قالت صحيفة "هآرتس" العبرية، إن الشرطة العسكرية الإسرائيلية بدأت بالتحقيق في حالات تثبت بأن قوات بالجيش الإسرائيلي أجبرت مدنيين فلسطينيين في غزة على العمل كدروع بشرية خلال عمليات عسكرية، مما عرض حياتهم للخطر.
ويأتي ذلك، بعد تلقي النيابة العسكرية تقريرًا من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، صدر في يناير الماضي، وثّق هذه الممارسات التي وُصفت بأنها مخالفة للقانون الدولي.
وكشف تقرير الصليب الأحمر جرائم قتل عشوائي ارتُكبت بحق مدنيين في غزة، بإشراف ضباط إسرائيليين رفيعي المستوى.
ووفق التقرير، فقد قُدّمت إلى قائد القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي، يارون فينكلمان، شهادات لمدنيين أُجبروا على العمل كدروع بشرية تحت تهديد مباشر باستهدافهم مع عائلاتهم إن رفضوا الامتثال لأوامر الجيش، وقد تم دعم هذه الشهادات بصور ومقاطع فيديو موثقة.
وأوضحت "هآرتس"، أن التحقيق يتناول حوادث تورط فيها جنود "إسرائيليون" على طول ممر نتساريم في غزة، كما يشمل 6 حالات أجبر فيها جنود "إسرائيليون" مدنيين فلسطينيين على العمل دروعا بشرية، مما عرضهم للموت.
وقالت، إن "الجنود أطلقوا على الضحايا مصطلح "شاويش" (الخدم)، حيث تعرضوا للضرب الممنهج، والحرمان من الطعام والماء، والنوم في أماكن غير آدمية، بينما تُنقل ملفاتهم بين الوحدات العسكرية دون محاكمة. كما أُجبر بعضهم على ارتداء ملابس طبية للتجسس داخل مستشفيات غزة".
وهذا السياق، اعترف جنود الاحتلال بأن القيادات العليا، بما في ذلك رئيس الأركان هيرتسي هليفي، كانوا على علم بهذه الممارسات، لكنهم تجاهلوا احتجاجات الجنود.
وأكد أحد الجنود: "كنا نُعلم أن استخدام الدروع البشرية ليس قرارًا فرديًا، بل سياسة مُعتمدة من قادة الألوية".
ولفتت هآرتس إلى أن التحقيق أورد حادثة أصيب فيها مدني برصاصة في ظهره عندما رفض طلب جندي الدخول إلى مجمع يشتبه في أنه مفخخ.
ونقلت "هآرتس" شهادات لجنود إسرائيليين أكدوا أنهم كانوا شهود عيان على هذه الممارسات، وأشاروا إلى أن ألوية "ناحال" و"غفعاتي" و"الكوماندوز" كانت مسؤولة عن غالبية الحالات التي تم التحقيق فيها، وأن هذه الانتهاكات كانت سياسة ممنهجة وليست تصرفات فردية.
وقال جندي آخر: "في الجيش الإسرائيلي يعلمون أن هذه الممارسات لم تكن مجرد تصرف فردي من قبل قائد سرية صغير ومتهور، بل كانت سياسة يتم تنفيذها بعلم قادة الألوية. حاول بعض الجنود طرح أسئلة حول هذه الإجراءات، لكن الضُبّاط منعوا أي نقاش في الموضوع، وقالوا لنا إن حياتنا أهم من حياة الفلسطينيين".
وفي شهادة أخرى، أوضح أحد الجنود كيف تم تحويل فلسطينيين إلى دروع بشرية، قائلًا: "كان أحدهم في العشرينيات والآخر يبلغ من العمر 16 عامًا. قيل لنا إن علينا استخدامهما كدروع بشرية، وأكد لنا أحد الضباط: لا تضربوهما كثيرًا، فنحن بحاجة إليهما لفتح الطريق أمام الجنود.
وأضاف جندي آخر أن هؤلاء المدنيين ليسوا مشتبهين بأي شيء، ولا يتم التحقيق معهم، بل يُحتجزون لأيام أو حتى لأسابيع، وينقلون بين الوحدات المختلفة. وخلال فترة احتجازهم، يُجبرون على النوم في أماكن غير مخصصة للنوم، ويتناولون الطعام فقط إذا رمى لهم أحد الجنود شيئًا يأكلونه. كما يتعرضون للعنف الدائم، حيث يتم ضربهم وإذلالهم بشكل متكرر.
وأشار الجندي إلى أن بعض الجنود كانوا يتعاملون معهم بعنف مفرط، مضيفًا: "يمر الضباط بجانبهم أحيانًا ويوجهون لهم ضربات بالخُوَذ على رؤوسهم. يمكن لأي جندي غاضب أو سمع شيئًا يزعجه أن ينهال عليهم بالضرب، دون أي مساءلة، وكل وحدة تقريبًا تحتجز "شاويشًا" لديها".
وفي تحقيق للشبكة الأميركية، قال جندي في "جيش" الاحتلال، إنّ "وحدته احتجزت أسيرين فلسطينيين لاستخدامهما دروعاً بشرية لاستكشاف الأماكن الخطرة"، مضيفاً أنّ "هذه الممارسة منتشرة بين الوحدات الإسرائيلية في غزّة".
وبحسب نتائج تحقيق الشبكة، فإنّ "بروتوكول البعوض، كان منتشراً على نطاق واسع في مختلف أنحاء قطاع غزّة: في شمال غزّة، ومدينة غزّة، وخان يونس، ورفح".
وأشارت شبكة "سي إن إن"، إلى أنّ خطف الفلسطينيين لم يكن مقتصراً على البالغين فقط، بل قال محمد شبير، 17 عاماً، الذي وقع أسيراً لدى "جيش" الاحتلال، بعد أن قتلوا والده وشقيقته خلال مداهمة منزلهم في خان يونس، إنّه "تم تقييدي بالأصفاد ولم أكن أرتدي أي شيء سوى ملابسي الداخلية".
وتابع: "لقد استخدموني كدرع بشري، واقتادوني إلى منازل مهدّمة، وأماكن قد تكون خطيرة أو تحتوي على ألغام أرضية".
وذكرت شبكة "سي إن إن أن شهادة الجندي الإسرائيلي و5 مدنيين فلسطينيين تظهر أنها كانت منتشرة على نطاق واسع في جميع أنحاء المنطقة في شمال غزة، ومدينة غزة، وخان يونس، ورفح. ويصف جميعهم كيف تم القبض عليهم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي وإجبارهم على دخول أماكن خطيرة محتملة قبل الجيش.
وأشارت الشبكة إلى أن هذه الممارسة شائعة جدا في الجيش الإسرائيلي وكانت تحمل اسم "بروتوكول البعوض"، مضيفة أن منظمة "كسر الصمت" التي توفر منتدى للجنود الإسرائيليين للتحدث والتحقق من شهاداتهم، زودتها بـ 3 صور للجيش الإسرائيلي وهو يستخدم الفلسطينيين دروعا بشرية في غزة.