تتعرض بلدة "طمون" الواقعة جنوب مدينة طوباس شمال الضفة الغربية المحتلة لحصار إسرائيلي شامل منذ ستة أيام متواصلة، في ظل منع تام للتجول وفرض قيود صارمة على حركة السكان، مما أدى إلى أزمة إنسانية حادة طالت أكثر من 25 ألف فلسطيني.
أزمة إنسانية وضربة للاقتصاد الزراعي
تشتهر "طمون" بالزراعة والإنتاج الحيواني تواجه أوضاعًا كارثية، حيث توقف تدفق المواد الغذائية والأدوية وكافة المستلزمات الحيوية، مما أدى إلى تلف المحاصيل الزراعية وتعطيل إنتاج الحليب والأجبان.
يصف الناشط عبد الله المحمود الوضع قائلًا: "طمون تمتد على مساحة 100 ألف دونم، وتضم أراضي زراعية خصبة وسهل البقيعة حتى نهر الأردن، لكنها اليوم تعيش شللًا كاملًا، مع نقص حاد في المياه والكهرباء، وانقطاع سلاسل الإمداد، مما أدى إلى تدمير المنتجات الزراعية ومنع تصديرها للخارج".
ويشير المحمود إلى أن الاحتلال عمد إلى تجريف الأراضي الزراعية عالية الخصوبة، واقتلاع أشجار الزيتون الرومية الثمينة، فضلًا عن هدم أسوار بعض المدارس وتخريب ممتلكات عامة.
عزل إعلامي ومنع للمساعدات الإنسانية
وتمنع قوات الاحتلال دخول الطواقم الإعلامية والمنظمات الإنسانية إلى البلدة، مما يزيد تفاقم معاناة السكان الذين يواجهون الاعتداءات دون أي تغطية أو دعم خارجي.
يقول المحمود لمراس "قدس برس"، "نحن محاصرون تمامًا، لا يُسمح لأحد بالمغادرة أو التحرك، حتى في الحالات الطبية الطارئة، فيما تتواصل المداهمات الليلية، والاعتقالات العشوائية وسط أجواء من القمع والترهيب."
التهجير القسري والاعتداءات المباشرة
وتتعرض عائلات بأكملها للتهجير القسري تحت تهديد السلاح، حيث أجبرت قوات الاحتلال سكان بعض المنازل على المغادرة القسرية، دون السماح لهم بحمل ممتلكاتهم الأساسية.
وتروي السيدة بشرى بني عودة تفاصيل مريرة عن تهجيرها قائلة: "طُرِدْنَا من منزلنا تحت تهديد السلاح، قالوا لنا بوضوح: إذا بقيتم هنا، سنطلق النار عليكم. عائلتي مكونة من خمسة أفراد، بينهم أطفال، وتعرضنا جميعًا للضرب، كما دُمِّرَت محتويات منزلنا بالكامل".
ولجأت العائلة إلى غرفتين صغيرتين تفتقران إلى أدنى مقومات الحياة، حيث لم يُسمح لهم بحمل أي مستلزمات أساسية معهم.
وتضيف بني عودة لمراسلنا: "قوات الاحتلال تقتحم المنازل واحدًا تلو الآخر، دون إنذار مسبق، يجبرون الجميع على المغادرة فورًا، لا وقت لجمع الأغراض، ولا مجال للاعتراض."
وتزامن هذا الحصار مع حملات اعتقال ومداهمات عنيفة، حيث اُعْتُدِي على الفلسطينيين بالضرب وبأعقاب البنادق فجر اليوم الخميس، وأُخْضِعُوا لتحقيقات ميدانية قسرية، في ظل ظروف جوية قاسية تزيد معاناتهم.
ويعيد هذا النوع من العدوان على بلدة "طمون" إلى الأذهان سياسات العقاب الجماعي والتضييق الممنهج على الفلسطينيين، فيما تظل البلدة معزولة عن العالم، في ظل صمت دولي وتجاهل لمعاناة سكانها.