علت ملامح الغضب والقهر الأف الوجود داخل مخيمات النزوح في مواصي خانيونس مع بدء تبادل أخبار بين أهالي مدينة رفح الذين ذهبوا إلى تفقد بيوتهم وشوارع المدينة ومقدراتها التي شخوصها من اللحظة الأولى وكأن فنبلة ذرية انفجرت في كل رفح لتحولها إلى مدينة منكوبة لم يستوعب أهل المدينة ما الذي حدث فيها .
يقول أبو يوسف "55عاما" لم أتخيل بشاعة ما حدث في رفح وهى أخر المدن التي دخلها الاحتلال ، لكن ما حدث أن رفح تم اجتياحاها من كافة الأماكن على طول محور فلاديفيا ، على طول الحدود الشرقية ، وهذا فعليا اكبر اجتياح من حيث الرقعة الجغرافية .
صندوق أسود
ويضيف علاوة على أن رفح عادة هي مقبرة الغزاة وعادة ما يكون فيها صندوق أسود يحير الاحتلال لسنوات طويلة، منوها أن الانتقام من رفح هذه المرة جاء لأن معركة الحرب الرئيسية كانت من أحد بيوتها مع القائد يحيى السنوار الذى روى رفح بدمائه الطاهرة أرض رفح إكمالا لمسيرة الجهاد والتحرير.
ويقول أبو يوسف لـ" شهاب" : لقد دفعت رفح ثمنا باهضة فى هذه الحرب من دماء ابنائها ومن مقدرات المدينة ومن سيادتها ومقاومتها ، لكنها كالعادة المدينة التى تتشافى بسرعة معلنة البدايات الجديدة ، فهى رمز الجنوب وعادة ما يرمز الجنوب الى قوة التحمل وسرعة البناء والعودة وهذا فعلا ماذا سيحدث فى الايام والشهور المقبلة.
من جانبه يقول أبو أشرف " 65 عاما " ان ما حدث فى رفح انتقام كبير من جيش الاحتلال لأن أشد معارك المقاومة ضرواة كانت داخل المدينة، اضافة على ما تمثله رفح كأيقونة للصمود والسيادة باعتبارها البوابة الجنوبية للقطاع ومنها بدء غول الانفاق الذى لازال يثير حفيظة الحكومة الاسرائيلية وكل العالم لذلك كان شكل الدمار فيها مختلف واسع وكبير ولا غير مستوعب.
وينوه أبو اشرف أن أهل رفح أدرى بشعابها وأن الأيام القادمة ستكون عنونا للبناء وإعادة رفح إلى مجدها وجمالها وعنفوانها وما تم تدميره سيتم بناءه من عرقأبناءها ، وأن هذه الحرب لها ما بعدها على واقع الغزيين بصفة عامة .
من جانبه أعلن رئيس بلدية رفح أحمد الصوفي مدينة رفح في جنوب قطاع غزة منطقة منكوبة، بعد 470 يوما من حرب الإبادة التي تعرضت لها من قبل العدوان الإسرائيلي.
وأوضح الصوفي -خلال مؤتمر صحفي في رفح- أن رفح تحولت إلى ركام وحطام بفعل العدوان الوحشي الممنهج، حيث هجر أهلها قسرًا ودمرت منازلهم ولم يسلم حجر ولا بشر.
وأضاف أن ما شهدته رفح ليس مجرد عملية عسكرية، بل فصل من فصول الإبادة الجماعة والتطهير العرقي الذي يهدف الى محو كل معالم الحياة حيث أبيدت أحياء بكاملها ودمرت البنية التحتية وجرفت الشوارع وأصبحت المدينة غير صالحة للحياة.
رفح منكوبة
وأوضح أن التقديرات الأولية لنتائج الكارثة يمكن تلخيصها أن 30 مقر لبدية رفح رفح من أصل 36 دمرت بالكامل بما في ذلك مبنى البلدية الرئيس ، و 60% من منازل المدينة سويت بالأرض، وهو ما يعادل 16 ألف بناية تحوي 35 ألف وحدة سكنية تم تدميرها اضافة الى 15 بئر مياه من أصل 24 دمرت بالكامل .
وأشار الصوفي الى ان 70% من شبكات الصرف الصحي تعرضت للتخريب مما حول المدينة إلى بيئة موبوءة بالأمراض والأوبئة.، فيها 291 مترا طوليامن الشوارع والطرق دمرت وجرفت بالكامل، علاوة على تدمير 4 مدارس بشكل كامل، إلى جانب أضرار جسيمة في بقية المؤسسات التعليمية وخروج 9 مراكز طبية عن الخدمة نتيجة للدمار منها 4 مستشفيات (مستشفى أبو يوسف النجار الرئيسي، ومستشفى الولادة، والمستشفى الإندونيسي، والمستشفى الكويتي).
