
في هذا السياق، يُشير المسؤولون العرب إلى أن دول الخليج تُبدي قلقها من أن منشآتها النفطية قد تتعرض للضرب، كما أن المنشآت والقوات العسكرية الأميركية في المنطقة قد تكون معرضة للخطر، مع العلم أن المنطقة تضم واحدة من أكثر التجمعات للقوات الأميركية في العالم، لكن خيارات الاستهدافات الإيرانية متعدّدة، وقد تشمل أهدافاً حيوية أخرى.
حاولت الدول الخليجية في السنوات الأخيرة انتهاج سياسة "صفر مشكلات" لتُركّز على الاقتصاد والتنمية، فلجأت إلى تسوية أزماتها مع إسرائيل وإيران، والحفاظ على العلاقات مع الولايات المتحدة وروسيا والصين، وينطلق أستاذ العلاقات الدولية نبيل الخوري من هذا الواقع ليُشير إلى ان الخليج يُريد "تحييد" نفسه عن الصراع الحالي و"النأي بالنفس" حتى لا يتعرّض لأي هجوم.
سمحت الدول العربية والخليجية في وقت سابق باستخدام إسرائيل والولايات المتحدة أجوائها الجوّية والبنى العسكرية الموجودة على أراضيها لتنفيذ ضربات ضد إيران أو جماعاتها، ولم تُهاجم إيران هذه الدول، لكن الخوري يرى الأزمة أكثر جدّية هذه المرّة، واحتمال استهداف إيران لأي دولة تُساهم في الهجوم عليها "أسهمه مرتفعة"، في ظل تصاعد حدّة الصراع في الإقليم.
تقرير الصحيفة الأميركية يُشير إلى المنشآت النفطية والقواعد العسكرية الأميركية قد تكون أهدافاً محتملة لأي هجوم إيراني في حال تنفيذ التهديدات، لكن ثمّة احتمالات أخرى أكثر ترجيحاً برأي الخوري، وهي تسكير مضيق هرمز ما يؤثّر على الملاحة البحرية لقطر والإمارات والكويت وتصدير النفط، أو تحريك الحوثيين لاستهداف السعودية والإمارات أو حركة الملاحة في بحر العرب والبحر الأحمر.
لكن الاشتباك الإيراني – العربي مُستبعد، ومن المتوقع أن يتم تحييد الدول العربية عن الصراع لتفادي التهديدات، كما من المرتقب أن تتفهم الولايات المتحدة الهواجس الخليجية، وذلك لجملة من الأسباب يعدّدها الخوري، وهي:
- العلاقات الأميركية – الخليجية الاستراتيجية والمصالح الكّبرى التي تجمع الطرفين، ورغبة الولايات المتحدة بتفادي زعزعة استقرار الدول الخليجية وخلفها أسواق النفط، بالإضافة إلى ميول الولايات المتحدة للحفاظ على الأنظمة العربية الحالية وعدم زعزعة اسقرارها الذي قد يؤدّي إلى وصول أنظمة راديكالية، وهي عوامل تجعل الولايات المتحدة تتفهّم الهواجس العربية.
- السياسة الخليجية لجهة تصفير المشكلات، واللقاءات المستمرّة بين مسؤولين خليجيين ونظرائهم الإيرانيين، وفي هذا السياق، وجب ذكر زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي إلى السعودية قبل أيام قليلة، حيث تبادل الطرفان الرسائل، ومن المرجّح أنهما تطرّقا إلى هذا الموضوع اتفقا على أهمية تحييد الخليج عن الصراع واستكمال المصالحات التي عُقدت.
تفادي الأزمة بين إيران والدول الخليجية وتحييد الأخيرة عن المشاركة بالصراع ممكن، وبحسب الخوري، قد يستخدم الطيران الحربي الإسرائيلي الأجواء السورية والعراقية لاستهداف الداخل الإيراني، والابتعاد عن الأجواء الخليجية، وتأخير الرد قد يكون مرتبطاً بإنجاز الترتيبات حتى لا يجر الرد الإسرائيلي المنطقة باكملها إلى الصراع.
في المحصّلة، فإن هدف الدول الخليجية تحييد نفسها عن الصراع الإسرائيلي – الإيراني، ولا دوافع أخرى مرتبطة بالعلاقات مع الولايات المتحدة أو إيران، خصوصاً وأن هذه الدول أنجزت مصالحات مبدئية مع إيران في السنوات الاخيرة لتفادي تبعات أي صراع أو أي تسويات بين إيران والولايات المتحدة.