على مدار الأسابيع القليلة المقبلة، سيتوهّج موكب مذهل من الكواكب في سماء الليل، مما سيشكّل مشهداً سماوياً يمكن لكل من الهواة والمحترفين رصده بسهولة.
ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي أخيراً بظاهرة انتظام الكواكب كلّها في 25 حزيران 2025، بما يُسمّى بالـ Planet Parade أو موكب الكوكب، لتكون في خط واحد على جانب واحد من الشمس، ومرئية في سماء الليل. لكن هذا ليس صحيحاً، إذ سيكون هناك الكثير من الكواكب للمشاهدة في السماء ليلاً، ليس فقط في هذا اليوم لكن طوال الشهر الحالي وأوائل الشهر المقبل.
بحسب وكالة "ناسا"، على مدار الأسابيع القليلة المقبلة، سيتوهّج موكب مذهل من الكواكب في سماء الليل، مما سيشكّل مشهداً سماوياً يمكن لكل من الهواة والمحترفين رصده بسهولة. وستظهر أربعة كواكب، الزهرة وزحل والمشتري والمريخ، طوال الشهر في صف واحد في مشهد واحد شامل، وستكون ساطعة بما يكفي لرؤيتها بالعين المجرّدة في الساعات القليلة الأولى بعد الظلام. وفرص مشاهدة الكواكب المتعددة هذه ليست نادرة للغاية، وفق "ناسا"، لكنها لا تحدث كلّ عام؛ لذا فإن الأمر يستحق التحقق منها. هذا التكوين ليس "انتظاماً" غير عادي بل هو حدث شائع تظهر فيه الكواكب غالباً قريبة من بعضها البعض في السماء.
منذ بداية شهر حزيران، اقترب كوكبا الزهرة وزحل من بعضهما البعض أكثر فأكثر. وبلغت الظاهرة ذروتها في منتصف الشهر، عندما بدا الكوكبان وكأنهما "يبعدان عن بعضهما البعض بمقدار عرض إصبعين فقط" من منظور الأرض، رغم أنّ المسافة في الواقع كانت تبلغ مئات الملايين من الأميال.
يصل المريخ إلى "المواجهة" هذا الشهر؛ وهو عندما يقع مباشرة على الجانب الآخر من الأرض ومن الشمس، يشكل خطاً مستقيماً. هذا هو الوقت الذي يكون فيه الكوكب في أقرب نقطة إلى الأرض، مما يجعله يبدو في أكبر وألمع حالاته.
مصطلح "موكب الكواكب" هو مصطلح شائع يستخدمه الهواة، وليس مصطلحاً علمياً؛ فوفق "ناسا"، "موكب الكواكب" هذا ليس مصطلحاً فنياً في علم الفلك، لذا يمكنك تسميته ما تشاء! وانتظام الكواكب يحدث عندما يبدو أن العديد من الكواكب تصطفّ عن كثب في السماء من منظورنا على الأرض. وفي حين أن هذا الانتظام قد يبدو دراماتيكياً، فهو لا يعني أن الكواكب قريبة مادياً من بعضها البعض، بل إنها تصطفّ على طول مسار بصريّ مماثل في السماء.
الآن، بحسب "ناسا" تُسمى هذه الأحداث أحياناً "انتظام الكواكب"، وفي حين أنه من الصحيح أنها ستظهر على طول خط عبر السماء تقريباً، فهذا ما تفعله الكواكب دائماً. ويُطلق على هذا الخط اسم مسار الشمس، وهو يمثل مستوى النظام الشمسيّ الذي تدور فيه الكواكب حول الشمس.
بماذا تفيدنا مراقبة الفضاء؟
تقول دراسة بعنوان "Opportunity to view the starry night sky is linked to human emotion and behavioral interest in astronomy" إنّه قبل العصر الحديث، كانت النجوم في السماء الليلية مرئيّة بسهولة في جميع أنحاء العالم، لكن تلوّث الضوء خلق تباينات في فرصة رؤية هذه الأجرام الفلكية بالعين المجرّدة. وقد يؤثر هذا التغيير بشكل ملموس على السلوك البشري.
إلى ذلك، التواصل مع السماء ليلاً قد يحسن رفاهك، بحسب مجلة sky at night الصادرة عن شبكة BBC، إذ تورد في مقال بعنوان " Mental health benefits of stargazing and astronomy " أنّ النظر إلى النجوم ليلاً قد يشعرك وكأن ضغوطك اليومية أصبحت أخفّ، ولو موقتاً. وعندما تنبهر بما هو أمامك، سواء أكنت تراقب بالعين المجرّدة أم من خلال عدسة التلسكوب، يبدو لك أن مشاعرك السلبيّة تتبدّد، إذ يُمكن لمراقبة النجوم أن تساعدك في تحسين صحتك العقليّة ورفاهك. فقضاء الوقت في الطبيعة يعزّز المشاعر الإيجابية ويقلّل من التوتر، فيما تتطلّب مراقبة النجوم وعلم الفلك قضاء الوقت في الطبيعة، حتى لو كان ذلك لمجرّد القيام بجولة ليليّة تحت النجوم.
أيضاً، لدى رؤيتك لمناظر تفوق التصوّر وتذهلك، فإنك تشعر بالرهبة والعجب. وقد ثبُت أنّ شعور الرهبة هذا يقلّل الالتهاب ويخفّض معدّل ضربات القلب ويزيد من إفراز هرمون الأوكسيتوسين، مما يعزز المشاعر الإيجابية. ففي كتابه، كتب الدكتور داتشر كيلتنر، عالم النفس في جامعة كاليفورنيا، أن الرهبة ضرورية لرفاهنا -تماماً مثل الفرح والرضا والحب". وفي بحث له بعنوان " Effectiveness of Immersive Videos in Inducing Awe: An Experimental Study"، يشير إلى أنّ للرهبة فوائد صحيّة هائلة تشمل تهدئة نظامنا العصبي، وتحفيز إطلاق هرمون الأوكسيتوسين، وهو هرمون "الحب" الذي يعزز الثقة والترابط.
وتثبت دراسة بعنوان "Awe as a Pathway to Mental and Physical Health" أن الشعور بالروحانية والشعور بالارتباط بقوى خارقة للطبيعة، والتي غالباً ما يُنظر إليها على أنها إلهية، والانخراط في المعتقدات والممارسات الرسميّة للدين، مفيدان للعقل والجسد. وتم ربط الروحانية والتدين بصلات اجتماعية أقوى وبانخفاض القلق والاكتئاب.
في مقال نشرته جامعة American public، تورد أنّ استكشاف الفضاء الخارجي يلهمنا لتحسين أنفسنا، ويُظهِر فضول البشرية وعزمنا على إجراء البحوث والتغلب على التحديات. فقد غرست الصور الأيقونية للأرض كما نراها من الفضاء شعوراً بالترابط والوعي البيئي، ومن خلالها، طورنا تقديراً أعظم لجمال الأرض.