في لقاء تلفزيوني مطول مع "التلفزيون العربي"، أجرى رئيس حركة حماس في الخارج، خالد مشعل، نقاشًا موسعًا حول عدة قضايا محورية تتعلق بعملية "طوفان الأقصى" والمستجدات على الساحة الفلسطينية والعربية.
وأكد مشعل خلال حديثه أن الوقت الحالي، حيث المعركة مستمرة، ليس الأنسب للتقييم النهائي للأوضاع، ولكنه أوضح أن القيادة تقوم بتقييم مستمر للمدخلات والنتائج على مدار الوقت، وقال: "في قلب المعركة ليس هذا وقت التقويم أو التقييم الشامل، ولكن القيادة دائمًا تقرأ النتائج والمدخلات لتسديد المسيرة".
وأشار مشعل إلى أن حركة حماس تسعى في الوقت الراهن إلى تحقيق الانتصار في معركة "طوفان الأقصى" ووقف العدوان على الشعب الفلسطيني، وأضاف: "الطوفان أعاد القضية الفلسطينية إلى الواجهة بعد أن كادت تموت نتيجة لصفقة القرن وسياسات الاحتلال الاستيطانية".
وأكد أن هذه العملية الاستراتيجية أوقفت مشروع هدم المسجد الأقصى وأربكت الكيان الصهيوني، وأعادت إحياء روح الأمة العربية.
وأضاف مشعل أن "الطوفان" كشف للعالم الوجه الحقيقي لإسرائيل وعرّى صورتها التي حاولت تلميعها على مدى سنوات.
وعن الخسائر التي تكبدها الشعب الفلسطيني في هذه المعركة، شدد على أن الدماء التي سالت من الأطفال والنساء هي ثمن باهظ، ولكنها تأتي ضمن معركة شرسة فرضها الاحتلال.
وأشار إلى أن المقاومة الفلسطينية تعمل ليس فقط على إدارة المعركة ولكن أيضًا على تخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني في غزة.
وتطرق مشعل إلى موضوع المقاومة بشكل عام، موضحًا أن القتال ليس هدفًا بحد ذاته، بل وسيلة دفاعية فرضتها ظروف الاحتلال.
وقال: "لو كنا نعيش في حالة استقلال، لكنا مشغولين ببناء دولتنا وخدمة شعبنا، لكن الاحتلال هو من فرض علينا المقاومة".
وأوضح أن المقاومة الفلسطينية هي رد طبيعي على الاحتلال الصهيوني الذي يستهدف الأرض والشعب والمقدسات.
وفي حديثه عن الاستراتيجية الإسرائيلية، أشار مشعل إلى أن الإنجازات التي حققتها إسرائيل في هذه المعركة لا تتعدى أن تكون تكتيكية، مثل عمليات الاغتيال أو الهجمات المحدودة، ولكنها على المستوى الاستراتيجي تكبدت خسائر فادحة.
وقال إن إسرائيل خسرت كثيرًا على الصعيد الدولي، حيث تضررت صورتها التي أنفقت عليها مليارات الدولارات لتحسينها، وأصبح الرأي العام العالمي، حتى في أمريكا وأوروبا، يثور ضد السياسات الإسرائيلية.
أما فيما يتعلق بالمفاوضات، كشف مشعل عن جهود حركة حماس بالتنسيق مع وسطاء مصريين وقطريين ودوليين لوقف العدوان على غزة.
وأكد أن حماس لم تقصر أبدًا في السعي لوقف العدوان وإغاثة الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن الحركة تعمل بالتنسيق مع جميع الفصائل الفلسطينية لدعم غزة وإدارة المفاوضات من أجل التوصل إلى تهدئة.
وأوضح مشعل أن من يعطل أي اتفاق هو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رغم موافقة الوسطاء الدوليين على المبادرات المطروحة.
وعن المقاومة الفلسطينية وعلاقتها بالشعب، أكد مشعل أن المقاومة ليست منفصلة عن الشعب الفلسطيني، بل هي جزء منه، وتستمد شرعيتها ودعمها من الحاضنة الشعبية.
وأشار إلى أن المقاومة تقدم للشعب الفلسطيني "فيديوهات رائعة تعكس الإرادة العظيمة" وتربك حسابات العدو.
وفي سياق آخر، تحدث مشعل عن التآمر الإسرائيلي على المنطقة العربية، مشيرًا إلى أن إسرائيل لا تستهدف فقط الفلسطينيين بل تسعى أيضًا لإحكام السيطرة على الضفة الغربية وتهجير سكانها إلى الأردن، معتبرة الأردن الوطن البديل.
وأضاف أن إسرائيل تسعى لتهديد الأمن القومي المصري من خلال مشاريع مثل قناة بديلة لقناة السويس وسد النهضة.
وأكد أن المقاومة الفلسطينية ليست فقط دفاعًا عن فلسطين، بل هي أيضًا دفاع عن الأمن القومي العربي ككل.
وتناول مشعل كذلك المحاولات الإسرائيلية للتآمر على الأردن وفقدان دوره في المسجد الأقصى، معتبرًا أن هذه المؤامرات تهدف إلى تهجير الملايين من الفلسطينيين إلى الأردن وتدمير الاقتصاد الأردني.
كما أشار إلى أن المشروع الصهيوني يستهدف الهيمنة على المنطقة بأسرها، وهو ما يتطلب من الأمة العربية التصدي لهذا المشروع بجدية.
وفيما يتعلق بالتدخل الإيراني، أوضح مشعل أن الرد الإيراني على الاعتداءات الإسرائيلية هو رد طبيعي في إطار الدفاع عن الحلفاء.
وقال إن إسرائيل بدأت العدوان على قادة المقاومة مثل إسماعيل هنية وحسن نصر الله، ولذلك فإن الرد من طهران وحزب الله هو دفاع مشروع عن حقوقهم وسيادتهم.
وفي ختام حديثه، شدد مشعل على ضرورة توحيد الصفوف العربية لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
وأكد أن العرب قادرون على بناء قوة استراتيجية تتراكم على مدى الزمن لتكون جاهزة لمواجهة أي تهديدات مستقبلية.
ودعا مشعل الدول العربية إلى دعم المقاومة الفلسطينية ليس فقط بالمساعدات الإنسانية، بل أيضًا من خلال دعم سياسي وعسكري حقيقي يمكنه تغيير ميزان القوى لصالح الأمة.