قررت الحكومة (الإسرائيلية) تمويل حربها على غزة من خلال فرض الضرائب وتحميل مستوطنيها تكلفة استمرارية حرب الاستنزاف في غزة.
ويبدو أن العام الحالي، 2025، سيكون ثقيلاً جداً على جيوب (الإسرائيليين)، على عكس العام الماضي، الذي موّلته الحكومة من ميزانيتها ومن خلال الاقتراض لدفع تكاليف الحرب.
تمر الحكومة (الإسرائيلية) بمعضلة تتعلق بالنفقات وكيفية تقليصها لصالح موازنة الجيش، مما خلق مشاكل أكبر داخل الائتلاف المتطرف الذي يقوده بنيامين نتنياهو.
حالة استقطاب
رفعت الحكومة ميزانية الجيش بمقدار 20 مليار شيكل سنوياً على الأقل، وهو ما يشكّل 1% من الناتج الإجمالي المحلي، لمدة عقد من الزمن.
جاءت ميزانية الجيش لعام 2025 بإجمالي 107 مليارات شيكل، بزيادة قدرها 65% عن مستويات ما قبل الحرب.
وقال مومي داهان، أستاذ الاقتصاد الإسرائيلي: "حتى الآن، لم يشعر الإسرائيليون مباشرة بتكاليف موازنة الحرب. أغلبها كان ممولاً من قروض حكومية. الآن، ستقلّل الحكومة من الاقتراض وستجمع الباقي من الناس".
عانى اقتصاد (إسرائيل)، الذي يبلغ حجمه 525 مليار دولار، من انخفاض السياحة وتباطؤ قطاع البناء، كما شهدت معظم الصناعات تقريباً نقصاً في العمالة، مع استدعاء عدد كبير من جنود الاحتياط إلى الخدمة.
وتقدّر الحكومة (الإسرائيلية) ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بـ 0.4% العام الماضي، وهو أحد أبطأ معدلات النمو في الاقتصادات المتقدمة.
ومن المتوقع أن يشهد عام 2025 تحسناً، لكن إجراءات التقشف قد تحدّ من هذا التحسن.
ويرى محللون أن التغيرات الجديدة ستزيد من الاستقطاب في المجتمع، الذي يشهد هجرة العمالة الماهرة، لا سيما أولئك الذين يخدمون في الجيش لفترات طويلة بالفعل.
ويتوقع مختصون أن تؤدي إجراءات التقشف إلى دفع المزيد من (الإسرائيليين) للهجرة إلى الخارج، في وقت تشير فيه الأرقام إلى تضاعف عدد الإسرائيليين الذين غادروا البلاد خلال العامين الماضيين، وفق بيانات حكومية.
خارج السيطرة!
في عام 2024، اقترضت (إسرائيل) أكثر من 260 مليار شيكل من الأسواق المحلية والدولية، وهو معدل قياسي، أدى إلى عجز في الموازنة بلغ 7.7%.
ولمنع الديون من الخروج عن السيطرة، تستهدف موازنة 2025 خفض العجز إلى حوالي 4.5%، وفقاً لتقرير "بلومبرغ".
وقالت "بلومبرغ" إن زيادة الضرائب والإجراءات المالية الأخرى لتعزيز مالية الحكومة ستجعل دولة الاحتلال واحدة من أغلى الدول في العالم من حيث تكلفة المعيشة.
وأضافت أن هناك إجماعاً بين (الإسرائيليين) على أن "هذا الألم ضروري لإبقاء إسرائيل آمنة"، لكن هناك انتقادات تتعلق بتجنب الائتلاف الحاكم لبعض التخفيضات التي قد تضر بالقاعدة السياسية لليمين.
ووفق صحيفة "غلوبس" العبرية، ستدفع العائلات التي تنتمي إلى نسبة 0.01% الأعلى ثراءً في إسرائيل، في المتوسط، ضريبة إضافية بقيمة 300 ألف شيكل في عام 2025، وفقاً لتقديرات وزارة المالية لقانون جديد دخل حيز التنفيذ في الأول من يناير/كانون الثاني.
يهدف القانون إلى توسيع تحصيل الضرائب من الأثرياء.
كما تسعى وزارة المالية إلى الوصول إلى جيوب عامة السكان، في محاولة لتقليص العجز في الميزانية الناجم عن الحرب، من خلال تجميد شرائح ضريبة الدخل ونقاط الائتمان، وزيادة مساهمات التأمين الوطني، وجمع يوم ترفيهي واحد من راتب كل موظف.
لكن هذه التدابير ليست تقدمية وليس لها تأثير يذكر على الأثرياء.
ووفق "غلوبس"، فإن نحو 2500 أسرة، تمثل أعلى 0.01% من سكان إسرائيل، تكسب كل منها أكثر من 20 مليون شيكل سنوياً، ويأتي نحو 90% من دخلها من الدخل السلبي، مثل أرباح الأسهم، وارتفاع قيمة العقارات، والاستثمارات في الأوراق المالية، والدخل من الإيجارات.
بالتالي، فإن معدل الضريبة الإضافية الجديد الذي يستهدف الأثرياء يركّز على الدخل من رأس المال وليس من الأجور.
ارتفاع أسعار الوقود
في سياق منفصل، ارتفعت أسعار الوقود في (إسرائيل) خلال شهر يناير الجاري بمقدار 8 سنتات ليصل إلى 7.20 شيكل للتر الواحد.
وقال موقع "كالكاليست" العبري، المختص بالشأن الاقتصادي: "سعر البنزين أوكتان 95 للوقود الذاتي سيكون 7.2 شيكل للتر في شهر يناير، بزيادة قدرها 8 سنتات مقارنة بسعره الشهر الماضي".
وأضاف الموقع: "السبب الرئيسي لارتفاع الأسعار هو زيادة الضرائب والضريبة غير المباشرة على الوقود، على الرغم من انخفاض أسعار الوقود في حوض البحر الأبيض المتوسط"