امريكا __ السعودية __ غزة __ الحرب __ صوت جرش
كشف هاني المصري، رئيس مركز مسارات للدراسات، عن كواليس جديدة تتعلق باليوم التالي لقطاع غزة، مشيرًا إلى وجود عروض سعودية سابقة لتنصيب نائب للرئيس، ومحاولات أمريكية لتشكيل لجنة إسناد عبر شخصيات اقتصادية.
جاء ذلك في لقاء سياسي نظمه مركز الدراسات السياسية والتنموية في غزة، يوم الإثنين، بعنوان "مقاربات الوضع الفلسطيني الداخلي".
وأوضح المصري أن مصر طرحت مبادرة لتشكيل "لجنة الإسناد المجتمعي"، حصلت على موافقة أمريكية وأوروبية، حيث اتصلت واشنطن بشخصيات فلسطينية بارزة لتنفيذها.
وأشار إلى أن الهدف الأساسي لهذه اللجنة هو إدارة شؤون قطاع غزة عبر آليات محددة تشمل التعليم، الصحة، الاقتصاد، والإعمار. لكن اللافت أن الورقة المصرية خلت من قضايا الأمن والتمويل، مما دفع القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، إلى عدم الموافقة على المبادرة.
وبين المصري أن عباس يعارض أي ترتيبات قد تنتقص من سلطاته أو تمهد لبدائل تهدد وجود السلطة الوطنية.
وفي السياق، كشف عن تحرك أمريكي قاده مسؤول في وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، بالتعاون مع شخصية اقتصادية معروفة، لتشكيل لجنة إسناد يكون مقرها القاهرة، حيث وافق الأخير على إبلاغ عباس الذي رفض بدوره هذا المقترح.
ورجحت شخصيات في اللجنة المركزية لحركة فتح أن التواصل تم مع شخصيات أخرى، لكنها لم تبلغ عباس بذلك.
وأوضح المصري أن هناك حديثًا عن ثلاث لجان: أولها مصرية، وأخرى أمريكية تريدها واشنطن مؤقتة، وثالثة إسرائيلية ترغب في أن تكون دائمة.
عروض سعودية!
وكشف عن عرض سعودي تقدم به ولي العهد محمد بن سلمان لرئيس السلطة الفلسطينية أربع مرات، يقضي باختيار نائب له مقابل 100 مليون دولار شهريًا، تدفع السعودية منها 40 مليون دولار. لكن عباس اعتذر بسبب رفض اللجنة المركزية لحركة فتح لهذا العرض، ثم اقترح ابن سلمان احتضان اجتماع اللجنة المركزية في الرياض، لكن عباس رفض أيضًا.
وأكد المصري أنه منذ بدء التصعيد الأخير، يتضح أن الهدف الرئيسي للاحتلال الإسرائيلي هو توجيه ضربة قوية للمقاومة الفلسطينية، متخليًا عن فكرة القضاء عليها بالكامل. فـ(إسرائيل) لا تريد أن تكون غزة مصدر تهديد دائم، لكنها تسعى إلى إبقائها تحت السيطرة، بحيث تستطيع التدخل متى أرادت، كما حدث في لبنان وأثناء الانتفاضة الثانية.
وذكر أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواجه تحديات عديدة، من بينها تحقيق "نصر حاسم" لتعويض الإخفاقات التي ظهرت منذ السابع من أكتوبر. نتنياهو يخشى أن يؤدي وقف الحرب دون تحقيق نتائج ملموسة إلى تقويض موقفه الداخلي والدولي، ورغم محاولاته للحصول على دعم الولايات المتحدة، خاصة من إدارة ترامب سابقًا، فإن الحسابات الإقليمية والدولية تُعقّد المشهد.
وفي غضون ذلك، عدد المصري سيناريوهات المرحلة المقبلة:
صفقة تبادل الأسرى: تُعدّ المقاومة الفلسطينية عاملًا رئيسيًا في المفاوضات الجارية، حيث تبدي مرونة كبيرة لضمان تحقيق إنجاز يُخفف من معاناة الشعب الفلسطيني. ومع ذلك، يسعى نتنياهو لعرقلة أي صفقة تظهر المقاومة بمظهر القوة أو تحقق مكاسب شعبية.
ضرب إيران: يتردد في الأوساط الإسرائيلية احتمال تنفيذ ضربة عسكرية ضد إيران خلال الأيام المقبلة، ما قد يخفف الضغط عن غزة لكنه يفتح المجال لتصعيد إقليمي أوسع.
إدارة غزة: السيناريو المطروح يشمل الإبقاء على وجود إسرائيلي في بعض المواقع الاستراتيجية داخل القطاع، مع الاحتفاظ بحق التدخل العسكري متى أرادت (إسرائيل)، ما يجعل السيادة الفلسطينية محل تساؤل.
وخلص المصري إلى أن المشهد معقد ومليء بالتناقضات، حيث تتصارع الأطراف المحلية والدولية على فرض أجنداتها. المقاومة الفلسطينية تواجه تحديًا كبيرًا للحفاظ على قوتها وتأثيرها، بينما تحاول السلطة الفلسطينية التمسك بموقعها وسط ضغوط متعددة. يظل الدور المصري والأمريكي محوريًا، لكن تحقيق انفراجة حقيقية يتطلب توافقًا فلسطينيًا داخليًا قبل أي شيء آخر.