تكبّد كيان الاحتلال "الإسرائيلي" خسائر فادحة على جميع الأصعدة، خصوصًا الاقتصادية، خلال حربه الوحشية غير المسبوقة على قطاع غزة، المستمرة للشهر السادس عشر على التوالي.
على غرار مقتل المئات من ضباطه وجنوده ووحدات نخبته، وتدمير عتاده وآلياته المصفحة، بلغت خسائر الاحتلال الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة أكثر من 67 مليار دولار.
ورغم هذه التكلفة الباهظة التي صرفها الاحتلال بدعم أمريكي وغربي، لم تنجح هذه الأطراف في تحقيق أهداف الحرب، لا سيما القضاء على حركة حماس وإعادة أسرى العدو بالقوة.
تقديرات الاحتلال
الخبير المختص في الشأن الاقتصادي أحمد أبو قمر استعرض لـ(شهاب) تقديرات بنك "إسرائيل" حول تكلفة الحرب مع نهاية عام 2024، حيث بلغت 67 مليار دولار.
وأوضح أبو قمر أن هذه التكلفة تشمل ثمن الأسلحة والجيش والعتاد وما شابه من تكاليف ناتجة عن تعطل عجلة الاقتصاد.
وبحسبه، هذا الرقم كبير جدًا على اقتصاد الاحتلال، إذ أدى إلى اهتزاز الثقة به، وتبعات سلبية على أسواق الأسهم والمال، وهروب المستثمرين وغيرها من التداعيات المؤثرة.
ومع بداية عام 2025، بدأت حكومة الاحتلال بتغطية العجز وتكلفة استمرارية الحرب من جيوب المستوطنين، على عكس العام الماضي، حينما عملت على تغطية العجز عبر الاقتراض وبعض الاحتياطات السابقة، وفق أبو قمر.
وأفاد بأن المستوطنين تأثروا بذلك وباتوا يشعرون بأن الضرائب ترتفع تدريجيًا، وأيضًا أسعار السلع الأساسية المهمة، بما فيها الوقود.
وتوقع أبو قمر أن تبقى الثقة باقتصاد الاحتلال "مهزوزة" حتى بعد انتهاء الحرب على غزة.
وأشار إلى هجرة العمالة الأجنبية من أسواق الاحتلال، وأيضًا هروب الكثير من المستثمرين ورؤوس الأموال والشركات، خصوصًا الناشئة وشركات "الهايتك".
آثار العدوان الوحشي
وحول ما سببته الحرب التدميرية الوحشية في قطاع غزة، قال أبو قمر إن هذا العدوان أدى إلى دمار وأضرار اقتصادية تتجاوز الـ35 مليار دولار، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، بما يشمل توقف عجلة الإنتاج والعمل، وزيادة معدلات الفقر والبطالة، وضعف مؤشرات التنمية والعجز التجاري الكبير.
ويضاف إلى ما سبق الخسائر المباشرة المتعلقة بتدمير المنازل والمباني والمنشآت والمقرات الحكومية ودور العبادة والبنية التحتية، كما تحدث الخبير الاقتصادي.
وذكر أبو قمر أنه بفعل العدوان، يعاني الاقتصاد الفلسطيني من انكماش كبير في الناتج المحلي نسبته 86%، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة إلى 80% والفقر إلى 98%.
وتعمد الاحتلال خلال عدوانه الوحشي على مدار عام ونصف العام تدمير كل مقومات الحياة في قطاع غزة، بما في ذلك البنية التحتية والمصانع والشركات والأسواق.
وأفاد بأنه إثر العدوان، أصبحت غالبية سكان القطاع يعيشون على المساعدات الإغاثية، بالإضافة إلى حدوث عجز في الميزان التجاري نتيجة هذه الحرب وما سبقها من حصار "إسرائيلي" لأكثر من 17 سنة متواصلة حتى الآن.
وكان الاحتلال يسمح قبل الحرب بدخول نحو 400 شاحنة للقطاع، غالبيتها بضائع للتجار، لكنه لا يسمح حاليًا إلا بدخول عدد محدود. حتى المساعدات الإنسانية لا تدخل بما يكفي حاجة النازحين، وأيضًا توقفت الصادرات من القطاع للخارج بسبب العدوان الذي دمر القطاع الزراعي والصناعي.
إنهاء بروتوكول باريس
وحول المطلوب للمرحلة المقبلة، قال: "لا بد من وضع خطط وأسس سليمة يرتكز عليها الاقتصاد الفلسطيني للنهوض مجددًا، بحيث تقوم على إنهاء العمل باتفاقية بروتوكول باريس الاقتصادي الموقعة عام 1994 بين السلطة والاحتلال الإسرائيلي".
وأضاف: "هذه الاتفاقية كبّلت الاقتصاد الفلسطيني، وخلقت الكثير من المشاكل والمتاعب له، وزادت من التبعية الفلسطينية للاحتلال، وجعلته يتحكم في المعابر وأموال المقاصة ويبتز المواطنين".
وختم الخبير الاقتصادي: "إذا كنا نريد التحدث عن تنمية اقتصادية في قطاع غزة، يجب على الفلسطينيين أن يتحكموا في أموالهم بالدرجة الأولى، وفي المعابر وما يدخل ويخرج منها بالدرجة الثانية".