أثار طرح بند نزع سلاح المقاومة في مقترح الهدنة الذي نقلته الوساطة المصرية موجة غضب عارمة في الأوساط السياسية والشعبية الفلسطينية، بعد أن تبيّن أنه يتضمن شروطًا تقضي بتسليم الأسرى الأحياء والأموات، مقابل تهدئة مؤقتة مدتها 45 يومًا، مع اشتراط التفاوض على نزع سلاح المقاومة كشرط لاستمرار وقف الحرب.
قيادي في حركة حماس، تحدّث لقناة الجزيرة، كشف عن تفاجؤ الوفد المفاوض بتضمّن المقترح المصري نصًا صريحًا يطالب بنزع سلاح المقاومة، وأكد أن مصر أبلغت حماس أن لا اتفاق لوقف الحرب دون التفاوض على هذا البند الخطير، وهو ما قوبل بالرفض القاطع من الحركة التي شدّدت أن "السلاح حق مشروع للشعب الفلسطيني، وغير قابل للنقاش".
وفي السياق ذاته، قال سامي أبو زهري، رئيس الدائرة السياسية لحماس في الخارج، إن "نزع سلاح المقاومة غير مطروح للنقاش ولن يتحقق، وسلاح المقاومة سيبقى ما بقي الاحتلال، لأنه وُجد لحماية شعبنا وحقوقنا الوطنية".
غضب شعبي ورفض قاطع
ردود الفعل الشعبية عبر وسائل التواصل الاجتماعي جاءت غاضبة ورافضة لأي مساس بسلاح المقاومة، حيث اعتبر الناشط شادي أبو صبحة أن الطلب بنزع السلاح هو "عار على الضحية"، وكتب: "يُجهَّز الجلاد بالقنابل، ثم يُطلب من الضحية نزع أظافرها... هذا زمن لا يصغي إلا لصوت القوة".
أما الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون، فاعتبر أن أي نقاش حول سلاح المقاومة "طعن في ظهر الدماء الفلسطينية"، وأضاف: "من يتحدث عن نزع سلاح الفلسطيني، يمنح الجلاد سيفًا إضافيًا ليُكمل الذبح".
وكتب محمد هنية ساخرًا من المنطق المقلوب للمطالب الغربية: "هو مش نووي... بس عارفين إنه موجع... لذلك يريدونك أن تسلّمه طواعية".
أما الناشط راني العسولي، فعبّر عن موقف أهل غزة بصراحة قائلاً: "اللي بدو يخلع سلاحه، كأنه خلع عرضه... السلاح مش حديد، هو كرامة وصوت حق".
تحذير من التساوق العربي
الكاتب محمد الأخرس هاجم التماهي العربي مع الطروحات الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن الاحتلال نفسه زعم أنه دمّر سلاح المقاومة في 2024، فلماذا يُطالب العرب الآن بنزعه؟ وسأل: "إن كانت (إسرائيل) عاجزة عن نزع سلاح الجريمة في الداخل المحتل، فكيف تطالب بنزع سلاح غزة؟".
وفي ذات الاتجاه، كتب المصري د. مراد علي: "لا أتخيل مصريًا وطنيًا يطلب نزع سلاح مقاومة الاحتلال... فهل نسيتم ما حدث في صبرا وشاتيلا بعد نزع سلاح المقاومة عام 1982؟".
الصحفية إسراء مطر من غزة قالت: "نزع سلاح المقاومة يعني نزع شرف الأمة الإسلامية... لماذا لا يُطلب نزع سلاح المحتل؟! أنا من غزة، وقلبي مع المقاومة... هي حمايتنا الأخيرة".
بوضوح، يبدو أن الرفض الفلسطيني لأي نقاش حول سلاح المقاومة هو موقف مبدئي وشعبي ورسمي، نابع من التجربة والدم، وليس فقط من الموقف السياسي. فالسلاح، في ظل واقع الاحتلال والمجازر، لم يعد خيارًا بل ضرورة وجودية، وصوتًا أخيرًا في وجه عالم أصمّ.