بإمكانيات بدائية وجهود ذاتية، قرر آلاف المواطنين الفلسطينيين في غزة ترميم منازلهم المتضررة، لتصبح جاهزة للسكن ولو جزئيا لفترة مؤقتة، بالرغم من المخاطر المحدقة بها فبعضها آيل للسقوط.
ودفعت محدودية خيارات المواطنين الفلسطينيين للجوء لهذه القرارات المحفوفة بالمخاطر، فكثير منهم لم يعودوا قادرين على تحمل العيش في الخيام أو مدارس الإيواء المكتظة بآلاف النازحين، كما أن ارتفاع إيجارات الشقق كان حافزا بالنسبة للكثيرين لاستصلاح منازلهم المدمرة، في ظل عدم قدرتهم على تحمل أعباء الإيجارات الشهرية.
وبالنظر للضغط الكبير على إيجارات الشقق، فقد تضاعفت أسعارها بحيث لم يعد بإمكان المواطنين تحمل أعبائها وتكاليفها، فعلى سبيل المثال، يصل سعر الإيجار الشهري للشقة الواحد من (400-1000 دولار) وذلك وفقا للموقع ومدى توفر المياه والطاقة الشمسية، في حين يصل إيجار الغرفة الواحدة بمتوسط (300 دولار).
يشير الفلسطيني بهاء العويني لـ"قدس برس" عشت في الخيام ثمانية أشهر، وخمسة أشهر أخرى في إحدى مدارس الأونروا، ولكن بعد توقف الحرب عدت لمنزلي شرق دير البلح، وكان قد تضرر بدرجة كبيرة وقد أوصى المهندسين بإزالته، ولكني قررت بعد مشاورات مع أبنائي استصلاح غرفتين ومطبخ ودورة مياه، حيث قمت ببناء سور خارجي من "ألواح الزينقو" وقمت بتغطيته بشوادر النايلون لعزل الهواء والمطر عن الدخول للغرف.
أما المواطن محمود شناعة فقد أكد لـ"قدس برس" أن "ما تبقى من منزلي المكون من ثلاث طبقات هو حاصل وسدة، قررت استصلاحهما من خلال تخصص السدة كغرفة نوم ومعيشة لي ولأبنائي الخمسة، أما الحاصل فقد صممته من خلال بناء قواطع خشبية ليضم مطبخ صغير ودورة مياه".
وأطلق مبادرون ونشطاء من غزة حملات لجمع تبرعات مالية لشراء وتوفير شوادر وقواطع خشبية و"ألواح الزينكو" لتوزيعها على أصحاب المنازل المتضررة بهدف استصلاح ما يمكن استصلاحه لإيوائهم، فيما أطلقت جمعيات خيرية وإغاثية مبادرات لتوفير "كرفانات خشبية" متنقلة تضم غرفة نوم ومطبخ ودورة مياه لتوزيعها على الأسر التي فقدت منازلها وباتت بلا أي مأوى.
وخلال العدوان الإسرائيلي، تعرضت غالبية الوحدات السكنية في القطاع لأضرار متفاوتة، فوفقا للتقدير الأولي لوزارة الأشغال بغزة فقد تضرر 330 ألف منزل في القطاع، منها 60 ألف منزل تضرر بشكل كلي، فيما الباقي تعرض لأضرار متفاوتة يتطلب إزالة الكثير منها، والأخر يحتاج لعمليات ترميم بدرجات متوسطة وكبيرة.
يُذكر أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بين 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 و19 كانون الثاني/يناير 2025، أسفر عن استشهاد وإصابة نحو 160 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 14 ألف مفقود.