ويضيف ان 81 مسجدا من مساجد المدينة دمرت بالكامل، و47 مسجدا أخرى تعرضت لأضرار جسيمة، الى جانب آلاف الدونمات الزراعية جرفت والأشجار والدفئات تم إبادتها بالكامل ومحو جزء من المدينة على طول الحدود مع مصر، بطول 9 آلاف متر وعرض يتراوح بين 500 إلى 900 متر مما أدى إلى محو 90% من التجمعات السكنية في حي السلام والبرازيل ومخيم رفح.
وبحسب آخر تقييم للأضرار أجراه مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية (يونوسات)، فإنه حتى الأول من ديسمبر/كانون الأول تضرر أو دمّر ما يقرب من 69% من مباني القطاع، أي ما مجموعه 170 ألفا و812 مبنى.
وأحصى الباحثان الأميركيان كوري شير وجامون فان دين هوك، استنادا إلى تحليلات الأقمار الصناعية -ولكن باستخدام منهجية مختلفة- 172 ألفا و15 مبنى متضررا جزئيا أو كليا في القطاع حتى 11 يناير/كانون الثاني، أي ما يعادل، وفق حساباتهما، 59.8% من مباني القطاع.
وأدّت الحملة العسكرية التي شنّتها إسرائيل على القطاع ردّا على هجوم حماس إلى استشهاد 46 ألفا و788 شخصا على الأقل في القطاع، معظمهم من المدنيين، وفقا لبيانات وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس في غزة، والتي تعتبرها الأمم المتحدة جديرة بالثقة.
وخلال الحرب، استهدف جيش الاحتلال بصورة ممنهجة مستشفيات القطاع. وبحسب منظمة الصحة العالمية فإنّ مستشفى كمال عدوان -أحد المرافق الطبّية القليلة التي كانت تعمل في شمال قطاع غزة- أصبح "فارغا" و"خارج الخدمة" منذ استهدفته عملية عسكرية إسرائيلية كبيرة في أواخر ديسمبر/كانون الأول.
وتقول المنظمة الصحية الأممية أيضا إن 18 مستشفى فقط من أصل 36 مستشفى (50%) تعمل "جزئيا"، بقدرة إجمالية تبلغ 1800 سرير.
وفي 31 ديسمبر/كانون الأول، حذرت الأمم المتحدة من أن النظام الصحي في القطاع "على شفا الانهيار التام".
انتقام وإبادة
ويتبيّن من خلال الجمع بين بيانات مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية وقاعدة بيانات أوبن ستريت ماب الدولية (البيانات التعاونية والمفتوحة) أن 83% من مساجد القطاع تضررت جزئيا أو كليا.
ودفعت مدارس القطاع التي تُستخدم منذ بدء الحرب مراكز إيواء للنازحين، بما في ذلك تلك التي ترفع علم الأمم المتحدة الأزرق، ثمنا باهظا أيضا في الحرب، إذ يتهم الجيش الإسرائيلي حركة حماس باستخدام هذه المنشآت التعليمية مخابئ لمقاتليها.
وحتى الأول ديسمبر/كانون الأول، أحصت يونيسيف تضرّر ما لا يقلّ عن 496 مدرسة، أي ما يقرب من 88% من أصل 564 منشأة مسجّلة. ومن بين هذه المدارس 396 مدرسة أصيبت بقصف مباشر.
وبحسب صور التقطها مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية (يونوسات) في 26 سبتمبر/أيلول 2024، فإن 68% من الأراضي الزراعية في القطاع، أي ما يعادل 103 كيلومترات مربعة، تضرّرت جراء الحرب.
وفي محافظة شمال غزة، بلغت نسبة الأراضي الزراعية المتضرّرة 79%، وفي محافظة رفح 57%.
أما بالنسبة إلى الدمار الذي لحق بالأصول الزراعية (بما في ذلك أنظمة ريّ ومزارع مواش وبساتين وآلات ومرافق تخزين) فالنسبة أكبر من ذلك بكثير، إذ تراوحت حتى مطلع 2024 بين 80% و96%، وفقا لتقرير نشره مؤتمر الأمم المتّحدة حول التجارة والتنمية، في سبتمبر/أيلول.
وفيما يتصل بشبكة الطرق، فقد بلغت نسبة الضرر حوالي 68% من إجمالي طرق القطاع، إذ دمّر ما مجموعه 1190 كيلومترا وفقا لـ"تحليل أوّلي" أجراه يونوسات في 18 أغسطس/آب الماضي.
ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، تصل التكلفة الإجمالية لإعادة بناء ما دمرته الحرب إلى 40 مليار دولار أميركي.
وحسب التقديرات نفسها، فإن كمية الأنقاض في القطاع بلغت نحو 37 مليون طن، كما أن أكثر من 70% من إجمالي المساكن في غزة تضررت أو تم تدميرها.