نزل ريال مدريد لقاء أتلتيكو مع قائمة مثقلة بالإصابات في ظل الغياب المستمر لكارفخال وميليتاو والذي تبعته إصابة سيبايوس وإيقاف بيلينغهام، عدا إشراك فالفيردي الذي كان يعاني من الآلام، لكن كل هذا لم يخفف من حدة ريال مدريد، والأمر لم يكن يتعلق بقوة خطه الهجومي، في ظل تقديم مبابي وفيني لواحدة من أضعف مبارياتهما، لكن الحلول التي أوجدها الفريق أظهرت كم أن أنشيلوتي محظوظ بامتلاك كل هذه العناصر.
لقاء الديربي كان يسير بصورة متكافئة إلى أن بدأت لعبة التبديلات، وفي ظل كل الغيابات كان من المفترض أن تعاني دكة ريال، لكن العكس كان صحيحاً، بدا ميرينغي أقوى في دكته خصوصاً حين نزل لوكا مودريتش الذي حسّن تنظيم الفريق وقدرته على الاستحواذ ليسيطر أصحاب الأرض على الكرة، بعد أن كانت تدور أكثر بين أقدام لاعبي أتلتي في الشوط الأول، في الوقت الذي زاد فيه سيميوني من عجز فريقه في تغييراته، وخروج لينو وجوليانو الابن مع دخول مولينا وكالاغير أراح ريال مدريد كثيراً على الأطراف وجعل أتلتي مكشوفاً أكثر مما كان عليه في بداية اللقاء ليصبح إيقافه أكثر سهولة.
بالتأكيد لا يمثل لوكا لاعباً عادياً، ومن الطبيعي أن يكون أثره أكبر من أثر 5 بدلاء في أتلتي، لكن ما هو غير طبيعي أيضاً أن ينجح معوض بيلينغهام دياز في تسجيل هدف أسطوري أهان فيه دفاع الخصم الذي بدا أنه يتوقع من اللاعب التمرير بدل التسديد، ولو أن التألق ليس أمراً جديداً على دياز الذي قدم أداءً رائعاً الموسم الماضي، وأتبعه في التألق حين كان الفريق يحتاجه هذا الموسم.
ربما لو لم يصادف موعد عودة دياز لريال مدريد من ميلان قدوم بيلينغهام، كان النادي سيفكر في عدم الحاجة الى دفع مبلغ كبير لضم نجم جديد يلعب خلف المهاجمين، فلطالما أثبت دياز أنه قادر على صناعة الفارق في الملعب، خصوصاً أنه يقاتل بشكل جيد بدنياً، وجيد في التحكم بالكرة والصعود بها للأمام، ثم يضاف الى ذلك أهدافه المميزة والصعبة دائماً، لذا يمكن اعتباره لاعباً سيىء الحظ لوجوده مع بيلينغهام في فريق واحد، وهنا نفهم قوة دكة ريال مدريد التي ساعدت أنشيلوتي على استخدام هذه الورقة ببساطة، مع الاحتفاظ بلاعبين مثل إندريك وغولر على الدكة.
نقطة القوة التي تميز أنشيلوتي عن الكثير من المدربين هي ضبط أجواء الفريق، لا تسمع معه عن بديل يتذمر من الجلوس لفترة طويلة على الدكة، ولا عن لاعب غاضب بعد استبداله، ولا حتى أي تلميح في أي تصريح عن نية الخروج، دياز مثلاً كان أحد أقل لاعبي ريال مدريد مشاركة في بدايات الموسم الماضي، لكن غياب بيلينغهام عن بعض المباريات منحه الفرصة لإثبات ذاته وأصبح بعدها لاعباً يرغب أنشيلوتي في الاستعانة به بشكل متكرر.
على الطرف الآخر لم يجد سيموني بعد طريقة يجعل فيها فريقه يلعب كرة قدم أفضل ولو بقليل، معظم لاعبي الفريق يتسلمون الكرة للخلف، الجناح هو عبارة عن داعم للظهير أكثر من أن يكون داعماً للمهاجم، وحدهما ألفاريز ولينو يحملان شيئاً من كسر النمطية في فريق تشعر أن جميع عناصره يشبهون بعضهم في مختلف المراكز.
يملك سيميوني قالباً شبه محفوظ للتشكيلة وطريقة اللعب والتبديلات، واللافت أنه بعد كل هذه السنوات مازال هذا القالب يجلب نتائج إيجابية لكن الأكيد أن ريال مدريد وسط كل معاناته قادر على إيجاد حلول تفوق بكثير جمود أتلتيكو في الملعب.